حكايات حقيقية لسيدات عائدات من جحيم الظلمات

العدد الأسبوعي

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


1- "رجاء" تحاول الانتحار بسبب الشيخة آمال

روت رجاء بشير «29 عاما» أنها كانت ضحية الاستدراج، ففى عام 2012 عندما كانت طالبة بجامعة الأزهر كلية الطب، ألحت عليها صديقتها «منى» بالذهاب لحضور دروس دينية للشيخة «آمال» بأحد مساجد المطرية.

وقالت رجاء إنها انجذبت نحو الدروس الدينية وكانت تحفظ القرآن الكريم بسبب دراستها بالأزهر، فحرصت على حضور دروس الفقة فقط، ورغم ارتدائها «الخمار» أجبرت من جانب المُحفظة على ارتداء النقاب بحجة أنه الزى الشرعى بالإسلام، وعقب مرور شهرين على حضور الدروس، تسللت لها الأفكار السلفية التى تنادى بعدم ضرورة التعليم للمرأة وأن دراستها للطب لن تنفعها كون عملها كامرأة حراما فتركت دراستها وصبت اهتمامها نحو دراسة الدين والفتاوى التى تقدمها الشيخة «آمال».

وسرعان ما تحولت حياة «رجاء» من طبيبة واعدة متميزة فى دراستها، لفتاة تُحرم كل ما هو حلال، إلى أن حدثت خلافات كبيرة بينها وبين أسرتها التى كانت رافضة لتشددها، فعالجت هذا بتلاشى التعامل معهم، كما انقطعت عن دراستها 3 سنوات قضت حياتها خلالهما فى التعبد وقراءة القرآن وحضور دروس السلفيين.

ولكون «رجاء» أصبحت من المقربات للشيخة فقد رشحتها الأخيرة للزواج من ابنها الذى كان يعمل بائعًا بأحد محلات ملابس المحجبات، وبالفعل وافقت لأنها تعاملت وفقًا للتعاليم التى تتلقاها بالمسجد وتم خطبتهما، ثم اكتشفت أن ابن الشيخة يردد «ألفاظًا خارجة» ويتحدث إليها فى موضوعات جنسية وعندما قالت لوالدته فوجئت بها تبيح له ذلك طالما كان الغرض معرفة أخلاق خطيبته ومدى قوة محافظتها على نفسها من الفتنة، ومرت على تلك الخطبة 3 أشهر، حتى بدأت الأم فى التلميح لها بأنها غير مناسبة لمجاراة ابنها دون وضع حد له، وتم فسخ الخطبة دون سابق إنذار.

وكانت هذه الخطوة كالقشة التى أفاقت «رجاء» من غيبوبتها إذ انقطعت عن حضور الدروس الدينية ودخلت فى نوبة اكتئاب حاد محاولة الانتحار 3 مرات، لكنها وبمساعدة أسرتها نجت من كابوس التشدد الدينى، وعلمت أن السلفية قناع يتخذه مريدوها ظاهريًا لكن أفعالهم من الداخل مغايرة تماما، حتى قررت الخروج من هذا الجهل بقرار ارتداء الحجاب فقط والالتزام بتعاليم الأزهر، محاولة العودة للدراسة مرة أخرى ولكنها باءت بالفشل فاكتفت بعملها كممرضة فى أحد المستشفيات الخاصة لتدرك حينها أنها أضاعت حلمها من أجل سراب.

"فاطمة" تعاطت المخدرات لتتحمل ضرب "ضرتها" فى سن مبكر التحقت «فاطمة.ع»، ابنة الشيخ السلفى بقرية الحامول فى كفر الشيخ بقطار الزواج عن عمر 13 عاما، بحسب ما جرت العادة فى القرية آنذاك بزواج القاصرات، ولتشدد والدها ارتدت النقاب فى التاسعة من عمرها كباقى فتيات جيلها.

وتسرد «فاطمة» ابنة الأربعة وثلاثين عاما حكايتها بأنها أنجبت 3 أطفال قبل بلوغها سن الـ20، ليقرر زوجها الانتقال للعمل بمحافظة الجيزة، لتنتقل معه وأطفالها وسط مواجهتها مصيرا مجهولا، فبعد عامين قرر زوجها الزواج بأخرى، دون أن تبدى اعتراضًا على ما يفعل انطلاقًا من أن نشأتها فى منزل والدها كانت على ذات النحو فهو متزوج من ثلاث نساء وكلهن لم يعترضن على صنعه.

