أموات على قيد الحياة

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر



أن تكون حيًا ترزق وتمسك بيدك شهادة وفاتك، فأنت بذلك أصبحت ميتًا على قيد الحياة، بحكم القانون أنت من عداد الأموات، بين دفاتر المحاكم حكايات تعكس هذا الواقع المرير، أصحابها يسعون بكل جهد لإثبات وجودهم بين الأحياء وليس الأموات، روايات تمس القلوب إذا قصها عليك ضحاياها يستحيل تصديقها ظناً منك أنها مسلسل درامى، أو من وحى الخيال، لكنها حقائق ووقائع عاشها أصحابها وشاهدتها محاكم وأروقة المصالح الحكومية لأشخاص أحياء استخرج لهم ذووهم شهادة وفاة بأسمائهم، وهم على قيد الحياة لتحقيق أهداف مشبوهة والاستيلاء على أملاكهم وعانوا كثيراً لإثبات وجودهم بين سائر الناس ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل.

1 طليقة فؤاد خدعته وادعت موته للاستيلاء على المعاش و80 ألف جنيه بمساعدة «سواق الإسعاف»

شقيقه ذهب لاستخراج سجل عائلى وفوجئ بأنه مسجل وفاة

«كل الناس مش مصدقة إنى لسة عايش.. أنا لحد دلوقتى مش متخيل إنى ماسك شهادة وفاتى» بتلك العبارة المؤلمة بدأ «فؤاد.ح» حديثه مؤكدًا أن طليقته وتدعى «نادرة.ا» من قامت باستخراج شهادة وفاة لغرضين أولهما سهولة الحصول على معاش والأمر الثانى الاستيلاء على جميع أملاكه وأمواله المتواجدة بأحد بنوك محافظة الدقهلية قائلاً: «طليقتى هى إللى عملت كده عشان تاخد البيت منى وأرض مرسى مطروح.. هى طمعانة فيا وعارفة إنى شايل 80 ألف جنيه فى البنك من أول جوازنا».

 وأضاف أنه مر على فترة طلاقهما 20 عامًا، ولديه منها طفلان وهما «هاجر، ومحمد» وكانا يقيمان بالبحيرة، وكان سبب الطلاق حينها خلافات زوجية منبعها عدم التفاهم بينهما، ثم بعد مرور عام على طلاقهما انتقل للعيش بالقاهرة وتزوج من أخرى ورزقه الله بـ «أمينة» وهى طفلته من الزوجة الثانية.

وعن بداية القصة أوضح «فؤاد» لـ«الفجر» أنه اكتشف الأمر عندما ذهب شقيقه الأكبر ذات يوم إلى سجل مدنى المحلة لاستخراج «قيد عائلى» فتفاجأ بأن شقيقه متوفى فقام بإبلاغى على الفور، مضيفا «فى اليوم التالى توجهت إلى مكتب السجل المدنى الكائن بالعباسية وطلبت من الموظف استخراج شهادة وفاة باسمى وحين طلب منى البطاقة الشخصية وقمت بإعطائها له سألنى هذه البطاقة تحمل اسم المتوفى أريد البطاقة الخاصة بك فأخبرته أننى نفس الشخص وأنا هنا كى أفهم لماذا أنا متوفى فى السجلات، فأرسلنى إلى مكتب المدير الذى أخبرنى أن شهادة الوفاة تم استخراجها من محافظة الإسكندرية مكتب صحة حى العطارين».

واستكمل: «أخذت شهادة الوفاة والبطاقة الشخصية ووضعتهما فى جيبى وذهبت إلى مكتب صحة حى العطارين بمحافظة الإسكندرية، وبسؤال أحد الموظفين، أقر أن هذه الشهادة صحيحة ومثبتة صحتها أيضا بالأوراق الرسمية بالمكتب»، متابعا: «سألته إزاى طالعلى شهادة وفاة وأنا واقف قدامك» أجابنى قائلاً: إن هناك شخصًا ما جاء إليه وأخبره أن هذا الشخص متوفى بالمستشفى الميرى، وكانت جميع الأوراق صحيحة فأخرجت له تصريح الدفن.

ويوضح فؤاد أنه بالبحث عن هذا الشخص الذى أخبره به موظف صحة العطارين اكتشف أنه يعمل سائق سيارة إسعاف وعند الوصول إليه أخبره أنه فعل ذلك مساعدة لسيدة أربعينية توصلت إليه لتسهيل عليها الأمر مدعية أنها من المحلة الكبرى بمحافظة الغربية، مركز إيتاى البارود وأن زوجها توفى، ولا يحمل أى بطاقة شخصية إلا شهادة الميلاد فما كان منى إلا أنى قدمت لها المساعدة ولا أعلم شيئًا بعد ذلك. وأشار الميت الحى إلى أنه عندما عرض صورة طليقته على سائق الإسعاف تعرف عليها مؤكدا أنها هى السيدة التى طلبت منه استخراج شهادة وفاة لزوجها ولكنها أخبرته بأنها لم يكن معها إثبات شخصية غير شهادة ميلاد زوجها المتوفى قائلا له: «أيوة هى دى الست اللى جاتلى وقالتلى جوزى مات ساعدنى اطلع له شهادة وفاة».

