د. رشا سمير تكتب: عربة السيدات
طالما استوقفتنى فكرة وجود عربة سيدات فى مترو الأنفاق.. وطالما كان سؤالى: هل هى خطوة تقدمية أم رجعية؟ هل هى فكرة لخلق خصوصية للنساء وحمايتهن من التحرش فى الأماكن المزدحمة؟ أم هى فكرة تعبر عن فشل الدولة فى حماية النساء من التحرش والاعتداءات المتكررة عليهن بحبسهن فى قفص للحريم؟
لسبب أو لآخر، أشعر أن هذا التساؤل عاد يداهمنى من جديد وأنا أرقب التعديلات التى يطرحها البرلمان لتعديل قانون الأحوال الشخصية والرؤية والقوانين الأخرى التى تنظم العلاقات بين الرجل والمرأة فى مصر قبل وبعد الزواج.
البنود كثيرة والمقترحات بعضها يستحق التنفيذ والبعض الآخر لن يسبب إلا المزيد من الربكة الاجتماعية..
استوقفنى على سبيل المثال بند بشأن الخطبة يبدو غريبا بعض الشىء..
يقول هذا المقترح الآتى:
«وإذا عدل أحد الطرفين عن الخطبة بغير سبب فلا حق له فى استرداد شىء مما أهداه للآخر و إن كان العدول بسبب الطرف الآخر فله أن يسترد ما أهداه أو قيمته يوم استرداده ويستثنى من ذلك ماجرت العادة على استهلاكه»!
وكيف سيتم تحديد من الذى قام بخطوة العدول عن الخطبة؟ وماذا لو تعمد طرف (تطفيش) الطرف الآخر للنيل من الشبكة، كيف سيتم إذن تحديد المطفش والطافش! ومن سيقرر ما جرت العادة على استهلاكه؟!
أما عن قانون الرؤية فهو بالفعل مجحف للرجل، ودون انحياز يحتاج إلى تعديل، وقانون الحضانة أيضا يحتاج إلى تعديل موازٍ.
نأتى لنقطة أثارت جدلًا وأتمنى أن تكون مجرد تكهنات ليست صحيحة وألا تتم الموافقة على تمرير هذا البند غير العقلانى والذى يعيدنا مرة أخرى إلى عصور الظلام..وهو بند الولاية على المرأة! الذى يمثل بكل بساطة عصفًا بمائة عام من الحركة النسوية فى مصر..فما المقصود بهذا التعديل؟!.
يجب ألا ننسى أنه قد تم عرض التعديلات المقترحة على مجلس النواب العام الماضى، وبعد أن تسببت تلك التعديلات فى إثارة الجدل والغضب تحت قبة البرلمان، تقرر تأجيل مناقشتها للدورة التشريعية الجديدة.
المقترح يقول: «يحق لأى «ذكر» فى عائلة المرأة التى ترغب فى الزواج من شخص أن يبطل هذا الزواج فى غضون عام واحد بدعوى عدم كفاءة الزوج الذى اختارته السيدة أو إذا تزوجت دون موافقة هذا «الذكر» أو غيره من ذكور العائلة أوإذا لم تحصل على مهر ممن زوجت نفسها له» أى ذكر!!.لا تعليق!.
الواقع اليوم يقول إن الأم ليس لها أى ولاية على أطفالها فى كل ما يتعلق بالتعليم والصحة والسفر وإصدار الأوراق الرسمية وغيرها من المعاملات التى تلغى تقريباً وجود المرأة فى كل تعامل قانونى أو رسمى يتصل بأولادها..وفيما يمكن للأب السفر بأولاده دون إذن من أحد، لا يحق للزوجة أو المطلقة السفر بأبنائها دون الحصول على موافقة كتابية من الزوج.
الحقيقة أن علاقة الرجل بالمرأة فى مصر بعد الطلاق هى أشبه بالحرب العالمية، تحالفات وقتال وسقوط جرحى وقتلى، هم فى الغالب الأطفال..
إذن الطفل يجب أن يكون ويظل فى المقام الأول والأخير هو صاحب القرار والمنفعة وهذا ما طالب به فخامة رئيس الجمهورية، ببساطة لأن الأطفال هم من يعانون ويدفعون ثمن الطلاق والزيجة الثانية والإهمال ومايترتب عليها من تبعيات نفسية واهتزاز داخلى مؤثر فى تكوين الشخصية.
الحقيقة المؤسفة تؤكد أن موافقة الزوج على السفر كان فى وقت ما ورقة فى يد الزوج يستخدمها كسكين لذبح المرأة وإمساكها من رقبتها، وطالما رأينا طبيبات ومهندسات وسيدات أعمال يتم إيقافهن فى المطار ويتم توقيف الأبناء ومنعهن من السفر وفى المقابل طالما سمعنا عن آباء قاموا بخطف الأبناء والهروب بهم دون أن تعرف الزوجة شيئًا عن الأمر!
القوامة التعليمية يجب أن تكون للمرأة، لأنها عادة هى الطرف الذى يبحث عن التعليم الأفضل للأبناء، وعادة ماينسحب الأب من تلك المسئولية بحجة انتقامية خالصة من طليقته، كما أنه يجب أن يكون هناك تعديل قاطع لوصاية الأم على الأبناء فى الإجراءات الحياتية مثل فتح حساب بنكى واستخراج جوازات السفر..فمن غير المنطقى أن يكون للعم الحق فى هذه الإجراءات والأم لا!.
كلمة أخيرة.. عربة السيدات فى المترو ليست هى الحل!.