زهران جلال يكتب.. سياسة العدل "اللي يحضر العفريت يصرفه"

مقالات الرأي



جاء القانون رقم ٥ لسنة ٢٠٢١ المنشور مؤخرا بالجريدة الرسمية وبناءا على توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسي بإرجاء القانون ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ الخاص بأحكام تنظيم  الشهر العقارى حتى يونيو 2023 وإلغاء سداد ضريبة التصرفات العقارية بالشهر العقاري، وكذلك الفقرة الخاصة بتوصيل المرافق بمثابة انتصار للشعب المصري ، و الاتجاه نحو تحقيق الاستفاده من تسجيل الملكية العقارية كما ينبغي مقارنة  بجميع دول العالم التي سبقتنا بمراحل 
كما يعتبر هذا الإجراء  انحياز من السيد الرئيس لشعبه والتوجيه بقرار جمهورى للعمل علي تيسير وتسهيل كافة الإجراءات وليس العكس كما حدث بالمادة الكارثية ٣٥ مكرر ، وعلي إثر ذلك قام مجلس النواب بدوره التشريعي وانتهت اللجنة التشريعية  بالعمل بهذه التوجيهات ، وتم عرض كافة الحلول وفي مقدمتها مناقشة مشروع قانون الملكية العقارية حبيس الأدراج  ،  وبالتوازي اتفقت الغرفة الثانية مجلس الشيوخ مع نفس الغاية من التوجه والعمل علي الاستفادة من التجارب الدولية في  تسجيل الملكية العقارية  ، وإنشاء هيئة مستقلة للملكية العقارية  أسوة بالعديد من الدول  مثل  تونس حيث  يوجد وزارة خاصة بالأملاك العقارية ، وبالرغم ان هناك توصيات داخل أروقة وزارة العدل  بالاستعانة بالخبرات الدولية ، والمختصين في  سن  القوانين الخاصة بتسجيل الملكية العقارية  وهو ما قلم به  المستشار فاروق عوض مساعد وزير العدل للشهر العقاري والتوثيق عام ٢٠٠٥ ، إلا أن  وزير العدل المستشار عمر مروان ضرب مؤخرا عرض الحائط بجميع ما سبق ذكره  بما في ذلك توجيهات رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي،  ومجلس النواب والشيوخ ، بالقرار٣٤٢ لسنة ٢٠٢١  بتشكيل لجنة  لتبسيط إجراءات تسجيل العقارات  برئاسة جمال ياقوت رئيس قطاع مصلحة الشهر العقاري والتوثيق، وعضوية السيد سلامة محمد سليمان أمين عام مصلحة الشهر العقاري والوثيق، وأيمن عواد سيد رفاعي الأمين العام المساعد للشئون القانونية ، ورفع تقاريرها المستشار أشرف رزق مساعد وزير العدل للشهر العقاري والتوثيق 
وجاء هذا القرار مخيبا للآمال ؛ إذ أنه من الجدير بالذكر أن هذه اللجنة باستثناء ( الأستاذ السيد سلامة ) هي التي قامت بوضع المادة ٣٥  الكارثية والتي أشادت بها وتم إقناع مجلس النواب  السابق بها وفي النهاية  تسببت في حالة السخط العام  لدى المصريين داخليا وخارجيا ، وإحباط فرحة ملايين  المصريين بالقري والريف   بالمشروع القومي لتطوير الريف ، فكيف لها ان تقوم بحل الأزمة؟!!! 
وهو ما يشير الى اقتداء الوزير بالمثل  " اللي حضر العفريت يصرفه"  وهو مثل شعبي مصري قديم ، إلا تكملة المثل تنص على "  واللي ما يعرفش يتحمل أذاه " يعني اللي بيحضر العفريت مش دايما يعرف يصرفه وبالتالي هذا المرة ستكون القشة التي تقسم ظهرالدولة وليس العدالة فقط كما أنه يصر بقرارته  علي ادخالنا في حلزونة مرجان  التي تناولها الفنان عادل امام في فيلم "مرجان أحمد مرجان" في  قصيدة "الحلزونة" لا تختلف  عن هذه التعديلات 
يامة الحلزونة.. خبيني يامّه يا حلزونة.. الحلزونة انتحرت.. كانت تعبانة.. تعبانة.. تعبانة.. والحلزون خبطته عربية.. في ميدان التحرير.. ميدان التحرير.. ميدان التحرير.. كان بيعدي الشارع.. وباصص يمين.. كان السنونَوْ.. واقف ينونَوْ.. كان السنونو.. بينونو.. .هناك.. أصل الميدان.. كان فيه زحمة كمان.. إنسان غلبان .. خارج من شغله تعبان.. وأهو كله فوق بعضه.. كله فوق بعضه.. إديها إنسان.. إديها في الكليتش كمان.
 علاج أزمة الشهر العقاري يجب أن تكون  بمشروع قانون جديد كامل وليس تعديلات محدودة  وحتي نستطيع أن نعالج ما تسببته هذه المادة الكارثية من حالة من السخط العام فصاحب السلطة التشريعية  مجلس النواب ، ومعه مجلس الشيوخ كغرفة  ثانية ومعه مختصين من الأعضاء الفنيين  وخبراء القانون  والاستفادة من التجارب الدولية .
إن ما صنعته هذه المادة العبثية من أزمة كبيرة لا تقل عما يحاك ضد الوطن، فلقد أحبطت فرحة المصريين بالمبادرة الرئاسية حياة كريمة لتطوير الريف المصري  ثورة رد المظالم، ألمت بالمصريين بحالة لم يعرفها في أشد الظروف أحس بخيبة أمل تسبب فيها أشخاص لا يدركون ما يقومون به من تم الاستعانة بهم مرة أخري من وزير العدل  ليعيد استفزاز المواطنين  ومؤسسات الدولة .
أصبح الأمر الآن أمام الجميع والحل واضح وصريح ولا راحة للمواطنين إلا بقانون متكامل  للشهر العقاري والتوثيق  لتسهيل إجراءات التسجيل العقاري، وتشجع الجميع على شهر الملكية العقارية والاستغلال الأمثل للاستفادة من هذا القطاع القانوني الاقتصادى الإستثماري، وحتي يتسق التشريع  مع المادة ١٩٩ من  الدستور وينهي  كافة  الأزمات المتكررة، ويقدم حلولاً حقيقية لجميع المشكلات ويساهم بشكل كبير في الاقتصاد المصري ويحقق خطة الدولة فى التطور الحقيقى، ويساهم بشكل كبير فى التنمية والاستثمار، ويعظم من إيرادات الدولة .
وأختم بنصيحة عمر بن عبدالعزيز رضى الله عنه: "لا ينبغى للرجل أن يكون قاضياً حتى تكون فيه خمس خصال؛ من أراد أن يَصحبَنا فلْيَصحبْنا بِخمسٍ، يُوصل إلينا حاجة مَن لا تصل إلينا حاجته، ويدلّنا على العدل إلى مالا نَهتدى إليه، ويكون عوناً لنا على الحق، ويؤدى الأمانة إلينا وإلى الناس، ولا يغتاب عندنا أحد".
ثم قال: "ومَن لم يفعلْ فهو فى حرجٍ من صُحبتنا والدخول علينا، إنى لست بخيركم، ولكنى رجل منكم غير أنّ الله جعلنى أثقَلكم حِملاً".