الإمام الطيب: إجماع الأمة مصدر من مصادر التشريع
استكمل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في الحلقة الثانية من برنامجه الرمضاني «الإمام الطيب»، حديثه عن صفات الأمة الإسلامية، حيث تحدث فضيلته عن الصفة الثانية وهي "الوسطية" والتي نقرؤها في قولِه تعالى: "وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا" [البقرة: 143]، والتي تمهد بدورها: «للشهادة على الناس»، موضحا أن النبيُّ صلي الله عليه وسلم قد فسر «الوسط» بأنه «العدل»؛ بما يعني أن الأمة الوسط: هي الأمة التي تتصف بصفة «العدل»، وسمي «الوسط» عدلا؛ لأنه نقطة متوسطة تمام التوسط بين طرفين، وإذا كان الوسط هو العدل؛ فهو مستلزم بالضرورة معنى الخيرية والأفضلية.
وقال فضيلة الإمام الأكبر، إن القرآن الكريم حين يصف الأمة الإسلامية بأنها أمة الوسط، أي "أمة العدل"، فإنه لا يعني أن هذا الوصف ثابت لكل فرد من أفراد الأمة، وأن كل فرد من أفرادها عادل؛ لا يظلم، ولا يعتدي، ولا يجور على أحد في قوله أو فعله؛ فهذا ما لم يحدث ـ ولن يحدث ـ لأي مجتمع من مجتمعات البشر، وإنما المقصود ثبوت وصف العدل لمجموع الأمة لا لجميعها أي كل فرد من أفرادها، مضيفا أن العدل هو وصف للأمة في مفهومها وعنوانها العام، وليس وصفا لها باعتبار أفرادها، وأن الآية الكريمة تفيد بأن التعديل الإلهي لهذه الأمة يكسبها الحصانة من الخطأ والضلال، فيما تنتهي إليه من إجماع على رأي أو فعل أو قول أو تشريع، ومن هنا كان إجماع الأمة مصدرا من مصادر التشريع.
وأوضح فضيلته أن الرسول "صلى الله عليه وسلم" قد أخبرنا بأن أمته معصومة ـ في مجموعها ـ من الضلال والخطأ، وأن أي فعل تجمع عليه وترتضيه هو فعل مشروع، وله حجيته، بل جعل ما استقرت عليه الأمة من قول أو عمل هو المعيار الحاسم في الأمور الخلافية، التي تطرأ على حياة المسلمين، والتي يقول البعض أن هذا مشروع ولا بأس شرعا في فعله، ويقول آخرون أنه ليس مشروعا ويجب رده ورفضه، وهنا يأتي التوجيه النبوي صريحا واضحا في قوله صلى الله عليه وسلم «إنَّ اللهَ لا يجمعُ هذه الأمَّةَ على ضلالةٍ؛ فإذا رأيتُمُ اختلافًا فعليكم بالسوادِ الأعظمِ»، والسواد الأعظم هم جماهير الأمة وعامتها، وبما يفيد بأن هذه الأمة ـ في مجموعها ـ أمة ضمن الله لها العدل والعدالة وهداها الصراط المستقيم، وهو ما جعلها أمة جديرة بالشهادة على غيرها من الأمم.
ويذاع برنامج «الإمام الطيب» على عدد من القنوات والإذاعات والمنصات الرقمية في مصر والعالم الإسلامي، بالإضافة إلى الصفحتين الرسميتين لفضيلة الإمام الأكبر على «فيسبوك وتويتر»، وقناة فضيلته الرسمية على اليوتيوب، والصفحات الرسمية للأزهر الشريف على مواقع التواصل الاجتماعي.