محمد مسعود يكتب: أساطير الدراما 32.. «هو وهى» دراما العظماء السبعة

مقالات الرأي




قصص اجتماعية نشرتها سناء البيسى فى الأهرام كتب لها يحيى العلمى المعالجة الدرامية وصلاح جاهين السيناريو والحوار والأشعار

صلاح جاهين رشح سعاد حسنى فترددت وإسعاد يونس تقنعها بالبطولة فى رحلة «الكويت»

ترشيح عمار الشريعى لتلحين الأغنيات والاستعراضات والتيتر وسعاد حسنى تصر على الاستعانة بكمال الطويل فتم الجمع بينهما 

البطلة تطلب غرفة بجوار الاستوديو داخل مبنى التليفزيون لتقيم فيها طوال فترة التصوير 

سعاد ليحيى العلمى: «ماليش دعوة بالـ3 كاميرات.. أنا همثل وأنت أضبط شغلك» 

خلاف البطلة مع المخرج تطور وامتد إلى خلاف مع أحمد زكى الذى ثار: «لن أنزل من غرفتى إلا بعد أن تدخل البلاتوه.. أنا مش هتلطع كل يوم» 

لماذا قالت سعاد حسنى عن أحمد زكى «ضرتى فى التمثيل»؟ 

صلاح جاهين كتب 15 حلقة.. والتصوير يتوقف بعد الاكتفاء بـ10 حلقات لاستحالة استكمال المسلسل 

تهانى راشد تفجر المفاجأة: «سعاد وأحمد كانوا متخانقين وتيتر المسلسل تم تصويره لكل ممثل على حدة.. ويحيى العلمى رفض إخراج جزء ثان»

بأناقة الكلمات، عبرت الكاتبة الكبيرة سناء البيسى عن مشكلات المجتمع بين الرجل والمرأة؛ وبموهبة الشاعر العظيم الراحل صلاح جاهين؛ صاغ سيناريو وحوار وكتب أشعار المسلسل ذى الحلقات المنفصلة المتصلة؛ ليكتمل مثلث الإبداع بمخرج من العيار الثقيل هو يحيى العلمى؛ صاحب المعالجة الدرامية للحلقات.

ما إن أصبح هناك نص درامى، ومخرج، بقى أن يتم اختيار البطلة، والبطل؛ ولم يكن من الصعب إقناع الفنان الكبير أحمد زكى صاحب الموهبة الفذة بقبول الدور؛ خاصة أنه حقق نجاحا طاغيا مع يحيى العلمى فى مسلسل «الأيام» الذى يمثل السيرة الذاتية لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين وتم تقديمه عام 1979، ليلتقى سينمائيا بعدها بخمس سنوات؛ فى فيلم «الليلة الموعودة» الذى تقاسم بطولته مع الفنان الكبير فريد شوقى والفنانة الكبيرة كريمة مختار والنجمة تيسير فهمى.

وعلى عكس موافقة الفنان الكبير الراحل أحمد زكى التى كانت سهلة إلى حد كبير، كانت موافقة البطلة الكبيرة والممثلة العظيمة السندريلا سعاد حسنى هى الأصعب على الإطلاق، لكن بموافقتها أصبح خماسى الموهبة الفذة شركاء فى العمل، قبل أن ينضم إليهم الموسيقار الكبير كمال الطويل؛ بناء على طلب سعاد حسنى؛ والموسيقار الكبير عمار الشريعى؛ بناء على طلب المخرج يحيى العلمى؛ ليتشاركا فى وضع ألحان المسلسل؛ ليتحقق حلم الجمع بين العظماء السبعة فى مسلسل تليفزيونى.

1- الحلم المستحيل

فى عام 1984 أجرت الفنانة الكبيرة الراحلة سعاد حسنى؛ حوارا للتليفزيون الكويتى قدمته المذيعة هدى المهتدى الريس، ووجهت المذيعة سؤالا لسعاد حسنى عن الدراما التليفزيونية، فأجابت وهى تحاول انتقاء كلماتها حتى لا تجرح أى زميل؛ وقالت بالحرف الواحد: (أعيب على المسلسلات التليفزيونية المط والتطويل، ولازم يكون المسلسل 13 حلقة، ومدة الحلقة 45 دقيقة، لدواعى التسويق؛ وعشان كده بيبقى فى تكرار فى المواقف والمشاهد؛ بُصى أنا نفسى أطلع فى عمل فى التليفزيون؛ لكن دى مسئولية، لازم أقدم للناس حاجة معقولة، مش هقولك كويسة ولا عظيمة؛ بس تكون جديدة وبتخاطب الناس فى وجدانها وروحها؛ مش رغى وخلاص.. أنا عايزة دراما كويسة أقدمها).

انتهى كلام الفنانة الكبيرة الراحلة سعاد حسنى مع الإعلامية الكويتية هدى المهتدى الريس، ومن الواضح أنها كانت غير راضية تماما عما تقدمه الدراما؛ وبالتالى كانت فكرة لعب بطولة عمل تليفزيونى دربا من دروب المستحيل؛ خاصة أنها فى بداية مرحلة الثمانينيات حققت نجاحا سينمائيا كبيرا بأفلام (موعد على العشاء؛ لمحمد خان؛ أهل القمة لعلى بدرخان؛ المشبوه؛ وغريب فى بيتى لسمير سيف؛ وحب فى الزنزانة لمحمد فاضل) فكان من غير المنطقى أن تترك كل هذا التوهج السينمائى؛ لتذهب إلى ملعب جديد هو التليفزيون الذى لم تقتنع بما يقدمه؛ وإن كانت تحترم مجهود زملائها.

