عمرو خالد: سنواجه التطرف والتخلف والتدين الظاهري بـ"حياة الإحسان"
قال الدكتور عمرو خالد الداعية الإسلامي، إن فكرة برنامج "منازل الروح" قائمة على سؤال كيف نعالج احتياجاتنا في الحياة؟، موضحًا أن فكرة المنازل جاءت من العرب قديمًا، حيث كانوا عند السفر ينزلون منزلًا للتزود، والراحة، ثم يكملون رحلتهم، ومن هنا كانت فكرة منازل الروح، والتي تحمل معاني روحية جميلة نعيشها في رحلتنا إلى الله لنكمل المسير.
وأضاف، في الحلقة الثامنة عشر من برنامجه الرمضاني "منازل الروح"، أن اشتقاق المنازل يعود أيضًا على المنزل الذي نسكن فيه، بيد أنها منازل للروح، وليست للجسد، وتهدف للوصول إلى الاستقرار، والاطمئنان، والراحة النفسية، وبذلك تكون رحلة روحية جميلة.
وأشار إلى أنه خلال الحلقات الماضية من البرنامج تم تناول منازل "التقوى واليقين والتوكل والتسليم والرضا"، ومتبقي منزلتان هما: "العبودية، وحب الله"، لافتًا إلى أن "كل منزلة تتزود فيها، وتكمل بها الطريق إلى الله للوصول إلى الهدف الرئيسي وهو منزلة الإحسان وهو أن تعبد الله كأنك تراه".
وأوضح خالد، أن الفكرة ليست قائمة على البرنامج، لكنها قائمة على مشروع روحي، قائلًا: "نريد أن نعيش بتلك المنازل، فنقدم حلولًا روحية وحلولًا عملية للمكروبين، والمحزونين، والخائفين في الحياة، خاصة وأن كل منزلة تعالج ألمًا وتحقق عائدًا، فتخفف المعاناة والتوتر وتضيف صفات قوة الشخصية إلى جانب جزء من منزلة الإحسان".
وتابع: "إن منزلة التقوى لو عشت بها يمكنك أن تحقق بها صفتين التحكم في الذات، والصدق والأمانة، وأيضًا منزلة اليقين يمكنك أن تحقق بها الإصرار على تحقيق الهدف، والعطاء بحب كأن تنفق مع اليقين بمردود هذا الإنفاق، كما أن منزلة التوكل على الله تمنحك الهمة، والأمل كصفتين لمن يتحلى بها".
وحث خالد على التحلي بمنزلة التسليم، قائلًا: "هذه المنزلة تمنحك البحث عن بدائل النجاح، وتحرر عقلك من المظلومية، وتمنحك سلامة الصدر من الغل والحقد والحسد، كما أن التحلي بمنزلة الرضا تمنحك الامتنان أن تتعود على العيش بالامتنان، وتأمل الجمال وتقدير الجمال وحب الجمال".
وأضاف، أنه يتبقى في عمر البرنامج منزلتان: "العبودية لله"، وهي أن تشعر أنك عبد لله، فتمنحك التواضع وتزرع صفة حب التعلم لإعمار الأرض لأنك ستعبد الله على مراده هو، وهو يريد تعمير الأرض بالعلم، ومنزلة "محبة الله" وهي تزرع في قلبك القدرة على محبة الكل، وحب كل الخلق لأنهم صنيع الله؛ وبذلك فإن تلخيص فكرة المنازل أن تعيش بذكر الله، فلا يمكن أن تمر على المنازل المختلفة إلى قلبك إلا عبر الذكر".
وقال خالد، إنه "مع كثرة ذكر لا إله إلا الله، يُخزن عقلك الباطن منزلة اليقين؛ فيكون عندك إصرار على النجاح والتميز، ومع ذكر الحمد لله يخزن عقلك الرضا؛ فيصبح في عقلك امتنان وحب للجمال، ومع كثرة ذكر لا حول ولا قوة إلا بالله يخزن في عقلك التسليم، والتسامح، ومع كثرة ذكر الله أكبر يأتي في عقلك العبودية، ومع كثرة ترديد أستغفر الله يتذكر عقلك الباطن تقوى الله فتحافظ على تقواك لله".
وكشف خالد عن هدفه من فكرة برنامج "منازل الروح"، قائلًا: "هو مشروع روحي حياتي مترابط يصلح حياتك، ويواجه المشاكل، ولدينا 7 منازل تنفعك وفق المشاكل التي تتعرض لها في حياتك، فبالترتيب بين المنازل السبعة تجد أن منزلتي التقوى، واليقين هما بناء الداخل، والذات، ثم ترتقي لمنازل التوكل، والتسليم، والرضا؛ لتتمكن من العيش في معترك الحياة، كما دعا إبراهيم النخعي، ربه فقال: "اللهم إني توكلت عليك واجتهدت في تربية أولادي فلم أقدر فسلمت لك أن تربي أولادي وإني لراض بما تقضي"؛ فجمع منازل التوكل والتسليم والرضا في دعوة واحدة، ثم تأتي منزلتا العبودية أن تشعر بمعني كلمة الله أكبر، أكبر من الدنيا وما فيها، ويجمع ذلك كله منزلة محبة الله لأن كل المنازل قائمة على فكرة الحب".
واختتم خالد، بقوله: "هدفنا العيش بحياة الإحسان لعبادة الله كأنك تراه فتعمل بإحسان وتعيش بإحسان وتعامل الناس بإحسان، وهذا هو المشروع الذي نأمل أن يتحول إلى طريقة حياة ونرى نماذج ناجحة في بلادنا تحت شعار "أنا من المحسنين"؛ فنجد المخترعين الذين تفاعلوا مع فكرة الإحسان، وعاشوا بها وأتقنوا عملهم وتفوقوا، ونجد أشكال التدين المحسن بدلًا من التدين الظاهري، فيعيش بروحانيات الإحسان، ويترتب على هذا كله نجاح في الحياة بالإحسان".
وخلص إلى القول: "نريد أن يرفع الجميع شعار "أنا عايش حياة الإحسان"، ولكم أن تتخيلوا لو أن 1 في المائة من أمتنا محسنون، فكيف ستتقدم أمتنا وبلادنا وكيف ستواجه التطرف، وكيف ستزيد عجلة الإنتاج، وكيف سيعيش الجميع التدين بالإحسان فيختفي التدين الظاهري الفارغ من الداخل".