الهاربون من الموت.. «محمد» عاش 3 أيام فى شقة تحت التشطيب برأس مهشمة وفم مملوء بالرمال

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



«لكل أجل كتاب».. تلخص هذه العبارة سر عدم موت أحدهم رغم أن من حاول قتله كان مخلصاً جداً فيما يفعل، وتشير السطور التالية إلى جريمتين لم يقصر فيهما المجرم على الإطلاق فى تعذيب ضحيته وطعنها بالسكاكين والآلات الحادة، وذلك رغم تفاهة الأسباب، فأحدهم سعى لقتل صديقه من أجل سرقة هاتفه المحمول الذى قد لا يتجاوز سعره الألف جنيه، ويواجه المتهم حالياً الإعدام، والآخر أراد بدافع الحقد والغل ليس إلا قتل جاره وكما كان يقول «لازم أقتلك وأحزن أمك وأبوك عليك»، ولكن لكل أجل كتاب.

قرر «إسلام.أ» 27عامًا سرقة جارهم «محمد .م» 12 عاماً، بعد علمه من شقيقه الأصغر بأنه قام بشراء هاتف محمول جديد، وبعد عدة حيل نجح فى استدراجه إلى مكان مهجور: «تعالى معايا يا صاحبى عشان نشترى طلبات الشغل لأبويا».

كانت الساعة تتجه للثامنة مساءً الأربعاء 5 فبراير الماضى، عندما ودع الطفل «محمد» والديه للنزول إلى صالة «بلاى ستيشن» بأحد الشوارع المجاورة لمنزلهم: «أنا نازل «السيبر» عشان إسلام مستنينى ألعب معاه بابجى».

بمجرد أن التقى «محمد» بالجانى قرر الأخير فى غضون دقائق تنفيذ خطته: «هات المحمول بتاعك أشيله معايا عشان لسه جديد وممكن يتسرق منك وإحنا فى الشارع»، كانت تلك الجملة هى بداية خيط الجريمة  التى على آثارها انتقلت محررة «الفجر» إلى منزل  الضحية بحى شبرا الخيمة لكشف كواليس محاولة قتله على يد جاره وإلقائه لمدة ثلاثة أيام داخل شقة مهجورة بمسطرد.

يبدأ المجنى عليه «محمد محمود» 12عامًا حديثه مؤكداً أن جارهم يشتهر بين أهالى شبرا الخيمة بسوء سمعته، وذلك بعدما قام بسرقة 20 ألف جنيه من والده وتسبب فى انفصال والديه وتشريد أشقائه الصغار، ويتابع بصعوبة بسبب شدة إصابته: «إسلام طلب منى أروح معاه العتبة عشان نشترى حاجات، وقالى لو جيت معايا هديلك 100 جنيه وأعزمك على العشا»، وقبل ما نتحرك قال لى» هات التليفون بتاعك أشيله معايا عشان جديد وممكن يتسرق منك.. مكنتش أعرف إن هو اللى عاوز يسرقه، واديتهوله يخليه معاه».

ويضيف بحزن شديد: «كان طول الطريق بيحاول يهرب منى.. حتى بعد ما اشترينا الطلبات وخلصنا وكنا المفروض نرجع معزمنيش على العشا ولا إدانى الـ100جنيه اللى وعدنى بها زى ما قالى».

ويستكمل «محمد» حديثه مؤكداً أن المتهم كان على أتم الاستعداد لتنفيذ محاولة قتله: «هو كان عارف ومرتب كل إللى ناوى يعمله معايا، وفضل يلف بيا فى الشوارع وكل ما أطلب منه الموبايل بتاعى كان يرفض بحجة أنه ممكن يتسرق منى زى ما اتسرق إللى قبله»، و«أنا كنت خايف على  التليفون عشان لسه جديد وشاريه من شغلى وشقايا بالقسط».

وأضاف: «عندما قمت بتذكيره بوعده ليا أخبرنى بأن مبلغ الـ 100 جنيه ليس متوفراً معه، وعلينا أن نذهب إلى شقتهم الجديدة بمنطقة مسطرد لتسليم والده الطلبات التى قمنا بشرائها من العتبة.. وقال المجنى عليه: «قولتله فين الـ 100 جنيه إللى أنت هتديهالى، فرد قائلاً: «تعالى معايا عند أبويا وأنا هديلك إللى أنت عاوزه، وبعدين خد تليفونك وامشى».

ويكمل: قام باستدراجى إلى شقة بالطابق التاسع فى عمارة تحت التشطيب وبدون أسانسير بمنطقة مسطرد، وفور وصولنا المنطقة حاول الهرب منى لكننى لحقته وطلبت منه الهاتف ورفض قائلاً: «مش هتاخده» إلا ما نوصل الطلبات لأبويا».. ويضيف: «أول ما دخلنا الشقة كتم أنفاسى بأيديه الاثنين وبعدين لف ذراعه حوالين رقبتى محاولاً قتلى وأنا أتوسل إليه كى يتركى.. «قولتله حرام عليك يا إسلام، لو عاوز تاخد التليفون خده وسيبنى أعيش عشان خاطر أهلى مالهمش غيرى».

ويكمل بضعف ووهن شديد: «إسلام ضربنى بعد كدا بحجر على رأسى بكل قوته فوقعت على الأرض وكنت بنزف دم جامد، حسيت أن دماغى اتقسمت نصين.. وكان ساعتها بيقول لازم تموت عشان متحكيش لحد إللى حصل واتحبس».

وأضاف: «بعد كدا ملا بقى ومناخيرى رمل علشان ما أقدرش أتنفس وأموت وما أحكيش لحد إللى حصل».. و«بعد كدا سابنى علشان أموت بالبطىء».

ويقطع «محمود محسن» والد الطفل الضحية الحديث مؤكداً أن نجله تغيب على المنزل قرابة 4 أيام: «مكناش عارفين مكانه»، ويتابع: «قمنا بإبلاغ قسم أول شرطة شبرا الخيمة وقمنا بتحرير محضر يفيد بتغيبه».. و«لما عملنا محضر عرفنا من صاحب السيبر «البلايستيشن»، وأصحاب محمد أنهم شافوه آخر مرة مع إسلام رايحين العتبة. ويضيف: توجهنا إلى منزل إسلام لسؤاله عن مكان ابنى فأنكر معرفته بمكانه وشاركنا فى رحلة البحث عنه «قالى والله يا عم محمود معرفش هو فين، أنا آخر مرة كان معايا فى العتبة ورجعنا وبعد كدا مشفتوش».

ويضيف: بعد 3 أيام تلقينا اتصالاً هاتفياً من أحد الملاك بالعقار يفيد بأنه عثر على محمد وهو يصارع الموت داخل شقة تحت التشطيب، وكان فى حالة إغماء شديدة: «إحنا لاقينا إبنك مغمى عليه وقاطع النفس ومرمى فى الدور التاسع».

وأكد المتصل كما يروى والد الضحية، أن إحدى السيدات التى تسكن بالطابق السادس كانت أول من اكتشفت وجود محمد أثناء صعودها إلى السطوح لإطعام الدجاج.

وأشار إلى أن ابنه أخبر السكان بما حدث، فقاموا بنقله إلى المستشفى لإنقاذه وقام أحدهم بإبلاغ الشرطة، وقال: «لقوه بين الحياة والموت، وعمل عمليتين فى المخ عشان يعيش».