رئيس تونس يُنصب نفسه قائدًا أعلى لقوات الجيش والأمن معًا
أعلن رئيس الجمهورية التونسية قيس سعيد، اليوم الأحد، نفسه كقائد أعلى للقوات المسلحة وتشمل أيضاً قوات الأمن الداخلي وليس الجيش فقط، في أحدث نزاع دستوري تشهده تونس بشأن توزيع الاختصاص داخل السلطة التنفيذية وأن له كافة صلاحيات المنصب الجديد.
وجاء إعلان سعيد في كلمة له خصص أغلبها
لشرح دستوري وقانوني خلال موكب الاحتفاء بعيد قوات الأمن الداخلي، شدد من خلالها
على صلاحياته كقائد أعلى لكل القوات الحاملة للسلاح.
وكان الرئيس سعيد وهو أستاذ قانون
دستوري متقاعد، قد أبان عن موقفه سابقاً بشأن النقاش الدستوري حول منصب القائد
الأعلى على خلاف التأويل الذي يذهب إليه البرلمان.
وقال في خطابه اليوم: «وضعوا الدستور
على المقاس لكنهم أخطؤوا المقاس»، في إشارة إلى الأغلبية الحاكمة الممثلة في
المجلس الوطني التأسيسي الذي صاغ الدستور الحالي بعد الثورة.
ويشير الفصل 77 من الدستور التونسي
الذي صدر عام 2014 أن رئيس الجمهورية يتولى القيادة العليا للقوات المسلحة.
وأوضح سعيد أن نص الدستور لا يشير إلى
ما إذا كانت هذه القوات عسكرية أو أمنية، وهو تفصيل أشار له الدستور السابق لتونس
قبل ثورة 2011، حيث إن الرئيس يتولى قيادة القوات المسلحة العسكرية.
وقال الرئيس سعيد: «إن رئيس الدولة هو
القائد الأعلى للقوات المسلحة العسكرية والمدنية. فليكن هذا الأمر واضحاً بالنسبة
إلى كل التونسيين في أي موقع كائن.. لا أميل إلى احتكار هذه القوات لكن وجب احترام
الدستور».
ولم يصدر تعليق على الفور من رئاسة
البرلمان بشأن هذا التأويل. وقال الأستاذ الجامعي والباحث في القانون العام أيمن
زغدودي: «في واقع الأمر لا يعدو موقف رئيس الجمهورية سوى محاولة جديدة لافتكاك
صلاحيات دستورية لتوسيع دائرة سلطته. ويقوم هذا التأويل على قراءة شكلانية مفادها
أن كل من يحمل السلاح هو بالضرورة قوة مسلحة وبالتالي خاضع للقائد الأعلى للقوات
المسلحة».
ويستشهد زغدودي بما يشير إليه الفصل 17
من الدستور الذي ينص على أن «تحتكر الدولة إنشاء القوات المسلحة، وقوات الأمن
الداخلي» ما يعني أن عبارة «المسلحة» تدل على القوات العسكرية ولا تمتد لقوات
الأمن الداخلي.
وتميزت ولاية الرئيس سعيد المنتخب
بأغلبية واسعة في 2019، بنزاعات دستورية متواترة مع الحكومة والبرلمان في ظل غياب
محكمة دستورية تختص في مثل هذه النزاعات.
ولا يزال التعديل الحكومي الذي أجراه
رئيس الحكومة هشام المشيشي منذ يناير الماضي معلقاً بعد رفض الرئيس مراسم أداء
اليمين الدستوري لبعض الوزراء بدعوى وجود إخلالات دستورية في الإجراءات المتبعة
للتعديل.
كما تعطل تعديل القانون المؤسس للمحكمة
الدستورية بعد رفض الرئيس ختم القانون بدعوى وجود إخلال بالآجال المحددة لوضع
المحكمة المؤجلة منذ 2015.
ولمح الرئيس سعيد مراراً إلى رغبته في
تعديل نظام الحكم الحالي من برلماني معدل تمنح فيه صلاحيات تنفيذية واسعة لرئيس
الحكومة، إلى نظام رئاسي، وهو ما يعارضه رئيس البرلمان راشد الغنوشي الذي يخير
الذهاب إلى نظام برلماني صرف.