منال لاشين تكتب: في الإسلام.. امرأة واحدة تكفي

مقالات الرأي



شيخ الأزهر أكد أن التعدد ليس الأصل وأنه رخصة يجوز استخدامها بشروط

عندما بلغت إحدى الصديقات الأربعين عاما قرر زوجها أن يتزوج عليها، وبرر هذه الرغبة بالاقتداء بالرسول الكريم، فردت عليه الزوجة «لماذا لا تقتدى برسولنا عندما امتنع عن الزواج على السيدة خديجة لأكثر من عشرين عاما، ولماذا لا تقتدى بالرسول حين أصر ألا يتزوج سيدنا على بن أبى طالب على ابنته السيدة فاطمة فرد زوجها: بس أنت مش السيدة خديجة ولاستنا فاطمة، فقالت له: وأنت مش الرسول طلقنى.

صديق لى من أيام الجامعة أخبرنا أنه قرر أن يتزوج فتاة شابة على زوجته، صدمنا لأننا كنا شهودًا على قصة حبهما الجارف أيام الجامعة وكفاحهما معا للزواج وبعد الزواج، وفى تبرير خيانته لزوجته، قال صديقنا: إن الأصل فى الإسلام تعدد الزوجات، ولأن زوجة صديقنا طيبة، فلم تمض أيام على كلام صديقنا حتى ظهر الأمام الأكبر الشيخ الطيب فى برنامج تليفزيونى، وأكد أن الأصل ليس التعدد، وإنما الإسلام أباح التعدد بشرط القدرة على العدل بين الزوجات، وقال الشيخ الطيب إن الأصل أن يتزوج الرجل زوجة واحدة فإن وجد ما يوجب التعدد فله أن يتزوج، ولم نكذب خبرا وطلعنا روح صديقنا بكلام الإمام الأكبر، وكل واحد أو واحدة فى الشلة عمل نفسه شيخ وسألناه عن الضرورة للتعدد فى حالته، ومن كتر الزن قرر صديقنا أن يعدل عن فكرة الزواج بفتاة شابة.

1- تعدد السلفيين

قال شيخ سلفى شهير: إن الرجل إذا أحب زوجته تزوج عليها مثنى وثلاث ورباع، وإن الزوجة التى تغضب لزواج زوجها بامرأة أخرى عاصية.

يبدو أن هذا الشيخ مثل غيره من المشايخ تعمد إخفاء الكثير عن مريديه خاصة من النساء.

لم يقل لهن مثلا إن السيدة فاطمة ابنة الرسول صلى الله عليه وسلم غضبت غضبا شديدا لأن زوجها سيدنا على بن أبى طالب فكر، مجرد فكر فى الزواج عليها، وذهبت إلى أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم شاكية وقالت: إن القوم يقولون إنك لا تغضب لبناتك، لم ينهرها رسول الله أو يدعوها لقبول الضرة، وقال إن فاطمة مضغة منه يؤذيه ما يؤذيها، وفكرة أو تبرير أن رفض الرسول زواج سيدنا على على ابنته فاطمة لأن (على) اختار أن يخطب ابنة مشرك لا تكفى وحدها لتفسير غضب الرسول أو غضب ابنته فاطمة، ففى القرآن (لاتذر وازرة وزر أخرى) فما ذنب امرأة مسلمة أن أباها كافر أو عدو الله، وفلو كان الرفض يتعلق بشخصية الزوجة الثانية، لهان الأمر وتزوج سيدنا على بامرأة أخرى والدها مسلم، ولكن ما حدث أن سيدنا «على» لم يتزوج على السيدة فاطمة طوال حياتها، وتزوج بعد وفاتها بأكثر من زوجة، ولذلك فإن السبب الرئيسى لغضب الرسول خوفه على ابنته من آثار الزواج عليها، وقد قال بعض أصحاب العلم إن هذا المنع خاص ببنات الرسول خاصة فاطمة لمكانتها عند أبيها، بل ذهب بعضهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد يكون اشترط على «على» بن أبى طالب ألا يتزوج على فاطمة لأنها بعض منه يؤذيه ما يؤذيها.

