انهيار الاقتصاد التركي بسبب الإدارة الفاشلة لأردوغان ونظامه
تراجعت الليرة التركية، بنسبة 2.2 في المائة إلى 8.3689 ليرة لكل دولار، وهو أكبر تراجع بين عملات الأسواق الناشئة.
ووسط الأزمة الاقتصادية التي تشهدها تركيا حالياً بسبب سياسات اقتصادية غير موفقة ، جاءت جائحة فيروس كورونا لتزيد من تلك المشكلات ليُثقل بها كاهل المواطن العادي، حيث بات الفقر يقض مضاجع كثير من الأتراك، وانعكس ذلك انعكاساً جلياً على نسب تأييد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ففي مارس (آذار)، تسارعت وتيرة التضخم في تركيا للشهر السادس على التوالي، حيث أدى ضعف الليرة إلى ارتفاع تكلفة الواردات، ما جعل من الصعب على محافظ البنك المركزي الجديد في البلاد تحقيق رغبة إردوغان في تخفيف السياسة النقدية. وارتفعت أسعار المستهلك بنسبة 16.19 في المائة على أساس سنوي. وعلى مدى معظم السنوات الثلاث الماضية، ظل معدل التضخم في البلاد عالقاً في خانة الأرقام المزدوجة. ويعتبر شهاب كافشي أوغلو، الذي عينه إردوغان في مارس، رابع محافظ للبنك المركزي منذ عام 2019، وكان سلفه، ناجي أغبال، قد عُين قبل أقل من خمسة أشهر.
وجاء كل هذا الاضطراب في وقت تطالب فيه المعارضة الرئيسية بمعرفة ما حدث لـ128 مليار دولار، وتقول إنها بيعت من احتياطيات البنك المركزي. ويظل اختفاء مثل هذا المبلغ الضخم من المال يشكل لغزاً. ويبدو أن البنك المركزي كان يبيع الدولارات باستمرار للدفاع عن الليرة الهابطة، ولكنه لا يكشف عن البنوك التي باع لها دولاراته وبأي أسعار صرف، وبالتالي يثير الشكوك حول صفقات فاسدة.
وفي 19 مارس، رفع البنك المركزي سعر إعادة الشراء لمدة أسبوع بمقدار 200 نقطة أساس إلى 19 في المائة، لتصل الزيادة التراكمية في الأشهر الأربعة الماضية إلى 875 نقطة أساس. وهذا يجعل تركيا واحدة من أعلى 10 دول في العالم تقترض بتكلفة أكبر. وكانت مبادلة العجز عن سداد الائتمان السيادي لتركيا عند 444.69 نقطة في 5 أبريل، وهو أعلى مستوى بين الاقتصادات الغربية والناشئة.
وتأتي هذه الأمثلة الجلية على سوء الإدارة عندما يشعر معظم الأتراك بأنهم مسحوقون في ظل المصاعب الاقتصادية الشديدة واحتمالات المزيد من الفقر، حيث إن البلاد تواجه مشكلات أيضاً في إدارتها لجائحة «كوفيد – 19»، وقد وضع الإغلاق بالفعل الكثير من الضغوط الاقتصادية على الشركات الصغيرة. وأفلس ما مجموعه 125 ألفا من الشركات الصغيرة وأصحاب المتاجر خلال هذه الجائحة. وهذا يجعل ما يقدر بنحو 500 ألف شخص في تركيا متأثرين بشدة بالمزيج المؤسف من سوء الإدارة الاقتصادية والجائحة، بما في ذلك أصحاب المتاجر وأسرهم.
وينظر إلى الفقر المتزايد بأعداد رسمية أخرى أيضاً. وقال وزير الطاقة فاتح دونميز إن شركات توزيع الكهرباء قطعت إمدادات الكهرباء عن 3.7 مليون أسرة العام الماضي بسبب الديون غير المسددة. وهذا يجعل أكثر من 10 ملايين تركي يضطرون إلى العيش بدون كهرباء بسبب عدم القدرة على دفع الفواتير.
وحتى 11 ديسمبر (كانون الأول) ، كانت هناك 22 مليونا و759 ألف حالة من الإجراءات القانونية للديون غير المسددة على الشركات والأفراد. كما أن البطالة مشكلة ملحة أخرى. وبلغ معدل البطالة الرسمي في تركيا في نوفمبر (تشرين الثاني) 12.9 في المائة... لكن «ديسك – آر»، وهي نقابة عمالية، قالت إن معدل البطالة في الشهر نفسه بلغ في الواقع 28.8 في المائة، استناداً إلى أساليب حساب منظمة العمل الدولية. ويواجه إردوغان معضلة صعبة. فقد تم إعطاء الجرعة المزدوجة من التطعيمات لـ5.8 في المائة فقط من السكان، في حين تهدف البلاد إلى تطعيم 50 مليون شخص بحلول الخريف، أو 59.5 في المائة من جميع السكان. وهذا يعني أن تركيا يجب أن تحافظ على قواعد الإغلاق الخاصة بها؛ غير أن المزيد من الإغلاق سيعني المزيد من الانكماش الاقتصادي، لا سيما في بلد يعتمد على إيرادات صناعة السياحة.
وأدت هذه الجائحة إلى زيادة إفقار الاقتصاد التركي الهش. وهي تهدد بإلحاق ضرر أسوأ بميزانيات الأسر الفقيرة، التي تشكل جوهر جمهور الناخبين. وتقول إحدى الدراسات الحديثة إن الموالين لإردوغان هم أكبر عدد من الناخبين الذين سيصوتون بشكل مختلف أو يمتنعون عن التصويت في الانتخابات المقبلة. وأظهر استطلاع «متروبول» أن ثلث الناخبين المؤيدين لإردوغان لن يصوتوا لصالحه، أو سيمتنعون عن التصويت أو لم يقرروا بعد... ويبدو أن أكبر منافس سياسي لإردوغان هو الفقر.