"البعث والخلود الجنة والنار الوحدانية".. خبير يكشف مفردات الديانة المصرية
قال الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار، إن الديانة المصرية القديمة فكر راقي نبع من الاعتقاد في البعث والخلود إيمانًا بوجود حياة أخري ينعم بها المتوفي بعد الموت حيث يعود بعثة ثانية للحياة بعد موته ليحيا حياة خالدة مما دفعهم إلى حفظ جثث موتاهم عن طريق التحنيط ودفن موتاهم في قبور حصينة وتزويد المقابر بكل ما يحتاج اليه الميت من طعام وشراب وأدوات ليستعين بهابعد البعث.
وأضاف ريحان أن المصري آمن بالثواب والعقاب وأن الروح تتعرض للحساب بعد الموت حيث يقف الميت أمام محكمة تتكون من 42 قاض يرأسهم المعبود أوزيريس (إله الموتي) ويقوم الشخص الميت بسرد أعماله الحسنة ويتبرأ من أعماله السيئة حيث يتم وضع قلب الميت في احدي كفتي ميزان العدالة وفي الكفة الأخري ريشة تمثل ماعت (إله الحق والصدق) فإن خفت موازينه يدل علي أن الميت كان صالحًا وإن رجحت موازينه يدل علي أن الميت كان عاصيًا في حياته حيث يوجد في الساحة حيوان مفترس يمزق أجساد المذنبين.
ونوه أن فكرة الوحدانية نفسها نشأت علي يد أمنحتب الرابع الذي نادي بعبادة إله واحد وهو آتون ورمز له بقرص الشمس الذي يرسل أشعته إلى الأرض فيحمل إليها النور والحياة وأنشاء عاصمة جديدة للبلاد وهي أخيتاتون "تل العمارنة" وشيد بها المعابد المفتوحة للسماء.
وتابع ريحان أن المصري القديم أيقن أن هناك قوة تسيطر على حياته كما يسيطر الدين لأن الدين كان محاولة لتفسير الظواهر المحيطة بالإنسان وهو يصدر دائمًا عن رغبة في المنفعة أو رهبة من المجهول والأخطار وكانت الطبيعة المبشر الأول للدين إذ فسر الإنسان ظواهرها التي عجز عن فهمها إلى أنها تعود إلى قوة خارقة عن نطاق تفكيره والشعور الغريزي عند الحيوان بالخوف والفزع من كل ما هو مجهول مما دفع الإنسان إلى احترام كل هذه القوى التي تؤثر في حياته دون أن يعرف كنهها ومنها نشأت الديانة لاعتقاد الإنسان بوجود قوى خفية لن يراها ولكن آمن بها وهو الإيمان بالغيب الذى جاءت به الأديان ودعى إليه كل الأنبياء وهو الإيمان بالله الواحد الأحد الفرد الصمد لا إله إلا هو.
وأضاف أن الآلهة في نظر المصري القديم كالبشر يتحابوا ويتهادوا بالهدايا وهى القرابين وقد عرفت القرابين منذ عهد سيدنا آدم وأول ابنين له من السيدة حواء قابيل وهابيل اللذان قدما قربانًا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر وبما أن الآلهة في نظر المصري القديم بشر فيجب أن يرضيهم بتقديم القرابين ونشأت صلة روحية بينهما فأحب المصرى القديم المعبود.
ولم يكن للمصريين دين واحد، فهناك الدين الرسمي وهناك العقائد الشعبية تسير جميعًا جنبًا إلى جنب، ولم يكن للمصريين كتاب مقدس وإنما كان لهم كتابة مقدسة، فالديانة المصرية ليس الاعتقاد أساسًا لها بل العبادة للآلهة الذين يملكون البلاد، ومصر كانت مقسمة على مقاطعات تأثرت حدودها بعاطفة دينية، وكانت لها أعلام هي رموز لحيوانات أو نباتات تميزها عن بعضها البعض وتمثل الآلهة المصرية، وكان سكان كل مقاطعة يعتبرون معبودها أعظم الآلهة وإليه ينسبون خلق الكون ولما حدث التوحيد أصبح إله العاصمة الإله الرسمي للمقاطعة.