طالب «فؤاد» فى آخر حواره الجهات المسئولة باسترداد حقه القانونى وإلغاء وشطب شهادة وفاته بسجلات الدولة قائلاً: «حياتى عطلت بسبب شهادة الوفاة كل ما اطلع مستخرج رسمى يقولولى أنت ميت مع إنى حى قدامهم.. الشركة اللى شغال فيها لو عرفت قصتى وإنى طالعلى شهادة وفاة هترفتنى وعيشى هيتقطع، أنا نفسى مشكلتى تتحل ويكون فى قانون يحاسب المزورين وكل من تسبب فيما تعرضت له».

2 .. وجشع الزوجة والأبناء الـ6 دفعهم للتبرؤ من أبيهم مقابل المال

أولاد عبد الفتاح وزوجته يتنكرون منه بعد عودته من ليبيا ويرفضون إجراء تحليل dna.. استخرجوا له شهادة وفاة بعد 13 سنة فى الغربة

أما كواليس القصة الثانية سطرت حروفها كلمات القسوة وجحود قلب الأبناء على أبيهم بمساعدة الأم التى أنكرت سنوات عطاء و كفاح الزوج بعدما دامت لسنوات طويلة مدتها 13 عامًا قضاها «عبد الفتاح. أ» من مواليد إحدى قرى محافظة كفر الشيخ، ليتفاجأ بعد عودته من ليبيا باستخراج زوجته وأبنائه الـ 6 شهادة وفاة له بالإضافة إلى تنكرهم منه أمام القاضى معلنين أنه ليس أباهم وأنه شخص كاذب قائلين: «أنت مش أبونا إحنا منعرفكش».

ويقول «عبد الفتاح» الراجل المسن البالغ من العمر 60عامًا أبنائى استخرجوا لى شهادة وفاة وأنا على قيد الحياة عندما كنت متواجدًا فى ليبيا لمدة 13عامًا.

وأضاف: «فور عودتى تفاجأت بأنهم تنصلوا منى وقاموا بطردى من البيت، ولم أكن أعلم سبب مافعلوه معى، فكنت أرسل لهم كل الأموال التى أتقاضاها شهريا»، متسائلاً «مش عارف إزاى جالهم قلب يعملوا فيا كده..حتى مراتى رفعت دعوى قضائية ووزعت ممتلكاتى بالكامل على أولادى الستة..خدوا منى 16 قيراطًا ومنزلين ملك، وكل فلوسى شقى 13 سنة فى الغربة».

وأوضح: «لم أكن أتخيل يوما إنى أعيش تلك اللحظة القاسية وأتعرض للحجود والإهانة من أبنائى وزوجتى التى كرست حياتى بأكملها لأجلهم ومن أجل توفير حياة كريمة لهم».

ويضيف: «منذ 13عامًا أراد نجلى الأكبر السفر إلى ليبيا لتوفير نفقات التحاقه بالجامعة فطلبت منه البقاء بجوار والدته وأشقائه الخمسة وسأسافر أنا لتلبية طلبات الأسرة بأكملها، وتمكنت بالفعل من توفيركافة نفقاته وعندما أردت العودة طلبت منى زوجتى البقاء، لتوفير متطلبات باقى الأبناء»،مؤكدا أن كل ما كان يعمل به من مقابل مادى كان يرسله أولا بأول لأسرته، ولايبقى معه إلا مقابل طعامه وشرابه فقط.

ويستطرد: «انقطعت جميع وسائل التواصل بينى وبين زوجتى وأبنائى الستة على مدار 4 سنوات نظراً للظروف التى مرت بها ليبيا»،  مشيراً إلى أنه عاد للإقامة بمنزله فى الإسماعيلية وبعد حسن استقبال زوجته وأولاده له، فوجئ بأنهم استخرجوا له شهادة وفاة منذ عامين، وطلبوا منه كل الأوراق الخاصة به من جواز سفر وشهادة تحركات وغيرهما، بحجة أنهم سيرفعون دعوى قضائية لإثبات أنه على قيد الحياة.

 وتابع : «بعد يومين فقط، وجدت سوء معاملة منهم وقاموا بطردى» ،معقباً «قالولى أخرج برة البيت أنت ميت»، لافتاً إلى أنه عندما طلب منهم أوراق إثبات شخصيته أكدوا له أنهم مزقوها لأنه فى نظرهم ونظر الجهات الرسمية ميت والمستند شهادة الوفاة.

أضاف: توجهت إلى شقيقى محمود بقرية الحامول التابعة لمحافظة كفر الشيخ لرفع دعوى قضائية باسمه، وطلب القاضى حضورى وزوجتى وأبنائى الستة لمواجهتهم، لافتاً إلى أن الصدمة الكبرى هى أن الزوجة وأبناءها اتفقوا على كلام واحد وهو أن الشخص الواقف أمامهم ليس أباهم، وأن والدهم كان أسود اللون، ومصابًا بالعديد من الأمراض ويعجز عن الحركة، ولكن الواقف أمامهم أبيض اللون ومعافى، ولكن من يقف بجانبه عمهم محمود، وما أذهله أنهم اعترفوا بعمهم وأنكروا صلته بهم. ويستكمل كاشفاً: «عندما طالب القاضى بتحليل إثبات نسب «DNA» توجه هو وشقيقه محمود لعمل التحليل ولكن زوجته وأبناءه رفضوا الحضور، فلم يجد حلا إلا أن تتم عملية التحليل بينه وبين شقيقه، والتى أكدت صحة كلامه»، قائلاً: «التحاليل أثبت أن محمود أخويا ودمنا واحد»، مضيفا: «أصبحت خائفاً من مغادرة المنزل لعدم حملى هوية تثبت شخصيتى».