مى سمير تكتب: "محمد علي" رياضى القرن الذى تحول إلى الصوفية
هاجم منفذى 11 سبتمبر وطالب قادة العالم بتوضيح صورة الإسلام الحقيقى
أدين لرفضه الحرب فى فيتنام ما تسبب فى إبعاده عن الملاكمة لسنوات فى ذروة نشاطه الرياضى
بعد تقاعده أصبح طالبا للقرآن ومسلما متدينا للغاية
هل سمعت عن كاسيوس كلاى؟ إنه ليس سوى بطل الملاكمة الشهير الحاصل على الميدالية الأولمبية، محمد على، والذى تم تعميده كمسيحى ومنحه اسم كاسيوس كلاى عند الولادة، وفى عام 1962 وهو فى سن العشرين التقى بالمناضل الأمريكى فى مجال حقوق الإنسان مالكولم إكس، والذى قدمه إلى حركة أمة الإسلام، وهى حركة دينية للمساعدة فى تحسين حالة الأمريكيين من أصل إفريقى، وسرعان ما اعتنق محمد على الإسلام تحت إشراف مالكوم إكس فى عام 2005 وبدأ فى اتباع الإسلام الصوفى.
1- البطل
محمد على كلاى ملاكم أمريكى من عائلة أمريكية ذات أصول إفريقية ولد عام 1942، وفاز ببطولة العالم للوزن الثقيل ثلاث مرات على مدى عشرين عاما، وفى عام 1999 توج بلقب رياضى القرن، وهى جائزة مقدمة من مجلة «سبورتس ايلاستريتد»، كما حصل على نفس اللقب بعد استفتاء إقامته صحيفة لاجازيتا ديلو سبورت الإيطالية بعدما حصل على 71.2% من الأصوات متفوقاً على العديد من الرياضيين، ومنهم نجم كرة القدم الأرجنتينى دييجو مارادونا.
كان «كلاى» يصف نفسه بأنه يطير كالفراشة ويلسع كالنحلة، وهو صاحب أسرع وأقوى لكمة فى العالم حيث تعادل قوتها حوالى 1.000 باوند، واعتزل الملاكمة عام 1981 وكان عمره 39 عاماً بعد مسيرة حافلة شهدت 56 فوزاً منها 37 بالضربة القاضية وخمس هزائم، وفى 26 مايو 2000 تم سن قانون باسمه فى الكونجرس عرف بـ«قانون على» من أجل حماية حقوق الملاكمين.
2- إعلان إسلامه
سمع محمد على لأول مرة عن حركة أمة الإسلام الأمريكية عندما كان يقاتل فى بطولة القفازات الذهبية فى شيكاغو عام 1959، وحضر اجتماعها الأول فى عام 1961، واستمر فى حضور الاجتماعات على الرغم من إخفاء مشاركته عن الجمهور، وفى عام 1962 التقى كلاى بمالكولم إكس الذى سرعان ما أصبح معلمه الروحى والسياسى بحلول وقت معركة ليستون الأولى- حيث فاز على بطل العالم فى الملاكمة -آنذاك- سونى ليستون، وفاز بلقب بطولة العالم لملاكمة المحترفين للوزن الثقيل للمرة الأولى- وكان أعضاء أمة الإسلام بمن فيهم مالكولم إكس ظاهرين فى حاشيته، وأدى ذلك إلى قصة فى صحيفة ميامى هيرالد قبل المباراة مباشرة كشفت أن «كلاى» انضم إلى أمة الإسلام، وكاد ذلك يتسبب فى إلغاء المباراة، ونقل المقال عن كاسيوس كلاى الأب قوله إن ابنه انضم إلى المسلمين الأمريكيين من الأصول الإفريقية عندما كان فى الثامنة عشرة من عمره.
فى الواقع تم رفض «كلاي» فى البداية من دخول أمة الإسلام (يُطلق عليهم غالبا اسم المسلمون السود فى ذلك الوقت) بسبب مسيرته فى الملاكمة، ومع ذلك بعد فوزه بالبطولة من ليستون فى عام 1964 كانت أمة الإسلام أكثر تقبلاً له ووافقت على الإعلان عن عضويته بعد ذلك بوقت قصير، وفى 6 مارس ألقى إيلى محمد، زعيم حركة أمة الإسلام خطاباً إذاعياً مفاده أن «كلاى» سوف يصبح اسمه محمد، وفى ذلك الوقت تقريباً انتقل محمد على إلى الشطر الجنوبى من شيكاغو وعاش فى سلسلة من المنازل، ودائما بالقرب من مسجد مريم أو مسجد إيليا محمد، ومكث فى شيكاغو حوالى 12 عاماً.
