"العبابدة" و"البشارية".. ينتمون لابن عم الرسول ويعيشون في الصحراء الشرقية
حضارة عريقة وقصص لم يعرفها الكثيرون منا عن حياة، قبيلتى العبابدة والبشارية الذين يقطنون في أحضان الأودية الجبلية تعيش فى الصحراء الشرقية منذ تاريخ بعيد، وتتميز بعادات وتقاليد غير موجودة فى قرائنهما من القبائل الأخرى.
قبيلة العبابدة
يقول آدم سعد الله أحد أبناء قبيلة العبابدة، إن قبيلة العبابدة قبيلة عربية تمتد أنسابها إلى الصحابي الجليل الزبير بن العوام، ابن عمة رسول الله وحواريه، وتعيش هذه القبيلة جنبًا إلى جنب مع قبيلة البشارية بالصحراء الشرقية في جنوبي مصر ما بين محافظتي أسوان والبحر الأحمر وتمتد حتى شمال شرق السودان، والعبابدة والبشارية قبائل رعوية تعيش على الأمطار وترعى الإبل والأغنام وتجمع الأعشاب الطبية فى الصحراء، واشتهرت بالتجارة الحدودية.
قبيلة البشارية
وفيما يتعلق بقبيلة البشارية لم يختلف الحال كثيرًا وقبيلة البشارية فهم أبناء عمومة العبابدة وتجمعهم الأنساب والإقامة والعادات والتقاليد، وعرفت هذه القبائل باسم البجة ويتحدثون الرطانة ويحرصون على الترابط والتواصل بينهما البعض فى العادات والتقاليد المختلفة.
وتتشعب قبيلة البشارية لعائلات مختلفة منها (العالياب – العمروبات – حمدأوراب) وكل قبيلة تعيش فى منطقة ووادى من صحراء أسوان ووادى علاقى ومثلث حلايب وشلاتين، ويطلق على العبابدة والبشارية جنود مقاتلى الفراعنة أو محاربى الصحراء، لأنهم كانوا فرسانًا بطبيعة حياتهم الصحراوية الشاقة التى عودتهم على المبارزات والقتال لحماية أرضهم.
أماكن إقامتهم
يقول آدم سعد الله، أن أبناء العبابدة والبشارية يسكنون الجبال والوديان الصحراوية، ويتميزون بتجارة الجمال الدولية بين مصر والسودان ويسافرون بها 45 يومًا عبر الصحراء من السودان إلى مصر، وتتميز كل قبيلة من العبابدة والبشارية بصناعة "وسم" خاص بها، وهى عبارة عن قطعة حديدية تأخذ شكلًا معينًا وتحمى فى النار لتكوى بها رقبة الجمل كعلامة يتعرف بها كل صاحب قطيع من الإبل، ويشتهر أبناء القبيلتين أيضًا بتجارة الأغنام ورعيها وجمع الأعشاب الطبية التى تنبت فى الصحراء بعد هطول الأمطار الذين يعتبرونها أمطار الخير وتقام لها إحتفالات خاصةً بنزول الأمطار.
أرض الذهب والمعادن الثمينة
وتعد المناطق الشرقية ما بين أسوان والبحر الأحمر خاصة جبال وادى علاقى، غنية جدًا بالمعادن المرتكزة فى باطن الأرض مثل الميكا والسبار والذهب والفضة وغيرها من المعادن، ولعل أكثرها "الذهب"، لذلك يطلق على هذه المنطقة "أرض الذهب والمعادن الثمينة" باعتبارها متحفًا جيولوجيًا مفتوحًا، ويعتبر أبناء المنطقة هم كشافى المعادن وخبراء الوديان والمدقات الصحراوية التى تكشف عن هذه المعادن في أحضان الأودية الجبلية.
