د. عيد رشاد يكتب: إثيوبيا والنمو الاقتصادي: من أفقر دول العالم إلى واحدة من أسرع الدول نمواً في العالم

مقالات الرأي

بوابة الفجر


 
تقع إثيوبيا في شرق إفريقيا، وهي دولة حبيسة (ليس لديها شواطئ على البحر)، وتبلغ مساحتها 1.14 مليون كيلو متر مربع، ويبلغ عدد سكانها 112 مليون نسمة يعيش 79% منهم في مناطق ريفية حسب بيانات البنك الدولي 2019 ويبلغ ناتجها المحلي الإجمالي نحو 107 عام 2020. وتصنف إثيوبيا على أنها من الدول الفقير منخفضة الدخل (الدول منخفضة الدخل هي الدول التي يقل متوسط دخل الفرد فيها عن حد الفقر العالمي والبالغ 1215 دولار عام 2015) وتخطط لأن تكون دولة متوسطة الدخل قريبا.

ولكنها تعتبر اليوم واحدة من أسرع الاقتصادات نمواً في العالم في السنوات العشرين الأخيرة (2000 – 2020)، حيث استطاعت أن ترفع ناتجها المحلي الإجمالي من 8.2 مليار دولار أمريكي في عام 2000 إلى أكثر من 100 مليار دولار في عام 2020، وارتفع دخل الفرد من 124.5 دولار عام 2000 إلى 855.8 دولار عام 2019 بمعدل نمواً بلغ 10.7% في المتوسط خلال نفس الفترة، وحققت نموا في عام 2020 بلغ 6.1% على الرغم من جائحة كورونا. وبسبب النمو السريع ارتفع معدل الادخار إلى 33.2% وانخفض معدل البطالة إلى معدلات قياسية بلغ 2.8% عام 2019.

المصدر: البنك الدولي، مؤشرات التنمية الدولية.

وتعتبر إثيوبيا دولة زراعية حيث يساهم قطاع الزراعة فيها بنحو 34% من الناتج، ويستوعب نحو ثلثي القوة العاملة في البلاد (66.6% عام 2019)، وتبلع مساحة الأراضي القابلة للزراعة 16.2 مليون هكتار بما يعادل 40 مليون فدان (الهكتار = 2.4711 فدان) وتمثل الأراضي الزراعية نحو ثلث مساحة البلاد. وتمثل الصادرات الغذائية نحو 88.5% من الصادرات السلعية لإثيوبيا، وأهم المنتجات الزراعية هي البن والحبوب وقصب السكر والبطاطا.

أما قطاع الصناعة في إثيوبيا فقد ارتفع مساهمته في الناتج من أقل من 10% عام 2010 إلى حوالي 25% عام 2019 وتستوعب نحو 9.3% من القوى العاملة، وتخطط إثيوبيا لتحويل اقتصادها من اقتصاد زراعي إلى اقتصاد صناعي بحلول عام 2025، من خلال التخطيط لبناء 23 منطقة صناعية تم الانتهاء من 13 منطقة منها عام 2020. ولكن تحقق إثيوبيا عجزاً كبيراً في ميزانها التجاري، حيث تبلغ صادراتها السلعية 2.7 مليار دولار وتبلغ وارداتها السلعية 14.5 مليار دولار ومن ثم فإن العجز في الميزان التجاري يبلغ 11.7 مليار دولار بنسبة 14.5% من الناتج.

وتعتمد إثيوبيا بدرجة كبيرة على التحويلات والتي تمثل نحو 10% من الناتج وكذلك المساعدات الدولية والتي بلغت 4.8 مليار دولار بنسبة 5% من الناتج، وكذلك الاستثمارات الأجنبية والتي بلغت نحو 5% من الناتج عام 2017، وتعتبر الصين أكبر شريك تجاري لإثيوبيا حيث تعتبر إثيوبيا واحدة من أهم 5 وجهات للصين في أفريقيا، وتنظر الصين لإثيوبيا بعدد سكانها الذي يتجاوز 110 مليون نسمة على انها سوق كبير للمنتجات الصين وكذلك مورد كبير للمواد الخام اللازمة للصناعة الصينية، وكذلك موقعها الاستراتيجي في منطقة القرن الإفريقي مع أكبر جيش في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بقوة 130 الف جندي وهي قوة مهمة من أجل استقرار القرن الإفريقي، وتعتبر إثيوبيا شريك أساسي للصين في مبادرة الحزام والطريق، وتعتبر الصين مصدر للمساعدات الاقتصادية والاستثمارات. 

والخلاصة هي أن هناك تغيرات اقتصادية وجيواستراتيجية في منطقة القرن الإفريقي وشرق إفريقيا، هذه التغيرات ساهمت فيها قوى دولية كبيرة تربطها مصالح اقتصادية وسياسية بدول القرن الإفريقي، وأن إثيوبيا اليوم لم تعد إثيوبيا كما كانت في الماضي، فقد أصبح لديها طموح كبير في أن تصبح قريبا من الدول متوسطة الدخل، بفضل النمو الاقتصادي المتسارع والمدعوم من قوى خارجية.

د/ عيد رشاد عبد القادر
مدرس الاقتصاد بكلية التجارة جامعة عين شمس ورئيس شعبة الدراسات الاقتصادية بمركز بحوث الشرق الأوسط والدراسات المستقبلية.