تجربة شخصية لمحررة «الفجر» تكشف: سوق الجواري على الإنترنت

تقارير وحوارات

بوابة الفجر

قدوتهم "الحويني ويعقوب والعدوي".. والأدمن يقدمون "كورسات أونلاين" بمقابل مادي

 

 

انتقلت فكرة مكاتب الزواج من الواقع إلى مواقع التواصل الاجتماعى مع تزايد الإقبال عليها، وتصل إعلانات الجروبات والصفحات الخاصة بتلك المكاتب لكل شخص يمسك بيده هاتفًا محمولاً، وبينها جروبات مختصة بزواج الملتزمين والملتزمات كما يتم الترويج لها. فى أحد تلك الجروبات وجدنا بعض المنشورات المثيرة للعجب، والتى تتناول أفكاراً يتم الترويج لها من أشخاص يديرون الجروب وكذلك المتفاعلون معهم الذين يتعاملون مع طلبات النساء للزواج بأنهن جوارى يتم المن عليهن لاحتياجهن لرجل، ويقوم كل منهم باستعراض قدراته المالية والجسدية خلال التعليقات.

 

على خلاف المعتاد، عادة ما تحمل النساء مهمة «توفيق راسين فى الحلال» لتفرغهن، لكننا وجدنا أن رجلين هما المسؤولان عن المجموعة، هما «طارق.أ» و»أحمد. م» من ذوى التوجه الدينى السلفى.

 

عدد أعضاء الجروب نحو 40 ألف شخص، أغلبهم رجال من ذوى التوجه الدينى والقليل من النساء، وهناك جروب آخر مخصص للأخوات يحمل نفس الاسم، لكن دوره يقتصر على نشر طلبات الزواج المتعلقة بالرجال، بينما الجروب الأساسى النشط ينشر طلبات الجنسين.

 

وأكثر ما يلفت النظر هو منشورات المسؤولين عن الجروب، والتى تدعو إلى التعدد والترويج إلى أنه حق أصيل للرجل وقدوتهم في ذلك «الحوينى ويعقوب والعدوى».

 

وعن المواصفات التى يقبل عليها الرجال، وجدنا أنهم يميلون أكثر للنساء الأرامل والمطلقات والجميلات من أصحاب البشرة البيضاء، أكثر من العذراوات اللاتى لم تلق إعلاناتهن إقبالاً يذكر من الرجال، وإن حدث يكون ذلك فى إطار التعدد أيضًا.

 

وكانت هناك طلبات زواج من أجنبيات معظمهن من «فرنسا، تركيا، إيطاليا، وروسيا».

 

ويلفت الانتباه أكثر أن الكثير من البوستات تدل على أن صاحبتها تطلب زواجًا «عُرفيًا» دون الإفصاح بشكل مباشر، مثلما فعلت إحدى الأرامل التى تبلغ من العمر 45 عاماً، وطلبت الزواج برجل يقبل أن يكون زواجهما دون علم زوجته الأولى وبشكل سرى دون علم أبنائها، واشترطت عليه عدم المبيت على أن يلتقيا كل فترة بمكان ووقت متفق عليه بينهما.

 

«رانيا هاشم» مدربة تنمية بشرية ومؤلفة كتاب «التعدد شرع ورحمة» والتى أطلقت مبادرة لنشر ثقافة التعدد، تعد إحدى الداعمات للجروب ويستعين بها المسئولون عنه كل فترة، بل وينسق معها مسئول الجروب الشيخ طارق فى تنظيم دورات تدريبية أونلاين حول فقه التعدد، وهى عبارة عن محاضرات مقابل رسوم مالية تبلغ مائتين وخمسين جنيهاً، والدفع يكون بتحويل المبلغ على إحدى شركات الاتصالات.

 

خاضت «الفجر» تجربة طلب عريس لأرملة من خلال التواصل هاتفيًا مع الشيخ طارق، وأقنعته المحررة أنها أرملة ولديها طفلة صغيرة وفى حاجة لزوج لكن أهل زوجها الراحل يهددونها بأخذ طفلتها حال زواجها بآخر، وكان رده: «بالبلدى ضهرك مين؟» فقالت إنها تعيش مع والدتها، وفوجئت المحررة بأنه ينصحها بالزواج دون توثيق العقد «أى زواج عرفي»، قائلًا: «فى زواج شرعى هتتعملك قسيمة لكن دون توثيقها بالمحكمة.. انتى بنى آدمة ومحتاجة تتزوجى ولكى احتياجاتك».

