حكاية فوزية.."بائعة الشاي" ثلاثون عاماً على رصيف البحر بالإسكندرية
فيروز حسني
لأكثر من ثلاثون عامًا من الزمن على رصيف البحر بالإسكندرية، أفنت فوزية العمري "بائعة شاي" حياتها، تحت أشعة الشمس الحارقة، متحدية الظروف والمضايقات، من أجل توفير لقمة العيش؛ لإنتشال أسرتها من حالة الفقر التي تعيشها، بعد وفاة زوجها، فبقلب محروق، وعيون باكية تنهمر منها الدموع، وبعد محاولات لمعرفة ما وراء حياتها، وافقت الأم المكافحة على سرد قصتها لـ " الفجر".
تعيش "فوزية" في منطقة سيدي بشر، تخرج من منزلها كل صباح على مدار ثاثون عامًا، وتجلس على كرسيها المتآكل، وطاولتها الصغيرة التي وضعت عليها بعض من علب الشاي والنسكافيه والقهوة والسكر والنعناع وغيرها من المشروبات الساخنة، لتبيع منهم لكل عابر وتكسب بعض الجنيهات البسيطة، التي تساعدها إلى حد ما على كسب رزقها بالحلال كما تقول.
أنجبت "فوزية" أربعة صبيان وأبنتان، واستطاعت رغم الظروف الصعبة وقلة المال من تعليمهم وتزويجهم، وفقدت "الأم المكافحة" أحد أبنائها فقد أختاره الله ليكون معه، ولكن برغم من أنها لم تقصر يومًا في أي شئ إلا أن الأبناء لم يقدروا هذه "الأم"، وتركوها بدون أي شفقة ولم يزوروها أو يعتنوا بها بعد أن فرقتهم مشاغل الحياة، فتقول "فوزية" بقلب محروق، ودموع منهمرة، برغم من أن أولادها على قيد الحياة "أنا عيالي ماتوا..مليش عيال"، تشكي همها إلى الله كل ليلة، مستعينة به على ما رأته من أبنائها ومن الفقر.
ولكن مع ذلك لم ينسى الأبن الأكبر لهذه "الأم" فضلها عليه، ويأتي لزيارتها كلما استطاع ذلك، وتقول هو الوحيد في أبنائي الذي أعتبره على قيد الحياة، وأدعوا له الله دائمًا بالهداية.
عملت "فوزية" في احد الشركات وتركتها لأن المال لايكفي لمعيشتها، واكتفت بطاولة الشاي على البحر في منطقة " سيدي بشر"، وتقول السيدة أنها لا تخرج في شهر رمضان الكريم لبيع "الشاي"، فهو شهر للصائمين ولا يشرب فيه أحد إلا بعد الإفطار لذلك تعاني خلال هذا الشهر تحديدًا من قلة المال، بالإضافة إلى أنها تحتاج العلاج والأدوية التي تساعدهاعلى الشفاء من بعض الأمراض، ولكن كيف لها ذلك بدون المال.
تقول "فوزية" بائعة الشاي "للفجر": لم يساعدني أحد، تحدثت مع الجميع من أجل توفير لقمة عيش لي، وتوفير بعض المال أو "معاش شهري"، ولكن دون فائدة لم يسمعني أحد، هم فقط يشفقون علي ولكن بدون مقابل.