تفسير قوله تعالى :"حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ"

إسلاميات

حتى يلج الجمل في
حتى يلج الجمل في سم الخياط



قال تعالى في سورة الأعراف بالآية (40): "إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين"، واتفق العلماء أن "السم"، هو ثقب الإبرة، لكنهم اختلفوا في "الجمل".

ويرى العلماء، أن "الجمل" بفتح الجيم المراد به الحيوان المعروف، وهو ذكر الناقة، بينما إذا نطقت "الجُمل" بضم الجيم تعني حبل السفينة الغليظ أو الحبل الذي يصعد به إلى النخل. 

وورد عن ابن كثير أنه قال: "وَقَوْلُهُ: وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ هَكَذَا قَرَأَهُ الْجُمْهُورُ ، وَفَسَّرُوهُ بِأَنَّهُ الْبَعِيرُ، فيما قال ابن مسعود: هُوَ الْجَمَلُ ابْنُ النَّاقَةِ. وَفِي رِوَايَةٍ: زَوْجُ النَّاقَةِ. وَقَالَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: حَتَّى يُدْخَلَ الْبَعِيرُ فِي خُرْق الْإِبْرَةِ. 

وعلق الله تعالى دخولهم الجنة بولوج الجمل في سم الخياط، فكان ذلك نفيًا لدخولهم الجنة على التأبيد ، وذلك أن العرب إذا علقت ما يجوز كونه ، بما لا يجوز كونه ؛ استحال كون ذلك الجائزِ الكونَ ؛ كما يقال : لا يكون هذا حتى يَشِيبَ الغُرَاب، وحتى يَبْيَض القار، وكما قال الشاعر: إذا شَابَ الغُرابُ أَتَيْتُ أهْلي ... وصارَ القارُ كاللَّبنِ الحليبِ "، انتهى من "التفسير البسيط".
 
وضرب المثل بالجمل يحصّل المقصود ، والمقصود أنهم لا يدخلون الجنة ، كما لا يدخل الجمل في ثقَب الإبرة ، ولو ذكر أكبر منه أو أصغر منه: جاز. والناس يقولون: فلان لا يساوي درهماً، وهذا لا يغني عنك فتيلاً، وإن كنا نجد أقل من الدرهم والفتيل.

كما أن الجمل أكبر شأناً عند العرب من سائر الدواب، فانهم يقدِّمونه في القوِّة على غيره، لأنه يوقَر بحمله فينهض به دون غيره من الدواب، ولهذا عجَّبهم من خلق الإبل، فقال: أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ، فآثر الله تعالى ذكره على غيره لهذا المعنى.


وقوله عن أهل النار "وَلا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ" وهو البعير المعروف فِي سَمِّ الْخِيَاطِ أي : حتى يدخل البعير الذي هو من أكبر الحيوانات جسما، في خرق الإبرة، الذي هو من أضيق الأشياء، وهذا من باب تعليق الشيء بالمحال.