الأيام القمرية هو موعد زواج عند قبائل العبابدة والبشارية
ومن أهم عادات وتقاليد الزواج لدى القبيلتين، هو اختيار توقيت العرس نفسه ليكون خلال الأيام القمرية للشهور العربية وهى 13 و14 و15.
ليلة الشيلة تذبح فيها 40 شاهًا
وقال آدم تبدأ ليالى العرس فيما يسمى بـ"الشيلة"، وفيها تحمل كل قبيلة أمتعتها وهدايا الفرح لتسافر به إلى العرس وعادة ما تكون روائح وحنة سودانية وغيرها من مستلزمات الفرح، وقديمًا كانت تذبح الولائم لمعازيم الفرح وأحيانا تصل إلى 40 شاهًا، وتمتد أيام العرس لـ7 أو 8 ليال يتخللهم مبارزات بالسيوف وسباقات هجن بالجمال ورمى الرماح وغيرها من التحديات التى تعتمد على اللياقة البدنية، وفى ليالى السمر يشارك أبناء العبابدة والبشارية الأغانى والطرب والكف ويرقصون الـ"تربلة" وهى عبارة عن رقصة بالسيف والدرع الذى يسمى بـ"الدركة" وخلال هذه الرقصة أيضًا يقف مجموعتان من الشباب ويدخلان فى تحدٍ عن طريق الضرب بالكرابيج ويقف الشاب الذى يستعد للضرب على أطراف أصابع إحدى قدميه وتكون الأخرى معلقة بجوار ركبته ويضع طاقيته البيضاء على رأسه وعندما يضرب يقاس درجة تحمله ودرجة ثباته وعندما يهتز تقع من رأسه الطاقية، وهذا نوع من التحدى بين العبابدة والبشارية فى الأفراح وحفلات السمر، ويشير إلى الرجولة وقوة التحمل والصبر.
ومن الأغانى "ظلموك أحبابك ظلموك" و"القمر بوبا" و"الغربة قساية"، وتستخدم آلة "الطمبورة" لعزف الأغانى وتشبه فى تصميمها العود، بجانب موهبة العديد فى إلقاء الشعر، كما يعرف عن بعض العبابدة والبشارية عادة تسمى "ضرب الودع" وينجم الذين يمارسونها بجزء من مستقبل الإنسان فى الخير والشر.
البوجه والشقة ملابس العبابدة والبشارية
وتمثل ملابس أبناء القبيلتين في "البوجه" و"السراويل" و"العراقي" و"السديرى" و"الشقة" وهى قطعة قماش كبيرة تلف على رقبة الشخص وصدره بالتصلب، وعندما ينام يتغطى بها ويبلغ طولها 7 أمتار أحيانًا، وأن الملابس تكون واسعة وفضفاضة حتى لا يتلاصق عرق الجسد بالملابس.
السلات والجبنة أشهر المأكولات عند العبابدة والبشارية
وحول المأكولات والمشروبات التى تشتهر بها العبابدة والبشارية، يقول الشيخ محمد طاهر سدو، شيخ مشايخ حلايب وأبورماد، عاصرت الزمن الجميل لأهالينا سابقًا عندما كانت تأتى قوافل الجمال من الصحراء الشرقية محملة بالخير ويجلبون معهم المشروبات الطبيعية الحرجل والحلف بر والدمسيسا والعراديب، وكان سوقًا تجاريًا كبيرًا، موضحًا أن من أشهر الأكلات "السلات" وهي عبارة عن لحم مشوى على الزلط، ويتم إعداده بعد يجمع الحطب ويضعه تحت الزلط ويشعل النار حتى يسخن الزلط ويشوى اللحم، كما أن من أشهر المشروبات "الجبنة" بفتح الجيم والباء، وهى القهوة وتحضر عن طريق وضع القلاية الفخارية ويوضع فيها البن الأخضر ثم توضع على الفحم حتى يتم تحميصه ويدق جيدًا ويضاف إليه النكهات الطبيعية المختلفة مثل الجنزبيل وخلافة.