 

وطلب الشيخ طارق إرسال البيانات على تطبيق الواتس آب تمهيداً للبحث لها عن الشخص المناسب، وفى المقابل قام بإرسال استمارة طلب لتملأها، عبارة عن بيانات عامة مثل الاسم والسن والبلد ومدى المواظبة على الصلاة وحفظ القرآن، إضافة إلى سماع الأغانى ومشاهدة الأفلام من عدمه، ومواصفات الشريك المرغوب فيه.

 

وتم الاتفاق على الرؤية الشرعية فى اليوم التالى بمسجد بمنطقة عزبة النخل عقب صلاة العصر، وفى صباح اليوم التالى ظل يلح بالاتصال لاتمام الاتفاق، وقبل المقابلة ارتدت المحررة النقاب كونها ملتزمة كما أفهمته ولأنه مختص بتزويج الملتزمات من المطلقات والأرامل.

 

المكان مسجد كبير معروف بمنطقة عزبة النخل، مواجه لمنزل الشيخ ومحل يمتلكه لبيع البويات، وفور وصول المحررة إلى الطابق الثالث من المسجد، داخل إحدى غرف مبنى تشير لافتته إلى أنه جمعية لتحفيظ القرآن الكريم، حيث وجدت شخصًا ملتحيًا يتوجه إليها مرحباً، وخلفه مكتب يجلس عليه الشيخ طارق، وهو شخص ضخم بجسم رياضى وملابس سبور، وأمامه على سطح المكتب عدة آلاف من الجنيهات على شكل رزم، ووجه الشيخ طارق بالدخول لغرفة أخرى كان بها مقاعد وحامل كاميرا، وعلى ما يبدو أنه المكان المخصص للرؤية الشرعية وتصوير الفيديوهات الدعوية.

 

جلس مع العريس الذى يدعى محمود ومحررة الفجر الشيخ طارق، وعلل محمود قراره بالزواج الثانى بأنه يمر بمشاكل مع زوجته لكنه لا ينوى تطليقها بسبب إنجابه ثلاث بنات منها.

 

وأشار إلى أنه يرغب فى الزواج من أرملة ترعى طفلاً يتيمًا حتى ينال ثواب تربيته، لافتًا إلى أنه ثرى ولديه عدد من أفرع محلات الملابس الكبرى فى العتبة وعين شمس، ولديه منزل فى منطقة الهرم وسيارة.

 

التقط منه الشيخ طارق طرف الحديث، مازحًا: «وكمان هنجيب رجالة أجانب علشان نلبى رغبات البنات»، لافتًا إلى أنه منذ أيام قام بتوفيق زيجة بين أختين فرنسيتين 18 و19 عاماً لاثنين أشقاء مصريين، ويعيشون حالياً فى التجمع الخامس، وقال إن هناك أيضًا أجنبيات يطلبن الزواج من مصريين ويتم التوفيق بينهم ويذهب العريس إلى بلدها لعقد القران ثم يعودان معًا إلى مصر، وهناك العديد من الطالب لعرائس من «الشيشان».

 

وأفاد بأنه لا يفرض على أحد دفع أى مقابل مادى، قائلًا: لكن إللى عايز يدينى هدية هو حر».

 

الشيخ طارق لديه زوجة واحدة فقط، بحسب ما كشف لنا خلال حديثه، قائلًا بحسم شديد: "أنا من مؤيدي التعدد لكني لست مُعدد ومتجوز واحدة بس، ولن أتزوج مرة ثانية، معللًا بأنه ليس لديه وقت للزواج من أخرى"، حديثه هذا رغم من أنه يقدم نفسه كـ"مُعدد" في فيديوهاته الدعوية، وكذلك الدورات التي يتم تقديمها أونلاين.

 

وأضاف مستكملًا: "الست بتدور على تحقيق الاستقرار النفسي والمادي وما يخصها هو أن تشعر أن زوجها يجعلها رقم واحد في حياته فقد يتزوج أربعة ويجعلهن جميعا يشعرون بذلك".

 

ويحاول استكمال استقطاب محررة الفجر، ليستشهد الشيخ طارق بأن في إفريقيا لديهم ثقافة التعدد ولذلك يمكن أن تكون الزوجات الأربعة صديقات، ويعملن معًا، والزوج يخصص لكل منهن غرفة وله أيضًا غرفة يقيم فيها منفردًا حينما يكون اليوم المخصص لزوجة بعينها تأتي له غرفته وقضاء اليوم معه، كما استشهد أيضًا بأن بعض الأفارقة يتزوجون عشرة زوجات، لافتًا إلى أنه كان دائم السفر لعدة دول إفريقية لنشر الدعوة الإسلامية وحفر آبار للمياه.

