اليوم الـ 16 من شهر رَمَضَان المُعَظَّم 1442هـ

أبراج

بوابة الفجر


الفصل الثانى: مناطق النفوذ والحدود/المساحات الخاصة بكل فرد

****المساحات الخاصة والملكية: السيارات:
على ما يبدو فإن السيارة وفى كثير من الأحيان تقوم بتعظيم وتكبير الشعور بخصوص موضوع المساحة الشخصية الخاصة للفرد عشرة أضعاف الحجم الطبيعى لمنطقة نفوذه المعتادة فى الحياة الطبيعية، حيث يبدو أن السائق يفترض بأنه يمتلك مساحة من 3 إلى 4 متر أمام وخلف سيارته الخاصة !

*يمكننا أن نتفق جميعاً على هذا المثال والذى نشاهده يومياً، إن قام أحدهم بالقطع بسيارته أمام سيارة شخص آخر(كَسَرْ عَلِيه) ليسرق الدور فى طابور المرور فإن الشخص المكسور عليه- حتى ولو لم يحدث أى ضرر- على الأرجح سوف تحدث له تغييرات جسمانية كبيرة ، سيستشيط غضباً ويبدأ فى السّباب والشتم ورُبّما تطور الأمر لإشتباك بالأيدى والأرجل ، إنه يعتبر أن مُجرّد أخذ دوره فى المرور أو قطع الطريق من أمامه إستيلاء أو سرقة أو غزو مُتعمد لمساحته الشخصية الخاصة الـ 3 أو 4 متر التى إشتراها لنفسه ويدعى ملكيتها !

*مُقارنة هذا الموقف بموقف مُشابه آخر، إن هممت بدخول المصعد(الأسانسير) وقام أحدهم بقطع الطريق أمامك ليأخذ دورك ويدخل قبل غلق الباب ، فجأة سوف يتوقف الرجل ويتحول الموقف لمشهد إعتذارى ويبدأ الرجل فى دعوتك لأن تدخل أولا قبله ، رغم أنه قام بالإعتداء على منطقة نفوذك الحساسة التى أمام جسدك (مثل السيارة تماماً) لكن يبدو أن السيارة تُعظّم من مبدأ إحساس الإنسان بذاته ونفوذه بـ 10 أضعاف ،كثير من الناس يعتبرون أن السيارة هى الشرنقة الخاصة أو درع السلحفاة التى يحتمون بداخلها من العالم الخارجى، كثير من الدراسات فى الولايات المُتحدة ربطت بين غريزة التملك للسيارة وتملّك الزوج لزوجته فإن كان مُهتماً بسيارته ويغسلها بالصابون بشكل دورى ففى الغالب ستكون زوجته فى حالة بدنية وذهنية مُمتازة وتلقى الرّعاية التامة من زوجها، والعكس صحيح !

*الخلاصة أن الناس قد يتقبلونك أو يطردونك ، يعتمد ذلك على إحترامك لمساحتهم ومناطق نفوذهم الخاصة،  لهذا السبب فإن الشخص المُتباسط (كثير المزاح) فى العمل والذى يقوم باستمرار بضرب زملائه على ظهورهم مُمازحاً ، هذا الشخص المُتباسط يكون مكروهاً من الجميع بشكل سرّى لإختراقه المُستمر ولمسه لأجساد زملائه ، علينا أن ندرك أن لكل شخص مساحته الشخصية الواجب إحترامها وأن نضع فى إعتبارنا الفروق الثقافية والبدنية وغيرها قبل القفز لأى إستنتاج أو إصدار الأحكام عن شخصٍ ما.

المصدر: كتاب الإشارات للكاتب آلان بيز 1981.