حكم نهائى ينصف ابنة الفلاح على ابن مسئول في التعيين بمحافظة كفرالشيخ

حوادث

بوابة الفجر


قضت محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ، برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، في حكم سابق، بإلغاء حكم المحكمة الإدارية بطنطا برفض دعوى إحدى الفتيات والقضاء مجددا بإلغاء قرار محافظ كفر الشيخ فيما تضمنه من تخطي الفتاة إبنة الفلاح فى شغل وظيفة بإحدى الوحدات التابعة للمحافظة لتفوقها فى التقدير العام "جيد جدا" فى شهادة بكالوريوس التجارة على من تم تعيينه بدلا منها شاب إبن مسئول حاصل على تقدير "مقبول"، وما يترتب على ذلك من آثار أخصها إلزام المحافظ بتعيينها فى تلك الوظيفة.



والقصة تبدأ بإحدى الفتيات المتفوقات بمحافظة كفر الشيخ لجأت إلى المحكمة الإدارية بطنطا - التى كانت تختص بقضايا طنطا وكفر الشيخ فى ذلك الوقت - طالبة إلغاء قرار محافظ كفر الشيخ بعد صدور دستور 2014 بتعيين شاب إبن مسئول فى إحدى الوظائف بالوحدات التابعة للمحافظة حاصل على تقدير "مقبول" بينما هى تتفوق عليه فى التقدير العام "جيد جدا"، إلا أن المحكمة الإدارية بطنطا رفضت دعواها على سند من أن الإدارة تتمتع بسلطة تقديرية فى التعيين بالوظائف مما أصابها بالحزن لكن الأمل لديها كان كبيرا فى الطعن على هذا الحكم.

ولم تيأس الفتاة وأقامت طعنا على هذا الحكم أمام محكمة القضاء الإدارى بكفر الشيخ بصفتها محكمة طعن، وطلبت من القاضى الإنسان الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة ورئيس المحكمة فى ذلك الوقت أن يسمعها فأنهمرت فى البكاء، وهدأ القاضى الجليل روعها حتى تتحدث، فقالت أنها كانت تواصل الليل بالنهار لتتفوق فى دراستها وتثبت شخصيتها جنبا إلى جنب مع الرجل وتساعد نفسها وأسرتها فى دخلها المحدود خاصة وأن والدها فلاح رباها على العلم والأخلاق لتخدم وطنها، فقال لها القاضى بصوت هادئ الحكم أخر الجلسة، ثم نطق القاضى بالحكم بإلغاء الحكم المطعون فيه الصادر من المحكمة الإدارية بطنطا والقضاء مجددًا بأحقية الطاعنة فى الوظيفة لتفوقها على إبن المسئول، فاستقبلت الفتاة الحكم بسعادة بالغة واحتضنت والدتها ووالدها الفلاح وقبلت يدهما فى موقف مؤثر، واستبدلت فى لحظات دموع الحزن بدموع الفرحة بقرار القاضى العادل.
قالت المحكمة أن المشرع الدستورى جعل الوظائف العامة وفقا للمادة (14) من الدستور حق للمواطنين على أساس الكفاءة ودون محاباة أو وساطة، وتكليف للقائمين بها لخدمة الشعب، وكفل كذلك حقوقهم وحمايتهم وقيامهم بآداء واجباتهم في رعاية مصالح الشعب، وألزم الدولة طبقا للمادة (11) منه أن تكفل المساواة بين المرأة والرجل فى جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية وضمان تمثيلها تمثيلا مناسبا فى المجالس النيابية وكفالة حقها فى تولى الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا فى الدولة والتعيين فى الجهات والهيئات القضائية دون تمييز ضدها، ومبدأ المساواة الدستورى هو نص قائم بالتطبيق بذاته دون تدخل من المشرع.
وأضافت المحكمة أنه إذا كان المشرع الدستورى قد ألزم الدولة باتخاذ التدابير الكفيلة لضمان تمثيل المرأة تمثيلا مناسبا في المجالس النيابية، فإن الأولى واﻷجدر أن تقوم مؤسسات الدولة بكفالة حقها فى تولى الوظائف العامة دون تمييز ضدها يعود بها إلى عصور التخلف والجهل، ومن ثم فإن رجل الإدارة الذى يسلب المرأة حقها فى المساواة هو سجين للكراهية وضيق الأفق، وبهذه المثابة فإن التمييز الايجابي للرجال على حساب المرأة في مجال الوظيفة العامة مخالفة صريحة لأحكام الدستور. فضلًا عن أن المساواة مبدأ إنسانى تشاركى عالمى " فإذا جُردت الأمم من النساء العاملات والمربيات الفضليات فسوف تنهزم هذه الأمم وتؤول إلى عصور الانكسار".


واختتمت المحكمة أن محافظة كفر الشيخ أعلنت في الصحف القومية عن شغل عدة وظائف،وتقدمت إبنة الفلاح بأوراقها، إلا أنها فوجئت بقرار المحافظ بتعيين من هو أقل منها في التقدير العام.وأن معايير التعيين الموضوعية تكون طبقا للمؤهل الأعلى،وعند التساوى فى المؤهل تكون الأولوية للأعلى فى مرتبة الحصول على الشهادة الدراسية، فالأقدم تخرجا،فالأكبر سنا،وهي المتفوقة على من تم تعيينه في التقدير العام للدرجة الجامعية الحاصلة عليها بتقدير "جيد جدا"، بينما من تم تعيينه حاصل على " مقبول".


وقد اعتبرت دوائر مهتمة بشئون قضايا المرأة أن الحكم الذى أصدره القاضى الجليل المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى لصالح المرأة – ضمن سلسلة من الأحكام التى أصدرها لصالح المرأة - يعتبر من أول وأهم الأحكام القضائية التى صدرت عقب صدور دستور 2014 بعدة أسابيع فى أول تطبيق للدستور حينها، يضع اللبنات الأولى بفهم عميق لقواعد المساواة بين الرجل والمرأة ويؤمن برسالتها وتضحيتها ودورها الحقيقى فى التغيير الايجابي الذي تسعى له المجتمعات في سبيل رفعتها وانتصارها أمام كافة التحديات، وأن المعانى التى احتواها هذا الحكم جاءت متسقة مع مبدأ إنسانى تتشارك فيه الأمم على قمتها مصر الحضارة.