منال لاشين تكتب: مهرك كام يا عروسة؟

مقالات الرأي



مغالاة ولى الأمر فى المهر يبيح للفتاة اتخاذ وليا آخر لتزويجها

المهر فى مجتمعنا يجمع بين متناقضات لو استمع إليها أحد الأجانب لأصابته لوثة فى عقله

لو استمع أحد الأجانب لقصة المهر فى مجتمعنا لأصابه لوثة فى عقله، فالمهر يجمع بين المتناقضات، دعك من التقاليد المجتمعية الموروثة أن عز البنت فى مهرها، وأنه اللى مهرها رخيص هتبقى رخيصة عند زوجها، دعك أيضا من حكاية أن الراجل لا يقدر المرأة إلا إذا دفع اللى معاه واستلف عشان يتزوجها.

أنا أتحدث عن المهر فى المسألة الشرعية، نتحدث عن المهر فى الإسلام، لو وجه سؤال لأى شيخ أزهرى أو من خارج الأزهر فى مصر أو خارجها عن المغالاة فى المهور، ستجد جوابا مشابها فى كل الحالات، المغالاة فى المهر مرفوضة وتؤثر على القدرة على الزواج، والتسهيل للزواج هو من أبواب منع الفتنة والفسق والفساد، والمهر ممكن أن يكون تعليم القرآن وليس شرطا أن يكون مالا، وبالطبع ستجد كل الشيوخ يستشهدون بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (أعظم النساء بركة أيسرهن صداقا) وقول الرسول الكريم:

(إِذَا جَاءَكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَأَنْكِحُوهُ إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فى الأَرْضِ وَفَسَادٌ) رواه الترمذى،

وسوف تجد الكثير من الترهيب حول مغالاة المهور سواء لولى الأمر أو الفتاة، وبالتالى تستنج وأنت مطمئن موقف الإسلام، فالإسلام ضد المغالاة فى المهور، ورسولنا الكريم قال إن التيسير فى الصداق من علامات بركة النساء، وحذرنا فى حديث آخر إلا نقبل بمن نرضى بخلقه ودينه فقط، ولم يقل الرسول ماله، بل إن الشيوخ أباحوا للفتاة إذا أصر ولى أمرها على المغالاة فى المهر أن تتخذ لها وليا آخر لتزويجها.

1- مخالفة الرسول

دعك من الدعوات النسوية بأن ربط الزواج بالمهر هو إهانة للمرأة، وأن التفاهم هو أساس الزواج، وأن الرجل لا تشترى امرأة بالزواج كما كان يشترى الجوارى من سوق العبيد، نحن الآن نتكلم عن المفهوم الإسلامى، فلو أخذت فتاة مسلمة بأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم وجاءها من ترضى عن دينه وخلقه، ولكنه فقير لا يملك مهرا مثل المهر الذى حصلت عليه شقيقتها أو بنت عمها أو خالها، فمن الإسلام أن تتزوج هذه الفتاة بهذا العريس المتدين والفقير معا، فإن رفض أبوها، لها أن تطلب من ولى آخر تزويجها بهذا العريس، فإذا كانت العروس راشدة ولها الحق أن تزوج نفسها، وأطاعت الرسول الكريم وتزوجت من ترضى دينه وخلقه، تفتكروا القانون هيقف معاها؟ وماذا سيكون موقف الأزهر من هذا الزواج المبارك؟

الإجابة على هذه الأسئلة ستكون صادمة للجميع، وكاشفة للتناقض الذى نتعامل به مع مسألة المهر، تصوروا أن مشروع القانون الذى أعده الأزهر، وأكرر الأزهر الشريف للأحوال الشخصية وقف ضد هذه الزيجة، لأن مشروع القانون أباح لولى الأمر أن يطلب فسخ عقد الابنة لو كان مهرها أقل من مهر المثل (شقيقتها)، ويجبر الزوج المتدين أن يكمل الفارق بين المهر الذى دفعه ومهر المثل، شوفتوا تناقض أكثر من كده، فلو أخذت الفتاة المسلمة بالسنة النبوية فى زواجها أو بالأحرى فى مهرها يقوم وليها بفسخ العقد، فعدم المغالاة فى المهر تكون سببا فى طلب فسخ العقد، وهكذا يتراجع المجتمع الإسلامى أو بالأحرى ينقلب على كل ما أفتى به من قبل، و تصبح الفتاة المسلمة فى حيرة من أمرها، هل المهم أن يكون مهرى مثل مهر شقيقتى، أو بالأحرى هل المهر أهم من الأخلاق والتدين والرغبة فى إطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، وأيهما تصدق الفتاة فتاوى عدم المغالاة فى المهر أو قانون يفسخ الزواج لعدم تكافؤ المهر مع بنات العائلة.

2- قنطار عمر

بعيدا عن التناقض الفج السابق، هناك مشكلة أخرى تحير بعض الأسر بالنسبة للمهر، فبعض الأسر المسلمة تقف عند قصة سيدنا عمر الشهيرة والمثبتة، وكان الخليفة الثانى الفاروق عمر قد لاحظ أن هناك مغالاة فى المهور فى عصره، فخطب فى المسلمين والمسلمات ونهى عن المغالاة فى المهور، واستند الفاروق أن المغالاة فى المهور لو كانت حسنة فقد كان أولى بالرسول أن يعمل بها، ولكن رسولنا الكريم لم يغالِ فى مهر زوجاته أو بناته، فوقفت إحدى المسلمات وقالت لعمر: هذا ليس لك، فسألها عمر: لماذا، فقالت: قد قال الله تعالى وآتوهن قنطارا، وذلك فى إشارة للآية 20 من سورة النساء، فاستدرك الفاروق عمر وقال: أصابت امرأة وأخطأ عمر، وفى إحدى الروايات لهذه الواقعة أن سيدنا عمر قد رجع للجامع وتراجع عن دعوته لعدم المغالاة فى المهور، والمثير أن الشيوخ من دعاة عدم المغالاة فى المهور لهم تعليق غريب على هذه الواقعة، يقول الشيخ إنه لم يثبت أن أحد الصحابة اعترض على سيدنا عمر، ويتجاهل أن سيدنا عمر تراجع عندما ذكرته امرأة بالآية الكريمة.

3- مهر أو عفش

وهناك أيضا المسكوت عنه فى المهر، فالمؤيدون لمهر المثل حفاظا على الشرع، تجاهل أغلبهم أن المهر فى مجتمعنا لا يتفق مع صحيح الشرع، فالمهر فى الإسلام للمرأة،، تجهز به احتياجاتها الخاصة، بينما الرجل فى الإسلام مكلف بفرش مسكن الزوجية وللمرأة المسلمة حق المهر والمنزل المجهز على نفقة الزوج، أما الآن فالمهر يستخدم للمشاركة فى تأثيث مسكن الزوجية، بل إن أهل العروس يزيدون على المهر لاستكمال تأثيث مسكن الزوجية، وهكذا ضيع الكثير من الشيوخ بصمتهم حقًا أصيلاً من حقوق المرأة، وقد وصلاً الأمر إلى إلغاء المهر تماما والاكتفاء بالمشاركة بين العروسين فى تأثيث الشقة، فلا يتم الاتفاق على مهر محدد، بل يتفق الطرفان على أن يقوم كل بإعداد غرفة أو غرفتين فى منزل الزوجية، وبذلك يتم حرمان المرأة من حقها فى المهر، والذى يعد دينًا له أولوية فى الوفاء على الديون الأخرى.