القصة الكاملة لـ«الطبيب المتحرش»

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



ادعى أنه طبيب نفسى واستخدم الكنيسة لاستدراج المراهقات.. زوجته كانت تسجل الجريمة لابتزاز المرضى.. أقنع ضحاياه أن أسرهم تكرههم وأنه الأب البديل

استخدم الحقنة الشرجية ليضمن عدم وجود أى مقاومة .. شكل لجان إلكترونية للدفاع عنه وبعض الضحايا انضممن لها بعد جلسات «غسيل مخ»

صدمة كبيرة انتابت المجتمع بأكمله وبالأخص الوسط القبطى عقب إلقاء القبض على طبيب مسيحى وزوجته وتوجيه تهم لهما بالتحرش وهتك العرض، الصدمة ليست لأنه طبيب فقط ولكن لأنه خادم بالكنيسة لدى أسقفية الشباب كما كان يقدم نفسه، وقام بتأليف كتب تخاطب الفئة العمرية التى يستهدفها بجرائمه، كما أنه ضيف دائم على الفضائيات القبطية باعتباره طبيباً نفسياً وخادماً.

الغريب فى الأمر أن زوجته تساعده فى إتمام جريمته وتعمل كمساعدة له وتروع الضحايا حتى لايتفوهن بكلمة فى حقه، كما أن لديه لجاناً إلكترونية للدفاع عنه ممن قام بغسيل أدمغتهم بعد أن أسس لهم فريق كورال للتراتيل بالكنسية ويقومون بمواجهة كل من تتحدث عن حقيقة هذا الطبيب، والأغرب أن أحد الأساقفة حاول كشف حقيقته إلا أنه واجه وابلا من الهجوم عليه، ولكن حملة «إحكى» دفعت إحداهن لتروى ماحدث لها على يد هذا الطبيب ومن ثم توالت قصص الضحايا وبدأت النيابة العامة فى التحقيق وأخيراً تم القبض عليه وزوجته.

 أصبح اسم مايكل فهمى يتردد كثيرًا بعد أن كشفت العديد من ضحاياه حقيقته المفزعة حيث كان يستدرجهن تحت دعوى إنهن مريضات نفسياً وسيقوم بعلاجهن، فهو طبيب أمراض جلدية لكنه يقدم نفسه على أنه طبيب نفسى وانتشر فى الأوساط الكنسية، فكان حريصا على التقاط صور مع الأساقفة والقساوسة والبابا لإضفاء مساحة من القداسة والتدين على شخصيته ومنح المزيد من الثقة، كما خدم لدى أسقفية الشباب وكان يتنقل بين الكنائس ليعظ الشباب فى مرحلة المراهقة، وحتى 2009 كان «فهمى» أهم مطلب لمرتادى اجتماعات الشباب بالكنائس فى الأحياء الراقية بين القاهرة الكبرى والإسكندرية إلا أن الأنبا روفائيل وصلته معلومات من إحدى الفتيات بما تعرضت له على يد هذا الطبيب ولكنه لم يتمكن من فعل أى شىء له.

وكان كتاب «ثانوية عامة فى إيد المسيح» هو الطعم الذى ألقاه المتهم لضحاياه حيث يستهدف هذه المرحلة العمرية فى اعتداءاته وقام بنشره فى الكنائس والمكتبات المسيحية وانتشر بسرعة كبيرة، وفى نهاية الكتاب وضع اختباراً نفسياً عبارة عن مجموعة أسئلة كل إجابة تمنح القارئ درجات ولم يضع نتيجة الاختبار فى كتابه بل رقم هاتفه الشخصى ليتمكن من الحصول على المزيد من الضحايا الجدد، وحينما تتصل الضحية يخبرها بأن تتصل به بعد الثانية عشرة عقب منتصف الليل وبعد مكالمات متكررة يقوم خلالها بإقناع المتصلة بأنها تعانى من مرض نفسى وتحتاج إلى جلسات لتتجه الضحية إلى عيادته المزعومة وهى فارغة من المرضى ولا يوجد سوى زوجته التى تعمل كمساعدة له وتمنح الضحية المزيد من الطمأنينة، يبدأ فى تشكيكها فى كل دوائر الثقة بداية من الأسرة والأصدقاء والكنيسة وأب الاعتراف «القس» ويستخدم أسلوب غسيل المخ فى تأكيد أن جميعهم يكرهون الضحية ويعملون ضدها لأذيتها وتتأثر بالفعل علاقتها بأسرتها وكنيستها ولا يصبح أمامها سوى هذا الحمل الوديع.

