اعتكاف رغم أنف الأوقاف.. مساجد وزوايا مجهولة تقيم موائد إفطار يوميا للمصلين بدعوى أن «كوفيد» لا يصيب مؤمنًا

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



رغم ما أعلنته وزارة الأوقاف من تعليمات مشددة تحظر فيها إقامة موائد إفطار بالمساجد وعدم السماح بالاعتكاف أو صلاة التهجد، وإغلاق أى مسجد أو مصلى لا يلتزم بهذه الإجراءات، إلا أن بعض المساجد والزوايا ضربت بهذه الضوابط عرض الحائط خلال الأيام الأولى من شهر رمضان.

فى مسجدى «الرحمة ورب العالمين» ببولاق الدكرور يقيم المصلون مائدة إفطار يوميا بطول المسجد، كما يضم المسجدان جميع مستلزمات المعيشة الكاملة من مراتب للنوم بالإضافة إلى مطبخ يضم جميع محتويات الطهى، ويؤكد الأهالى أن المسجدين لا يخضعان لإشراف وزارة الأوقاف، حيث يقعان داخل مبانٍ خاصة، ويخضع أحدهما لإشراف صاحب صيدلية مشهور بالمنطقة.

داخل المسجد ومنذ الليلة الأولى للشهر الكريم يتجمع المشايخ بالمسجدين من جنسيات مختلفة من تونس والجزائر وسوريا وباكستان، ويقيمون بالمسجد إقامة كاملة، يقول «أبو وليد» من أهالى المنطقة وأحد المترددين على المسجد:»يتجمع المعتكفون داخل المسجدين منذ شهر استعدادا لرمضان، وأغلب المشايخ من جنسيات مختلفة بعضهم يتحدث اللغة العربية بشكل بسيط، وهناك من يأتى من محافظات بعيدة كالفيوم والمنيا والشرقية، لا يستطيعون التحرك أو الحديث دون أمر من هؤلاء المشايخ».

وأضاف «أبو وليد»: «يتم الاعتكاف بالمسجدين منذ فترة حكم المعزول محمد مرسى، واختفوا بعد 30 يونيو ثم عادوا مرة أخرى، ويوميًا تعقد دروس فى المسجدين بعد صلاة العشاء والفجر بشكل علنى، لكن يغلق الباب من الخارج فى حالة تجول سيارة الأمن بالشارع».

أما فى مسجد التقوى بشارع ناهيا ببولاق الدكرور فلم تكن الإجراءات المشددة التى أصدرتها وزارة الأوقاف عائقا أمامهم، فمع بداية الشهر الفضيل بدأت الوفود تغزو المسجد من جميع المحافظات حاملين معهم متعلقاتهم الشخصية، وجميع تجهيزات مائدة رمضان، بل ودعوة الأهالى إلى صلاة التراويح بالمسجد، ومن المعروف لأهالى المنطقة أن هذا المسجد يخضع لإشراف شيوخ الدعوة السلفية.

يقول خالد بدر أحد المترددين على المسجد بشكل دائم: «الوفود بدأت تتوافد على المسجد منذ منتصف شهر شعبان، كما أن الأعداد فى تزايد مقارنة بالعام الماضى، حيث أصبح المسجد مسكنا لهؤلاء، وخصصوا جزءًا منه لتحضير الطعام لموائد الرحمن».

وفى مسجد الإخلاص بإمبابة يدعو بعض الشيوخ الأهالى للاستماع لخواطر دعوية بعد صلاتى العصر والعشاء خلال شهر رمضان، معلنين عن تنظيم مائدة إفطار لمن يرغب من الأهالى داخل المسجد، بالإضافة لتنظيم مسابقات فى حفظ القرآن الكريم خلال شهر رمضان على أن يحصل الفائز على شهادة من كبار مشايخ الدعوة، إضافة إلى فتح مصلى السيدات لتسهيل العبادة فى الشهر رمضان، والأغرب من ذلك فتح بعض حضانات تحفيظ القرآن الكريم للأطفال داخل المسجد وإعطاؤهم دروسًا فى الدين وفى نفس الوقت استقبال صغار السن ساعتين ليلا أثناء صلاة التراويح بالمساجد لتتمكن الأمهات من صلاة القيام دون إزعاج الصغار.

وفى مسجد صالح الجعفرى يتجمع أنصار الطرق الصوفية كل ثلاثاء لأداء حلقات الذكر، ومع بدء شهر رمضان بدأت الوفود من رجال الطرق الصوفية تتوافد على المساجد والزوايا الصغيرة المجاورة لمسجد وضريح الحسين حاملين معهم جميع مستلزمات المعيشة بالمسجد من مأكل وملبس وأغطية للنوم داخل المسجد.

