عند القدماء.. "دعاء الأبناء لا يصل إلى السماء إلا إذا خرج من فم الأمهات" بردية آني
دراسة للآثارية، مريم عاطف شاكر باحثة دكتوراه في الآثار المصرية ترصد أهمية العلاقة بين الأم والأبناء عند المصري القديم الذي اعتبر أن الإله أودع سر الوجود من وجودها استمرار لوجود البشر.
وأشارت الآثارية مريم عاطف شاكر في تصريحان إلى الفجر، أن الرسائل الخاصة في مصر القديمة توضح أهمية العلاقة بين الأم والابن فقد كتب الكاهن والمزارع (حقا نخت) في القرن العشرين قبل الميلاد رسالة أرسل فيها تحيات محترمة وعثر علي بردية توثق الاحتفال بعيد الأم الذي تم تحديده في آخر شهور الفيضان أي وقت خصوبة الطبيعة في مصر.
وتكون الأرض مُعدة لبذر البذور وقد كان المصري القديم يضع الهدايا في غرفة الأم واعتبروا تمثال "إيزيس" التي تحمل ابنها "حورس" رمزًا للأمومة فكانوا يضعونه في غرفة الأم مُزين بالزهور ويحيطونه بالعطور والدهون وملابس الكتان.
وألقى خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان مدير عام البحوث والدراسات الأثرية والنشر العلمى بجنوب سيناء بوزارة السياحة والآثار الضوء على هذه الدراسة موضحًا أن المصري القديم أوصى بحسن معاملة الأم وعدم عقوقها ومن حكم (سنت حوتب) بهذا الخصوص:"حُب الأم يهب كل شي.. ولا يطمع في شيء". "الأم هبة الإله، ضاعف لها العطاء فقد أعطتك كل حنانها، ضاعف لها الغذاء فقد غذتك من عصارة جسدها، احملها في شيخوختها، فقد حملتك في طفولتك أذكرها دائمًا في صلاتك وفي دعائك للإله الأعظم، فكلما تذكرتها تذكرتك وبذلك ترضي الإله فرضاؤه يأتي من رضائها عنك".
كما ورد في بردية (آني) بحق الأم ما يأتي "دعاء الأبناء لا يصل إلى آذان السماء إلا إذا خرج من فم الأمهات" "الأم هي الإله للأرض.. فقد أودع الإله سر الوجود من وجودها استمرار لوجود البشر" "أجلب الرضا لقلب أمك والشرف لبيت أبيك".
وأضاف ريحان من خلال الدراسة بأن مناظر جدران المقابر توضح احترام الأم فنجد منظر الوليمة الملكية التي أُقيمت علي شرف زيارة الأم الملكية "تي" لأبنها "إخناتون" وزوجته نفرتيتي في مدينة "تل العمارنة "،حيث يجلي إخناتون قُبالة أمه الملكة "تي" وأخته "باكت آتون "وخلفه تجلس زوجته "نفرتيتي" وبناته الأميرات وبجانب كل منهم مائدة طعام خاصة به ومائدة أخري للمشروبات حيث يقوم كل منهم بوضع الطعام في فمه كما توجد سلة مملوءة بالحلويات وأنواع الكعك المختلفة،كما يوجد موقدين مشتعلين ربما للمحافظة علي سخونة الطعام،وهذا إن دل يدل علي حُسن استقبال الملك الشاب لوالدته واحترامها ووضعها في مكانة مميزة.
وأوضح أن الأديان احترمت مكانة الأم وقدرها وأوصت برعايتها وحسن معاملتها ففى القرآن الكريم ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء: 23-24).
وفى سفر الخروج "أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ" (خروج 12:20)، يقول سليمان الحكيم: "يَا ابْنِي، احْفَظْ وَصَايَا أَبِيكَ وَلاَ تَتْرُكْ شَرِيعَةَ أُمِّكَ" (سفر الأمثال 20:6)، "مَنْ سَبَّ أَبَاهُ أَوْ أُمَّهُ يَنْطَفِئُ سِرَاجُهُ فِي حَدَقَةِ الظَّلاَمِ" (سفر الأمثال 20:20).