خبير أثري يثبت براءة "قراقوش" من تهمة هدم كسوة أهرامات الجيزة

يُعد بهاء الدين قراقوش وزير الناصر صلاح الدين الأيوبي أحد الشخصيات المفترى عليها في التاريخ، حيث اتهمه بعض المؤرخين بهدمه للأهرامات واستغلال كسوتها الحجرية لبناء قلعة سلطانه "صلاح الدين الأيوبي في المقطم.

ومن ناحيته قال الدكتور عبد الرحيم ريحان الخبير الأثري المعروف، في تصريحات إلى الفجر، إن ما سبق من طرح ليس عليه أي دليل أثري، حيث أن الكسوة الخارجية لواجهات الهرم الأكبر المكونة من أحجار ملساء عليها نقوش وطلاسم تساقطت بفعل زلزال كبير ضرب مصر عام 1301م 702 هـ، وشهد على ذلك شاهد عيان وهو المؤرخ والرحالة الغربى بالدنسل الذى زار مصر فى القرن الرابع عشر الميلادى حيث سجل وجود بعض أحجار كسوة الهرم التى أسقطها الزلزال وكانت لا تزال عليها آثار نقوش مرسومة باللونين الأسود والأحمر.

وأضاف ريحان أن هذه الشهادة تنفى تمامًا كتابات بعض المؤرخين العرب ومن نقل عنهم من كتاب الآثار حديثًا أن بهاء الدين قراقوش وزير صلاح الدين هو الذى أزال أحجار الهرم، حيث أن قراقوش توفي عام 597هـ أي قرن سادس هجري الثاني عشر ميلادي، وقد شاهد المؤرخ الغربى أحجار الهرم بنفسه متساقطة بفعل الزلزال عام 1301م أي فى القرن الرابع عشر الميلادي أي بعد وفاة قراقوش بما يقرب من مائتي عام.

وأشار إلى أن قلعة صلاح الدين بنيت عام 572هـ 1176م، أى قبل الزلزال الذى أسقط الأحجار الخارجية للهرم مما ينفى أخذ بهاء الدين قراقوش لأحجار الهرم المتساقطة لبناء القلعة.

ونوه ريحان إلى أن كتابات المؤرخين العرب المتناقضة بخصوص هذا الموضوع أمثال عبد اللطيف البغدادي الذي توفي عام 629هـ 1231م وشاهد بنفسه في القرن السابع الهجري الثالث عشر الميلادي أى بعد وفاة قراقوش واجهات الهرم الأكبر ووصفها بأنها كانت مكسوة بأحجار ملساء عليها نقوش وطلاسم لم يجد فى مصر من يعرف منها شيئًا.

ثم عاد هو نفس المؤرخ ليذكر أن قراقوش أزالها لاستعمالها فى بناء القلعة كما ذكر المقريزى الذي توفي 845هـ 1441م أي فى القرن الخامس عشر الميلادي بعد الزلزال الذي دمر واجهة الهرم أن العزيز عثمان بن يوسف الأيوبى 1196م "وهو غير معاصر للحدث لذلك لا يعد مصدرًا بل مرجعًا يعتمد على مدى أمانة المؤرخ في النقل" أمر رجاله وجنوده بهدم الهرم الأحمر وأرسل حملة من رجال المحاجر والعمال والجنود تحت قيادة أحد الأمراء ليقوموا بهدمه.

وأقاموا حوله معسكرًا وأحضروا عمال من جميع البلاد وأعدوا المعدات والروافع وعملوا ثمانية أشهر كاملة ولم يتمكنوا من إزالة أكثر من حجرين فى اليوم فتوقفوا عن العمل.

وتابع ريحان أن شهادة المؤرخ بالدنسل وتناقض رواية البغدادى تنفى حدوث ما ذكره المقريزى الذي أكد في ثنايا حديثه استحالة إزالة أحجار الهرم وكانت قد سقطت بالفعل.

وذكر علماء الآثار أن النقوش التي كانت تغطي واجهة الهرم الأكبر كانت عبارة عن جداول فلكية رمز بها الكهنة لأسرار القبة السماوية وهى من أسرار المعرفة الكونية التي كان يتوارثها ويحتفظ بأسرارها المقدسة كهنة معبد الشمس وكانت تقام لها طقوس معينة استمرت حتى أواخر الدولة الحديثة كما ذكر أن واجهاته كانت مطلية باللون الأحمر وتغطيها نقوش ورموز وخطوط بيانية جعلت من الهرم شبه مزولة كونية ضخمة وأن اختفاء تلك الكسوة حولت الهرم الأكبر إلى لغز محير.

وطالب ريحان الباحثين في مجال التاريخ والآثار بتحقيق كتب التاريخ لكشف عناصر التناقض بها والروايات التى تخضع لأهواء شخصية ويتخذها مؤرخي الغرب ومن ينقل عنهم من الباحثين العرب حجة لتشويه تاريخ مصر عن طريق مؤرخين عرب لتكون حجتهم أقوى.

كما طالب الدراسات العليا بأقسام التاريخ والآثار بتخصيص نسبة مئوية من الأبحاث لتحقيق كتابات المؤرخين لمجابهة التشويه المتعمد لتاريخ مصر وهي سلسلة لا يمكن فصلها منذ عصور ما قبل التاريخ وحتى نهاية أسرة محمد على وأي تشويه لأي حقبة زمنية فى تاريخ مصر يعتبر تشويهًا لتاريخ مصر المتصل عبر العصور.