2- السيدة خديجة

ولعل ما يؤيد أن الرسول كره أن تؤذى ابنته فاطمة بالضرة ما فعله رسول الله مع زوجته الأولى السيدة خديجة، فرسولنا الكريم لم يتزوج بأخرى طوال حياة السيدة خديجة، وذلك على الرغم من تعدد الزواج كان معروفًا عند العرب، ولم يكن له حد أقصى قبل تحريم الإسلام الزواج بأكثر من أربعة (مثنى وثلاث ورباع)، ولو كان التعدد محمودا وواجبا كما يقول لنا بعض الشيوخ، فقد كان من الأولى أن يعدد الرسول الكريم زوجاته مع السيدة خديجة، ولكن الرسول الكريم لم يفعل إكراما للسيدة خديجة، وفى كتب الأولين أن الرسول صلى الله عليه وسلم خشى عليها من أن تتضرر لو تزوج عليها، وقيل إكراما لها لأنها أول من أسلمت، السؤال لشيوخنا إذا كان عدم زواج الرسول على السيدة خديجة إكراما لها، فهل زواج الرجل على زوجته بثانية أو ثالثة يكون من سبيل الإكرام؟

3- أصل أم استثناء

ولم يحرم شيخ الأزهر الطيب تعدد الزوجات بل رفض فى أحد مؤتمراته النص على منع التعدد، ولكن ما قاله الشيخ الجليل وقلب الدنيا عليه، أن التعدد ليس الأصل، فالأصل الاكتفاء بزوجة واحدة، والتعدد رخصة يجوز استخدامها بشروط، وهى العدل فى كل أشكاله بين الزوجات وعدم ظلم الأولاد.

4- التحريم المخفى

وفى قضية التعدد سوف تجدد عشرات بل آلاف الآراء عن الترغيب ووجوب تعدد الزوجات وإباحته، ولكننا قلما نجد الآراء الفقهية فى تحريم تعدد الزوجات، منها مثلا عدم القدرة المالية على الجمع بين زوجتين بحيث تظلم الزوجة الأولى وأولادها، وعدم القدرة على العدل المشروط فى القرآن، مثل أن تكون إحدى الزوجات تسكن مع الزوجة فى بيته بنفس المكان بينما تسكن الأخرى فى محافظة بعيدة عنه، فلا يستطيع فى هذه الحالة العدل بين الزوجتين، ولعل ذلك ما دفع دول إسلامية مثل المغرب والجزائر أن تضع شروطًا للزواج الثانى أو التعدد، فيتقدم الرجل بطلب إلى الجهة المنوط بها للزواج على زوجته، وتبحث هذه الجهة فى مدى إمكانية تحقق شرط العدل، وعدم إيذاء الأولاد من الزواج الثانى، وتناقش الزوجة فى رغبة زوجها الزواج عليها، ففى المغرب والجزائر يأتى الحرص على كيان الأسرة لمصلحة الأولاد فى المقام الأول، لأن الرجل الذى يكفى احتياجات أولاده بالكاد أو يعجز عن الوفاء باحتياجاتهم لو تزوج بأخرى فإن تكاليف الزواج ستؤثر حتما على ما ينفقه على أولاده، ولذلك فعندما يتقدم زوج بطلب الزواج الثانى أو الثالث، فإن الهيئة المنوط بها تدرس أول ما تدرس قدرته المالية، ثم قدرته الصحية، ثم سبب أو أسباب رغبته فى الزواج الثانى أو الثالث، وربما بعد كل هذه الخطوات يعود الرجل إلى رشده ويكتفى بزوجته وأولاده ويحمد الله على ما حباه به من أسرة.