 

لم يكتفي فقط بالاستشهاد بالنموذج الإفريقي، بل أيضًا استشهد بمشايخ السلفية المشهورين وصديقه "محمد الفلق" الذي يتزوج ثلاث سيدات وينشر صورهم معه، وكذلك الشيخ مصطفى العدوي وأبي اسحاق الحويني، ومحمد حسين يعقوب، فجميعهم متزوجون أربعة زوجات ولديهم أكثر من 25 ابن وابنة، وكل منهم جعل كل زوجة كأنها ملكة في حياته.

 

ويعرف "محمد الفلق" بأنه من مشاهير نشر التعدد على مواقع التواصل الاجتماعي، ويدعمهم من خلال منشوراته التي تروج لثقافة التعدد إضافة إلى كونه نموذج للمعددين الناجحين في حياتهم، خاصة وأنه متزوج من ثلاث زوجات، بحسب ما ينشر على صفحته التي يستغل متابعة أكثر من ثلاثين ألف متابع لها، ويخصصها لنشر نصائح للتعدد، وكذلك الإعلان عن فتيات أجنبيات وأرامل ومطلقات للزواج.

 

وباستكمال البحث  حول خبايا الجروب كشفنا أن تلك المجموعة تلتقي وتقوم بتصوير حلقات حول نشر ثقافة التعدد، وأيضًا الإعلانات الخاصة بطلبات الزواج على صفحاتهم الخاصة والجروب متطابقين، ما يعكس أنهم كيان واحد وشبكة على موقع التواصل فيسبوك تروج لهذا الفكر.

 

لم يكتفي الشيخ طارق بنفسه فقط لنشر فكرة التعدد بل أيضًا "أم عبدالله" زوجته تقنع السيدات بأنه حق لأزواجهن خلال حلقات لتحفيظ القرآن، وكذلك الأطفال في الحضانة الملحقة بالمسجد، بتعليمهم حب التعدد في صغرهم، بحسب ما قال لنا.

 

وأشار أيضًا إلى أن زوجته ذهبت معه من قبل ليتقدم لسيدة أرملة لديها خمسة أبناء أيتام، لكنها رفضتها بعد أن التقت بها معللة بأن شخصيتها لن تكون ملائمة له كونها سيدة "كئيبة"، مشيرًا إلى أن موقف زوجته يدل على أنها لديها ثقة بنفسها.

 

واستطرد: "مفيش راجل يكفيه واحدة ست.. دي قاعدة وفطرة الراجل بيحتاج لاحتياجات متعددة أكثر من الست خاصة في ظل ضغوط المجتمع بيحتاج تفريغ طاقات.. وقلب الراجل يسع أربع نساء لا يزيد عن ذلك لو ربنا أعلم بأن قلبه يستحمل أكثر من أربعة كان أباح ليه تزوج أكثر منهم".

 

وزعم بأن 90% من سيدات مجتمعنا موافقات على التعدد، لكنهن يهتمون بنظرة المجتمع لهن، وماذا يقول عنهن من حولهم؟، قائلًا: "في ستات بتقبل زوجها يعمل علاقات محرمة ولا تقبل التعدد، حتى تبرر بأن عينه فارغة".

 

واستشهد بإحدى النساء اللاتي تعد أيقونة لنشر التعدد وهي "رانيا هاشم" مدربة تنمية بشرية ومؤلفة كتاب "التعدد شرع ورحمة" والتي أطلقت مبادرة لنشر ثقافة التعدد منذ فترة، قائلًا: "إنها إحدى النماذج النسائية التي تخوض معركة لاقناع النساء بالتعدد".

 

وبالبحث عنها وجدت أنها إحدى الداعمات للجروب والتي يستعين المسؤولين بمنشوراتها لترسيخ ثقافة التعدد، بل ينسق معها الشيخ طارق لتنظيم دورات تدريبية أونلاين حول فقه التعدد، بمشاركة داعية باسم "أحمد.ا" وهو مختص بأمور الفقه، والمعدد الشهير محمد الفلق، وذلك مقابل رسوم مالية تبلغ مائتين وخمسين جنيه، وتعلل هذا المبلغ بـ: "أي حد استشاري أسري يقدر يقولكم ساعة الاستشاري الواحده للشخص الواحد بكام"، منوهة إلى أن الدفع يكون بتحويل المبلغ على أحد خطوط الاتصالات.

