نظرة للدراسات النسوية : النظام الفردى إستمرار لإقصاء النساء وآثاره سلبيه على مشاركتهم السياسية

أخبار مصر

نظرة للدراسات النسوية
نظرة للدراسات النسوية : النظام الفردى إستمرار لإقصاء النساء

ندى محمد

تعد إشكالية اختيار أنسب النظم الانتخابية لإجراء الانتخابات البرلمانية القادمة في مصر من أهم الإشكاليات التي ستواجه القانونيين والأحزاب في الفترة القادمة بسبب تأثيرها على نتائج الانتخابات وتأثيرها على إمكانية مشاركة فعالة سياسية حقيقية لكافة النساء الراغبات في المشاركة والذي سينطبع بالضرورة على نسبة تمثيل النساء في البرلمان.

وتبدو تلك الإشكالية أكثر إلحاحا الآن من أي وقت مضى، فبعد أحداث 30 يونيو وطرح خارطة طريق جديدة تتضمن مراجعة دستور 2012 المعطل –الصادر من قبل سلطة الإخوان المسلمين وبإقصاء أغلب طوائف وشرائح المجتمع المصري- والذي سيترتب عليه إصدار قانون جديد لتنظيم المشاركة السياسية ووضع قواعد جديدة للانتخابات التشريعية ومباشرة الحقوق السياسية ,برزت أهمية مناقشة النظم الانتخابية المختلفة وعما إذا كانت تلك الانتخابات ستجرى بنظام القائمة النسبية أم الموحدة، أو بالنظام المختلط (الفردي والقوائم معا). وقد ترددت مؤخرا أنباء عن اعتزام السلطة الانتقالية إقرار الانتخابات التي ستعقد في المرحلة الانتقالية بنظام قائم علي النظام الفردي فقط وهي خطوة يراها البعض تراجعا خطيرا نظرا لعيوب النظام الفردي بشكل عام في دولة حديثة العهد بإجراء انتخابات تشريعية نزيهة وشفافة، ونظرا لما يمثله هذا النظام من مخاطر على مشاركة النساء السياسية بشكل خاص. تقوم هذه الورقة بتلخيص موقفنا من نظام الانتخاب الفردي لما فيه من ضرر ليس فقط على مشاركة النساء بشكل متساو في العملية السياسية بل على ضمان تمثيل عادل لكافة القوى السياسية وخاصة الأحزاب والكيانات حديثة العهد والتي تم إنشاؤها بعد ثورة 25 يناير.

فى السياق نفسه ,أصدرت مؤسسة نظرة للدراسات النسوية ورقة بحثية حول النظام الفردى وأثره على المشاركة السياسية للمرأة قدمت قراءة سريعة لواقع الانتخابات التشريعية في مصر في مرحلة ما بعد ثورة 25 يناير وحتى الآن وآثار العملية السياسية والانتخابية خلال العامين ونصف الماضيين على مشاركة النساء في العملية الانتخابية، ثم إستعرضت مشاكل النظام الانتخابي الفردي وآثاره السلبية على مشاركة النساء في الحياة التشريعية المصرية بشكل عام.

وتتضمن الورقة ثلاثة محاور رئيسية ,المحور الأول النساء و الانتخابات التشريعية في مصر بعد الثورة: مشاركة محدودة وأمال محبطة,حيث شهدت أول إنتخابات برلمانية بعد الثورة فى ظل قيادة المجلس العسكري والذي كان يدير عملية انتقالية لا يمكن وصفها إلا بالمشوهة والحصرية بين الجيش وجماعة الإخوان المسلمين وسط عملية إقصاء متعمدة لكل التيارات الأخرى, وقد شابت انتخابات برلمان 2011\2012 والظروف التي أجريت فيها وتم فيها وضع قانون الانتخابات الكثير من الشكوك حول ديمقراطيتها بل ودستوريتها والتي أفضت في النهاية إلى حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلانها لعدم دستورية قانونها وحل مجلس الشعب في يونيو 2012. وقد جاء في حيثيات الحكم من ضمن أسباب الحل عدم تحقق مبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.