ويستخدم هذا الذئب البشرى مع الضحية عبارات للطمأنة منها «تعالى فى حضن بابا»، «عيطى فى حضن بابا»، ثم ينتقل معها لمرحلة جديدة بعد أن هيأها لجريمته وخلق الأجواء المناسبة، وكذلك استفاد مادياً من تكلفة الجلسات النفسية التى يعيش عليها، يحاول إقناع الضحية أن علاجها فى الحقن الشرجية وأنها ستحل كل مشاكلها النفسية ومع محاولات إقناع الفتاة يستخدم عبارات بصوت هادئ من نوع «خدى الحقنة من إيد بابا»، «ليه تخافى أنا الوحيد إللى عايز مصلحتك وآدى طنط أهى وهى أكتر من ماما لازم تطمنى»، وتقبل الضحية وبعد أن تكون فى حالة ارتخاء أعصاب نتيجة للحقنة الشرجية يقوم بإتمام جريمته ويعتدى عليها شرجياً وهى لا تستطيع الدفاع عن نفسها.

الأغرب فى قصة «فهمى» ليس مساعدة زوجته له فى جرائمه فقط وقوتها فى تهديد الضحايا، بل أنه تمكن من استخدام بعض من فريق كوراله للدفاع عنه عبر صفحات السوشيال ميديا لمهاجمة كل ضحية تحاول أن تروى ما حدث لها على يد المتهم، والصادم هنا أن بعض الضحايا ممن تعرضن للاعتداء على يده يقمن بالدفاع عنه وكأنهن تحت تأثير تنويم مغناطيسى أو تخدير ليقوم هذا الشخص باستخدام الضحية فى الدفاع عنه.

وحتى عام 2014 كان «فهمى» يخدم لدى أسقفية الشباب ولكن إحدى الضحايا تحدثت عما حدث لها ما اضطر مسئولى الأسقفية للتخلص منه دون حتى التحذير من جرائمه واكتفت أن توقف ترويج كتابه الذى يزعم فيه أنه طبيب نفسى وتسحبه من المكتبات بالكنائس.

وتقول إحدى الضحايا أن إحدى الخادمات فى أسقفية الشباب رفضت مجرد التحذير من المتهم واعتبرت أن هذا يخالف وصايا الإنجيل بالستر على الخاطئ، وهو ما دفع الضحايا للاكتفاء بالصمت، حتى استطاعت إحداهن أن تروى ما تعرضت له عبر منصة «إحكى» المعنية بكشف جرائم المتحرشين وهو ما شجع العديد من الضحايا للتحدث، وتحركت النيابة لكشف تفاصيل تلك القضية، وبالفعل داهمت منزله وعيادته المزعومة لتجد صورا وتسجيلات فيديو وتسجيلات صوتية كان يحتفظ بها هو وزوجته لتهديد الضحايا وابتزازهن.

وكشفت إحدى الضحايا أن «فهمى» كان يهدد حتى الأنبا روفائيل بمجرد أن حاول التحذير منه حيث كان يستخدم أسلوب مريض فى التحدث عن علاقاته الكبيرة واتصالاته، وحينما منع من الخدمة بالأسقفية كان لديه جيش من المؤمنين به من فئة الشباب يلتقى بهم فى فناء الكاتدرائية ممن أقنعهم أنه تعرض لظلم ومنع من الخدمة لأنه ناجح والأشرار يحاربونه ويقنعهم بأنهم إذا سألهم أحد من الأمن عن سبب زيارة الكاتدرائية ألا يخبروا أحدا عن اللقاء به ويقولون أى سبب آخر للتمويه وهو ما قوى العلاقة بهذا الفريق.

«الفجر» كانت قد تواصلت مع «فهمى» منذ نحو 3 أعوام وقدم نفسه بأنه محاضر فى معهد المشورة بالمعادى، وأنه يقدم تدريبات للمقبلين على الزواج، وخادم بأسقفية الشباب، وبعد محادثات متكررة بدأ هو فى أن يتحدث بصوت الحمل الوديع والضحية المظلوم بأن هناك أناساً أشراراً يحاولون تشويه سمعته للانتقام منه لأنه طبيب ناجح وإنسان قريب من ربنا والكنيسة، لذلك يحاول الشيطان محاربته مستخدماً الأشرار والفشلة فى ذلك.

وقال فهمى «أنا راجل متجوز وبحب مراتى وعندى أولادى وهما عايزين يشوهوا سمعتى ويخربوا بيتى وينتقموا منى لأنى ناجح» وبدأ يتحدث فى أمور دينية مستشهداً بآيات من الإنجيل ثم طلب منى أن أكتب عنه فى «الفجر» وحينما لم أنشر تصريحاته سألنى عن السبب أجبته أننى فى إجازة وطلب التواصل الدائم عبر تطبيق «واتساب» لنشر أفكاره، «الفجر» لم تتمكن وقتها من كشف حقيقته لأن الضحايا لم يتقدمن بمحاضر رسمية وكان كل ما يدور مجرد روايات بدون إثبات أو تحقيقات نيابة.