مصطفى عمار يكتب: الملائكة لا تسكن الأرض

مقالات الرأي




لن تكون حادثة التحرش بطفلة المعادى هى الأخيرة، لأن للأسف المشرع لم يقف أمام هذه النوعية من الحوادث بتشريع قانون صارم، يجعل كل شخص مريض يفكر ألف مرة قبل إقدامه على هذا الجرم الكبير، مشاهد «المتحرش» وهو يصطاد فريسته الصغيرة فى النهار ويدخل بها أحد مداخل العمارات القديمة رغم هيئته التى تبدو عليها الاحترام، لا يخبرنا بأننا أمام مجرم فقط، ولكن يؤكد أننا أمام مريض نفسى، بالتأكيد لم تكن هذه الطفلة هى ضحيته الأولى، بالتأكيد انخدع فى مظهره عشرات غيرها أخبرهن بأنه سيمنحهن قطعة حلوى أو لعبة أو مبلغ مالى ليشترين به ما يريدن، ليجد أنفسهن أمام مسخ آدامى ينتهك حرمة جسدهن الضئيل ويغتال براءة طفولتهن، سنظل نبحث عن إجابات لأسئلة عبثية، كيف لرجل فى مثل هيئته يعمل كمحاسب ومتزوج ولديه أسرة ومواظب على نشر صوره وهو فى بيت الله الحرام مصحوبة بآيات قرآنية عن أهوال يوم القيامة والاستغفار والتوبة، أن يحمل بداخله كل هذا الشر فى أن يختار شهوة رخيصة فى التحرش بالبنات الصغيرات؟! كما قولت نحن لسنا أمام مجرم فقط ولكن بالتأكيد أمام مريض نفسى، تعرض فى صغره لمثل هذه الأفعال وإن لم تكن أكبر بكثير، فقرر دون أن يشعر أن يمارس ما تم معه وفى نفس عمره مع ضحايا آخرين، هكذا يفسر علم النفس تصرف المهووسين بحب الأطفال والتحرش بهم، وفشل علم النفس فى التعرف على الدوافع المرضية لمريض الرغبة فى الأطفال أو كما يسميه علم النفس مريض «البيدوفيليا»، ولكنهم توصلوا لنتيجة مهمة هى أن الحل الوحيد لمقاومة هذا المرض هو الإخصاء أو حقن المريض بمادة تقلل وتجبح حاجته الجنسية، ولكنهم أكدوا أن عملية الإخصاء هى عملية لا إنسانية بالمرة، ولكنهم أيضاً قالوا إن السجن والعقوبات الموضوعة لمقاومة هذا السلوك العدوانى غير فعالة لأن نسبة كبيرة من أصحاب هذا المرض يعودون بعد خروجهم من السجن إلى ممارسة نفس الأفعال، وفى الحقيقة أنا لا أفهم معنى الرفض لتطبيق عقوبة الإخصاء على المتحرشين بالأطفال، طالما علم النفس يؤكد أنه لا يوجد رادع لهم حتى مع تطبيق أى عقوبة أخرى سواء الغرامة أو السجن، كان قدماء المصريين قديماً يقومون بقطع اليد أو الأذن لمن يرتكب مثل هذه الأفعال المشينة سواء السرقة أو الإغتصاب أو التحرش بالأطفال، ولأننا أصبحنا فى عصر لن يقبل بمعاودة تطبيق مثل هذه العقوبات مرة أخرى، ولأن القانون يقف عاجزا أمام تصرف المتحرشين بالأطفال وتصل أقصى عقوبة لهذا الجرم السجن من خمسة إلى خمسة عشر عاماً إذا ما وجه للمتهم جريمتان التحرش وهتك العرض، وبعدها سيخرج المتهم حاملاً نفس المرض بداخله ليصبح أكثر عدوانية ضد المجتمع ومن الممكن أن تتغير دوافعه للتحرش بالأطفال واغتصابهم وقتلهم بعدها حتى لا يخفى آثار جريمته، وهو ما يضعنا أمام الحل الأمثل للتعامل مع هذه الجريمة التى تهدد أمن وسلامة مجتمعنا الغارق فى الفوبيا الجنسية، فنحن لسنا ملائكة لأنه ببساطة الملائكة لا تسكن الأرض.