يقول شاذلى جامع،الذى اعتاد كل عام المجىء من أسوان إلى مسجد صالح الجعفرى لقضاء شهر رمضان حتى يكون بالقرب من أضرحة أولياء الله الصالحين، ويتبارك بالسكن بالقرب من آل البيت :»كورونا لا تمنع محبى آل البيت من حضور حلقات الذكر التى تعقد أسبوعيا فى مسجد الرفاعى والجعفرى الصالح، وأيضا الزوايا المجاورة لأضرحة آل البيت مليئة بالذين يتوافدون من جميع المحافظات».

نفس المشهد تراه فى زاوية الصلاة «الرحمن» القريبة من ضريح زين العابدين، من حيث تجمعات محبى آل البيت، بل شملت التجمعات أيضا بعض أحواش المقابر الخاصة بالطرق الصوفية المنتشرة حول الضريح، حتى تحولت زاوية الصلاة إلى مسكن لـ «مريدين» آل البيت الذين يحرصون على التجمع كل رمضان فى الزوايا المجاورة.

يقول أحمد أبو مطير الذى جاء من قنا برفقة زوجته «مريم»،: «اعتدنا خلال السنوات الماضية قضاء شهر رمضان داخل ضريح الشيخ زين العابدين، ولأن الضريح، مغلق هذا العام، سنقضى رمضان فى الزواية القريبة من الضريح فرمضان بجوار آل البيت كله بركة».

وحول تعليمات الأوقاف بشأن التدابير الاحتزارية بمنع التجمعات داخل الزاويا، رد قائلا: «خليها على الله لو ربنا كاتب لينا حاجة هنشوفها أى شىء يهون أمام ذكر الله »، وعن طبيعة رمضان فى الزاوية قال :»فى النهار نصلى الضهر ونقرأ القرآن حتى أذان العصر بعدها نقرأ القرآن حتى أذان المغرب نصلى ونفطر وبعدها نصلى العشاء والتراويح ونبدأ حلقة الذكر حتى وقت السحور ونصلى الفجر ثم نعود إلى قراءة القرآن حتى شروق الشمس».

وتابع: «بينما يكون للسيدات دور آخر فى تحضير مائدة الإفطار الجماعى، حيث يقمن بتحضير المائدة بعد أذان العصر، ومع قرب أذان المغرب يتم افتراش الطعام فى مائدة كبيرة بالشارع للرجال،أما السيدات فتكون لهن مائدة أخرى داخل أحد الأحواش الكبيرة المجاورة لزوايا الصلاة».

مساجد «دار السلام» شهدت ازدحاما كبيرا منذ اليوم الأول لشهر رمضان دون التزام بأى من التدابير الاحترازية التى فرضتها وزارة الأوقاف من التباعد وعدم المصافحة، وارتداء كمامة وإحضارسجادة صلاة خاصة بهدف تفادى نقل العدوى بين المصلين.

فى مسجد الرحمن الذى يقع بأحد الشوارع الضيقة بدار السلام اتفق الشيوخ المعتكفين على تحضير مائدة إفطار يوميًا للأهالى، كما يحرص الشيوخ على إعطاء دروس دينية يوميًا بعد صلاة العشاء والتراويح حتى السحور بشكل علنى مستخدمين مكبرات الصوت.

أما فى مسجد «النور» بمنطقة الجبل الأصفر، تتجمع فيه الجنسيات الإفريقية المختلفة، حتى أطلق على المسجد لقب «مسجد الأفارقة»، حتى إمام المسجد الشيخ عبد الرحمن عيسى صومالى الجنسية.

يتجمع المصلون الأفارقة يوميًا بالمسجد مع أذان الظهر لأداء الصلاة، بعدها يتم إعداد مائدة إفطار من المأكولات الإفريقية المختلفة، على أن يقوم الآخرون بالاستماع لدروس الشيخ عبد الرحمن، ويقول محمد عثمان أحد مصلين بالمسجد وهو سودانى الجنسية،:»جميع المصلين هنا على علم ببعض لو فى حد مصاب يمنع من دخول المسجد حتى يستكمل شفاءه، ونحمد الله أنه لا يحدث أى إصابات حتى الآن».

بينما قال هشام حسين الذى يسكن بالقرب من مسجد النور أو«الجماعة الأفارقة» كما يطلق عليه من الأهالى، إن جميع المترددين عليه من الأفارقة فقط،موضحًا أنهم ازداد تواجدهم بالمسجد منذ سنوات،مؤكدًا نحن لم نر إمامًا للمسجد منذ وفاة إمام المسجد.

وأكد أن سبب عزوف البعض عن المسجد هو تحوله إلى مسكن اللاجئين من الجنسيات الإفريقية الذين يأتون إلى مصر، فبمجرد وصول «لاجئ» إلى مصر يعيش فترة فى المسجد حتى يجد مسكنا وعملا بمعرفة أقاربهم هنا، لذلك أصبحنا نصلى فى مساجد أخرى.