 

وبالاطلاع على بعض المقتطعات من تلك المحاضرات، وجدت أنها تروج إلى تعدد الزوجات معللة بأن الشرع هو من حلله لمنع العلاقات المُحرمة للرجال، ومؤكدة أنه السبيل للحفاظ على الأسرة، وتضيف: "إذا لم يعدد الزوج في الحلال البركة ستنقص من البيت.. والزوجة هي التي ستتعذب بسبب ضيق العيشة من آثار ذنوب الزوج ولذلك عليها قبول التعدد وتزويج زوجها في الحلال".

 

 

وتصف رانيا هاشم التعدد بأنه عفة للرجال، وأن ضحية منعه هي المرأة في محاولة للترسيخ لدى النساء بأنها إذا لم تقبله ستكون ضحية بخداع زوجها لها وخيانته بتعدد علاقاته المحرمة، مؤكدة: "التعدد حماية للمرأة ولمشاعرها ولاحتياجاتها الطبيعية من زوج وأبناء وبيت مستقر".

 

وبعد أن انتهى حديث الشيخ طارق، طلبت منه الانصراف لتأخر الوقت، لأتركه والرجل الآخر وأنزل بالشارع، واستمرت الشكوك لدي، لأبحث في المنطقة عن أحد أقاربه أو جيرانه في المنطقة التي يسكن بها، والتقيت أحد جيرانه وتحدثت معه عن نشاطه في تزويج الأرامل والمطلقات، فقال إن الشيخ طارق اعتاد على ذلك منذ خمس سنوات خاصة بعد اتجاهه للعمل بالدعوة، فكان يقنع السيدات الأرامل أو المطلقات اللاتي تعملن بتحفيظ القرآن بالتعدد.

 

 

وأفاد جاره الذي طلب عدم ذكر اسمه، بأنه عمره حوالي خمس وثلاثين عام، لا يحمل شهادة عليا لكنه قرأ في الشريعة والفقه مؤخرًا، لافتًا إلى أنه كان يملك محل صغير للبويات، وعلى مدار الخمس سنوات الأخيرة تربح كثيرًا من العمل الدعوي والمشاركة في إحدى الجمعيات الخيرية السلفية، وتقسيم الزكاة على طريقة سهم "العاملين عليها".

 

وأضاف أنه كان يتربح مبالغ كبيرة من الزكاة والتبرعات، حتى أصبح لديه معارض ومخازن للأدوات الصحية، وهو ما تأكدنا منه بالعودة إلى صفحته الشخصية ووجدنا منشورًا يعلن فيه عن معرض ضخم باسم عائلته التي باتت معروفة بالمنطقة.

 

وكشف عن أن الشيخ طارق معروف بتزويج السيدات الأرامل الذين يحصلون على معاشات عرفيًا دون توثيق عقد الزواج، ليفتي بأن الشرع يبيح ذلك وهو عفة للمسلمة، وهو ما حدث معي حين قال إنه يمكن أن أتزوج دون توثيق العقد.

 

وتابع بأنه يحاول إظهار نفسه بصورة الداعية الإسلامي بنشر فيديوهات دعوية، وصوره في دول إفريقية يقوم بتوزيع مصاحف وطعام على الفقراء، ليثبت أنه داعية يقوم بنشر الدين الإسلامي.

 

وحول جروب الزواج يوضح أنه يقوم باختيار النساء أو الرجال "على الفرازة"، فعادة ما يفضل المطلقات والأرامل في سن الثلاثين، والأجنبيات والعربيات، والرجال أغنياء وتجار كبار، مشيرًا إلى أن هؤلاء يتم توفيقهم وتزويجهم دون الإعلان عنهم على الجروب أي خارجه، وهو ما حدث معي أيضًا فتواصلنا كان من خلال الهاتف والواتس الآب ولن ينشر على الجروب بياناتي أو بيانات الشخص الآخر.

 

وحول الفتيات الأجنبيات والعربيات يقول: "هن أفضل فريسة له حيث إذا تواجدت إحداهن لفترة معينة وتم تطليقها لن تستطيع المطالبة بحقوقها وليس لها سند أو من يدافع عنها، فأغلبهن يتوقعون أنهم سلفيون يطبقون شرع الله"، وحين قال لي ذلك تذكرت أسئلة الشيخ طارق لي في المكالمة الأولى حينما سألني عن أي رجل بالعائلة أعتمد عليه، وهنا اتضح أنها شبكة لاصطياد الأرامل والمطلقات ونشر ثقافة التعدد على اعتباره الفريضة الغائبة عن المسلمين.