قال محمد على الذى كان لا يخشى استعداء المؤسسة البيضاء: «أنا أمريكا، أنا الجزء الذى لن تتعرف عليه، لكن تعتاد عليه، أسود، واثقًا، مغرورًا، اسمى وليس اسمك، دينى وليس دينك، أهدافى، أهدافى الخاصة، اعتد على ذلك».
انتهت صداقة محمد على مع مالكولم إكس بانفصال الأخير عن أمة الإسلام بعد أسبوعين من انضمام محمد على، وبقى محمد على مع أمة الإسلام، وقال فيما بعد إن إدارة ظهره لمالكولم كانت من أكثر الأخطاء التى ندم عليها فى حياته، وأشار الكاتب جيرى إيزنبرغ ذات مرة إلى أن حركة أمة الإسلام أصبحت أسرة محمد على وأصبح إيلى محمد والده. فى عام 1966 رفض محمد على الالتحاق بالجيش مستشهداً بمعتقداته الدينية ومعارضته الأخلاقية لحرب فيتنام، وتمت إدانته بتهمة التهرب من الخدمة العسكرية ولذلك واجه 5 سنوات فى السجن وتم تجريده من ألقابه فى الملاكمة، وبقى خارج السجن عندما استأنف القرار أمام المحكمة العليا التى ألغت إدانته فى عام 1971، لكنه لم يقاتل لما يقرب من أربع سنوات، وخسر فترة ذروة الأداء كرياضى.
3- التحول إلى الصوفية
يعتقد محمد على أن المسيحيين الجيدين أو اليهود الطيبين سوف ينالون بركة الله ويدخلون الجنة لأنه يؤمن «أن الله خلق كل الناس بغض النظر عن دينهم»، وقال أيضاً «إذا كنت ضد شخص ما لأنه مسلم فقط فهذا خطأ، وإذا كنت ضد شخص ما لأنه مسيحى أو يهودى فقط فهذا خطأ». ذهب محمد على فى رحلة الحج إلى مكة فى عام 1972 مما ألهمه بطريقة مماثلة لمالكولم إكس، حيث التقى بأناس من مختلف الألوان من جميع أنحاء العالم ومنحه ذلك نظرة مختلفة ووعيًا روحيًا أكبر، وفى عام 1977 قال إنه بعد تقاعده سيكرس بقية حياته للاستعداد لمقابلة الله من خلال مساعدة الناس، والعمل الخيرى، وتوحيد الناس، والمساعدة على صنع السلام، وذهب لفريضة الحج مرة أخرى عام 1988. بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 صرح بأن «الإسلام دين سلام» و«لا يروج للإرهاب ولا يقتل الناس»، وأنه «غاضب لأن العالم يرى مجموعة معينة من أتباع الإسلام تسببوا فى هذا الدمار لكنهم ليسوا مسلمين حقيقيين، إنهم متعصبون عنصريون يسمون أنفسهم مسلمين».
فى ديسمبر 2015 صرح بأن «المسلمين الحقيقيين يعرفون أن العنف الوحشى لمن يسمون الجهاديين الإسلاميين يتعارض مع مبادئ ديننا»، وأن «علينا كمسلمين أن نقف فى وجه أولئك الذين يستخدمون الإسلام لتحقيق جدول أعمالهم الشخصي»، وأن «على القادة السياسيين استخدام مناصبهم لنشر الفهم الصحيح للدين الإسلامى، وتوضيح أن هؤلاء القتلة المضللين قد شوهوا آراء الناس حول حقيقة الإسلام».
وفى وقت لاحق من حياته بعد تقاعده من الملاكمة أصبح محمد على طالبًا للقرآن ومسلمًا متدينًا للغاية، كما طور اهتمامه بالصوفية وهو الأمر الذى كشف عنه فى سيرته الذاتية، «روح الفراشة» وبدأ حوالى عام 2005 فى اتباع الإسلام الصوفى.
وطبقا لابنته هانا على، التى شاركت فى تأليف كتاب «روح الفراشة»، فقد انجذب محمد على إلى الصوفية بعد قراءة كتب عناية خان التى تحتوى على تعاليم صوفية.
وتلقى محمد على توجيهات من علماء إسلاميين مثل مفتى سوريا الشيخ أحمد كفتارو، وهشام قبانى، والإمام زيد شاكر، وحمزة يوسف، وتيموثى جيانوتى، والأخير كان بجانب سرير محمد على فى أيامه الأخيرة، وتوفى محمد على يوم 3 يونيو 2016 عن عمر ناهز 74 عاماً بعد صراع طويل مع مرض الشلل الرعاش «باركنسون».