"فقط في مصر".. تعرف على أول مظاهرة عمالية سلمية في التاريخ
عرفت أوروبا هذا الحق عام ١٧٦٨م، عندما قام بحارة في إنجلترا بشل حركة السفن بأحد الموانئ ليعبروا عن تأييدهم لمظاهرات في شوارع لندن وكانت المكسيك أول دولة يضمن دستورها هذا الحق ١٩١٧م.
وقال مجدي شاكر كبير أثريين بوزارة السياحة والآثار، إن المصري القديم سبق الدنيا كلها في احترام حق العامل في الاعتراض وإعطاء المصري كل حقوق الإنسان قبل أن يفكر فيها العالم بالأف السنين ولنا أن نفتخر أن هؤلاء كانوا أجدادنا.
كانت أول مظاهرة في تاريخ العمال بمصر القديمة بقرية دير المدينة، الواقعة الآن غرب مدينة الأقصر، حيث عرف عمال مصر القديمة المظاهرات العمالية في عهد تشييد مقابر وادي الملوك وتدرج الاعتراضات وسلميتها وفي أماكن العمل وعدم تخريب المنشآت.
في الشهر السادس من عام 29 من حكم رمسيس الثالث، تظاهر العمال على نقاط حراسة المقبرة ومن أمام أعين الحراس الموجودون واعتصموا خلف معبد الملك تحتمس الثالث وحاول مسئولو إدارة جبانة طيبة الغربية إقناع العمال المتظاهرين وإدخالهم داخل المعبد لمناقشة مطالبهم ولكن العمال المتظاهرين رفضوا.
في اليوم التالي دار العمال المتظاهرين حول السور المحيط بمعبد الرامسيوم ووصلوا الي السور الجنوبي، وجاء لهم الكاتب بنتاورت لكي يسكتهم وأعطاهم خمس وخمسين كعكة، إلا أن العمال جاءوا إلي معبد الرامسيوم ثانية واعتصموا بعد جدالهم مع كهنة المعبد.
واستمر العمال المتظاهرون يعرضون مطالبهم في توفير المأكل والمشرب والملبس وطالبوا بعرضها علي فرعون مصر رمسيس الثالث او وزيره" تو"، إلي أن طلب رئيس الشرطة منتومس من العمال المتظاهرين التجمع من أجل قيادتهم للاعتصام في معبد سيتي الأول بالقرنة.
بعدها قررت الإدارة صرف نصف زكيبة قمح لكل واحد من العمال المتظاهرين كما أعطت لهم خمسين إناء بيرة، ولكن هذا لم يفي بحاجة العمال فلجئوا الي طريقة جديدة وهي المظاهرة والاعتصام في الليل باستخدام أسلوب جديد تعبيرا عن التظاهر والاحتجاج وهو حمل المشاعل.
وبعد محاولة رئيس الشرطة الجديد نب سمن مقابلة الوزير " تو" أثناء مروره بالأقصر من أجل عرض مطالب العمال المتظاهرين عليه، غير أنه لم يستطع سوي إيجاد حل مؤقت وهو صرف نصف اجر من المتأخر وطلب من الكاتب حوري توزيعه عليهم، قام العمال المتظاهرون بالاعتصام بمعبد الملك مرنبتاح.
وقد تركزت مطالب العمال في صرف الأجور المتأخرة، محاربة الفساد الذي تفشي بين رؤسائهم، إيصال صوتهم إلى فرعون مصر ووزيره.
وتضمنت وسائلهم في التعبير عن مطالبهم في التجمع والتظاهر في أماكن العمل (المقبرة) والأماكن الدينية في أوقات النهار، الإضراب والتوقف عن العمل، الاعتصام نهارا بالإقامة في أماكن العمل او المعابد والاعتصام ليلا بالمبيت في الأماكن المذكورة او حمل المشاعل كوسيلة للتعبير عن الاحتجاج، عرض المطالب في إفادة مكتوبة أو شفاهة.