وتباشر «فاطمة» الحديث بأن ضرتها كانت على عكس نساء قريتها كما جرت العادة، فلا هى تتعاون فى شئون المنزل، ولم تنجب أطفالاً تنشغل بهم فى حياتها فكانت «المدللة» دائما، بل وتفرغت بضربها كلما اعترضت على أمر ما وعند الشكوى لزوجها يلاحقها بالضرب أيضًا.

استمرت تلك المشاكل قائمة طيلة عام كامل، لجأت خلاله لأهلها الذين كانوا يبيحون ضربها من زوجها طالما كان هذا فى صالح استقرار حياتهم بل ويعتبرونها «ناشزا» تستحق العقاب، إلى أن أضلت الطريق باللجوء إلى المسكنات لتحمل الضرب، حيث لاقت ضالتها فى عقار «الترامادول» الذى دلها عليه صيدلى بحجة مفعوله القوى، إلى أن أصبحت مدمنة، لمدة 4 سنوات، وعندما اكتشف زوجها الأمر، طلقها وحرمها من أطفالها وقام بفضحها وسط عائلتها.

ووجدت «فاطمة» من هذا الموقف طريق النجاة لتخرج من عباءة العائلة وتقرر العيش بمفردها فى القاهرة، ولجأت إلى مستشفى لعلاجها من الإدمان، وبمرور الوقت اكتشفت أن والدها انتهك حياتها تحت اسم الدين وأن زوجها حرمها من متعة الحياة بسبب تشدده واستغل الدين لضربها، وهى الآن تعمل بأحد المصانع للإنفاق على نفسها وقضاء احتياجاتها.

2- فتاة تهرب من أهلها للجهاد

«دول 5 سنوات جحيم».. هكذا بدأت «ج.ع» روايتها، التى بدأت بالتعرف على شاب فى مظاهرات رابعة ووقتها لم تكن تنتمى للفكر الإخوانى أو السلفى، بل خرجت لتلك التظاهرات بدافع العاطفة، حيث انضمت لجروب عبر «فيسبوك» كان يقدم المساعدات والخدمات الطبية للمعتصمين.

وداخل هذا الجروب يتواجد الشاب «عمار» الذى ارتبطت به وأصبح فيما بعد زوجها والذى حرضها على الهروب من أهلها بوازع معاونته على الجهاد، وكان عمار الشاب السلفى، منتميا لحركة «حازمون» وعند إعجابها به عرضت على أهلها الانضمام للاعتصام لكن طلبها قوبل بالرفض فكان الهروب قرارها حتى تزوجت من «عمار» فى أيام الاعتصام.

وعقب فض الاعتصام، عاشت «ج.ع» فى منزل عائلة زوجها السلفية لتجد نفسها وحيدة وسط طباع لا تعلم عنها شيئًا، قائلة: «الست عندهم ولا حاجة، الحشرة ليها قيمة عنها، 5 سنين ضاعوا من عمرى وأنا بتعذب وخايفة أرجع لأهلى مكسورة».

وخلال تلك السنوات لم تنجب إسراء طفلا يشغلها عن مرارة ما تواجهه، وتعرضت لانتهاكات لا يتحملها بشر من أجل الإنجاب، حيث عرض زوجها عليها أن تذهب إلى شيخه كى يدعو لها وعندما ذهبت إلى الشيخ الكبير طلب من زوجها أن يجلس معها على انفراد، وطلب منها أن تهدأ وتروى له كل ما يدور بداخلها، وحلمها من أجل إنجاب الطفل.

ومع تكرار الجلسات مع الشيخ بدأ يحدثها فى أمور خاصة جدا ومراودتها عن نفسها من أجل الإنجاب ووصل الأمر أن طلب منها أن يطلقها من زوجها ليتزوجها هو ليحقق لها حلم الإنجاب.

وبعد تلك الواقعة صارحت زوجها بنوايا شيخه، فلم يصدقها بل قام بضربها وتعذيبها وإجبارها على الذهاب لجلسات الشيخ، ولما حاولت الهروب كانت نصيبها الضرب المبرح الذى أدى بها إلى عاهة مستديمة دخلت على إثرها المستشفى لمدة 40 يوميا، وتلك الواقعة ساعدتها قانونيا لرفع دعوى خلع على زوجها لتنال حريتها من هذا الجحيم.