المحور الثانى هو عيوب النظام الفردى وتأثيره السلبى على المشاركة السياسية للمرأة ,حيث تكمن أولى مشكلات النظام الفردى فى النطاق الجغرافى ففي ظل خلاف واضح حول التقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية، وهذا منذ استحداث المجلس العسكري تقسيما جديدا للدوائر في مرسومه الصادر بقانون انتخابات مجلسي الشعب والشورى (مجلسي النواب والشيوخ في الصيغة الجديدة للقانون والذي رفضته المحكمة الدستورية العليا) وبذلك أصبحت مساحة الدوائر الجغرافية والديموغرافية كبيرة ومتفاوتة، حيث قد تمتد مساحة الدائرة في بعض الأحيان إلى 600 كيلو متر تتخللها مسافات صحراوية مثل دائرة الجيزة الرابعة، بينما لا تتجاوز مساحة دوائر أخرى العشرة كيلومترات على سبيل المثال. وقد أدى هذا التفاوت في تقسيم الدوائر فيما يتعلق بالمرشحين على النظام الفردي إلى تركيز المرشحة أو المرشح على منطقة محددة من الدائرة لنشر دعايته الانتخابية والتواصل مع سكانها، الأمر الذي يؤدي إلى عدم معرفة العديد من الناخبين لهذا المرشح أو هذه المرشحة من الأساس .

وبالنظر إلي نتائج الانتخابات التشريعية الماضية، فقد كان عدد النساء المرشحات على المقاعد الفردية اللاتي نجحن في الحصول على مقعد في البرلمان يساوي صفر. وقد أثر تفاوت حجم الدوائر الانتخابية على فرص كل النساء المرشحات ويتساوى في ذلك المستقلات والحزبيات. فالأحزاب عادة ما تولي النساء اهتماما أقل بكثير من الرجال في حملات الدعم الانتخابية مما يجعل فرصهن أقل بكثير إلا في حالات قليلة واستثنائية لم تظهر في إطار النظام الفردي.

المشكلة الثانية هى المزاج الإنتخابى , فعادة ما يكون الناخب أميل لاختيار المرشح الذي يعرفه معرفة شخصية ويقدم له خدمات بعينها ويشكل ذلك عقبة أساسية في وجه المرشحات من النساء حيث لا يميل المزاج العام لدعم النساء بالإضافة إلي وجود خطابات رافضة لوجود النساء في الحياة السياسية وعدم قدرتهن على التواجد داخل تلك العملية .

المشكلة الثالثة ,هى القبلية ونظام العائلات والمال السياسى , حيث تسيطر القبلية على نتائج الانتخابات وخاصة في الصعيد المصري وسيناء حيث تسيطر العائلات الكبيرة ذات النفوذ والمال, وتلعب مثل هذه العناصر وخاصة في بلد حديث العهد بالديمقراطية والانتخابات النزيهة مثل مصر دورا معوقا للمشاركة السياسية للنساء، حيث تفتقر النساء في المجتمعات التقليدية وخاصة بالصعيد مثل هذا النفوذ


وعلى عكس ذلك يحقق نظام القائمة النسبية عدد من المميزات من بينها تمثيل واسع للنساء فى البرلمان ,بناء قدرات النساء ,حل مشكلة الدوائر الإنتخابية .

المحور الثالث ,يتضمن توصيات للسلطة الانتقالية والأحزاب السياسية بشأن النظام الانتخابي في الانتخابات التشريعية ,وفى مقدمتها إعادة النظر فى نظام الإنتخابات والأخذ بنظام القائمة النسبية , ضرورة العمل على تشجيع مشاركة النساء في الانتخابات عن طريق إلزام الأحزاب بوضع النساء على مراكز متقدمة على القوائم النسبية ودعمهن خلال مشوارهن الانتخابي على أن يعتبر ذلك نوع من أنواع التمييز الايجابي الذي أخذت به دولا كثيرة مما ساهم في توسيع رقعة المشاركة السياسية للنساء في الحياة الحزبية لبلادهن.

وأخيرا , على الأحزاب السياسية العمل على دعم النساء داخلها والاهتمام بهن وبتنمية قدراتهن السياسية وترجمة مشاركاتهن إلى وصول فعلي لمواقع اتخاذ القرار سواء داخل المستويات الحزبية المختلفة وكذلك على القوائم الانتخابية وذلك بدون انتظار قانون ملزم للقيام بذلك. فإذا كانت الأحزاب في مصر تنادي بالدولة المدنية التي لا تفرق بين مواطنيها على أساس الجنس أو الدين أو العرق، فإن أولى خطوات تحقيق ذلك هو ضمان مشاركة سياسية مساوية لنصف المجتمع والذي بدونه لا تستقيم حياة نيابية وديمقراطية سليمة.