2- كيف وافقت سعاد؟

المؤكد أن موافقة نجمة سينمائية عظيمة فى حجم سعاد حسنى على لعب بطولة مسلسل تليفزيونى؛ كانت فى غاية الصعوبة، خاصة إذا ما وضعنا فى الاعتبار رأيها سالف الذكر عن الدراما التليفزيونية؛ وهنا يأتى السؤال المهم: كيف وافقت السندريلا على الوقوف أمام 3 كاميرات تليفزيونية يقودها المخرج يحيى العلمى؟.

هناك روايتان لموافقة سعاد، الرواية الأولى كتبها الكاتب والسيناريست الكبير عاطف بشاى ضمن أحداث مسلسل «السندريلا» الذى لعبت بطولته الفنانة منى زكى فى عام 2006؛ وهى أن الأمور بدأت من المخرج يحيى العلمى؛ الذى اتصل بالشاعر الكبير صلاح جاهين؛ وطالبه خلال الاتصال بالبحث عن قصة أو رواية تصلح أحداثها لتكون مسلسلا تليفزيونيا؛ وقابل صلاح جاهين المخرج وبحوزته مجموعة من قصص سناء البيسى التى كتبتها فى الأهرام؛ تتناول من خلالها المشكلات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، ورشح صلاح جاهين السندريلا لتقديمها.

وبحسب ما كتبه عاطف بشاى وممدوح الليثى فى سيناريو المسلسل الذى حمل السيرة الذاتية للسندريلا، فإن صلاح جاهين ذهب إليها فى منزلها وأقنعها بالموافقة من الجلسة الأولى؛ ووعدها ألا يتركها، وأنه سيكتب سيناريو المسلسل؛ وأخبرها أن البطل أمامها هو الفنان أحمد زكى ووافقت سعاد.

أما الرواية التالية فكانت للفنانة الكبيرة إسعاد يونس؛ وأكدت من خلالها أنها ساهمت بشكل كبير فى قبول سعاد حسنى للعمل: (فى سنة 1964 نظمت دولة الكويت أول مهرجان للتليفزيون الكويتى؛ وتم توجيه الدعوة لعدد كبير من الفنانين المصريين على رأسهم سعاد حسنى وعادل إمام وكمال الشناوى ويونس شلبى وصلاح السعدنى والمخرج يحيى العلمى والسيدة سامية صادق؛ وكنت وقتها جالسة بجوار سعاد الله يرحمها؛ لقيت حد بيقولى فى ودنى مدام سامية صادق عايزاك، رجعت لها ورا قالت لى إسعاد؛ مادام أنت وسعاد أصحاب قوى كده فأنا ويحيى العلمى بنحاول نقنعها تعمل مسلسل هو وهى لكن هى خايفة جدا من تجربة التليفزيون، فأرجوك بما أنكما أصحاب ساعدينا ولينى دماغها، وقعدت أزن على ودانها وأقول لها معقولة ترفضى تتعاونى مع كل العمالقة دول؛ خوضى التجربة وفعلا الحمد لله عملتها).

3- ليس مسلسلا بل 15 فيلما

ما إن وقعت سعاد عقد بطولة المسلسل؛ ودخلت بالفعل لبلاتوه تصوير ستوديو 5 بمبنى التليفزيون بماسبيرو؛ حتى تلهف الجميع لرؤية مسلسلها الأول؛ وسارع التليفزيون المصرى بتسجيل حوار معها فى كواليس المسلسل ؛ لتفجر مفاجأة بعدم اعترافها بأن ما تقدمه فى هو وهى مسلسل تليفزيونى، بينما 15 فيلما؛ وقالت: (من زمان كان نفسى أتقابل مع الناس من خلال التليفزيون؛ بس ده مش مسلسل ده 15 فيلما فى قصص مختلفة وجو وشكل وبيئة مختلفة).

قد يظن البعض أن ما قالته السندريلا يعد نوعا من التعالى؛ لكنها قالت فى نفس الحوار (أنا بهتم بالموضوع اللى هقابل به الناس؛ لازم يكون الموضوع له طعم وقيمة وبيعالج قضية إنسانية حقيقية؛ ومش مزيفة؛ دى أهم حاجة عندى؛ وأنا كممثلة لا أساوى شيئا بدون مخرج حساس وعنده روح ووعى وثقافة وخلفية، لأن الكاميرا هى اللى بتعبر عن اللى أنا بعمله؛ ومدير تصوير كذلك، ولا أساوى شيئا بدون تأليف كويس ودراما كويسة بلا مبالغات وبلا تزييف وافتعال).

سعاد حسنى أعظم من أنجبت مصر فى فن التمثيل قالت ذلك؛ فى الأيام الأولى لتصوير المسلسل وهى الأيام التى شهدت الكثير من الأحداث التى لم تكن فى حسبانها أو حسبان المخرج؛ أو حسباننا كجمهور ونقاد.

4- يا تجيبلى شوكولاتة

كانت الكاتبة الكبيرة سناء البيسى معتادة على تلقى اتصالات من الشاعر العظيم الراحل صلاح جاهين فى أى وقت؛ وكونه كان من الكائنات الليلية؛ فإنه اتصل بها ذات مرة بعد منتصف الليل سائلا إياها (لما بتحبى جوزك يدعلك بتطلب منه إيه؟؛ فردت بطلب شوكولاتة؛ فقال لها: طيب لو الشوكولاتة ساحت؛ فقالت له: خلاص يا صلاح تبقى راحت مطرح ما راحت)؛ وكانت هذه فكرة الأغنية الأشهر التى غنتها سعاد حسنى فى إحدى حلقات المسلسل.

5- ثقافة مختلفة

رغم كل هذه العظمة؛ والخبرة؛ والموهبة والكاريزما؛ ارتبكت سعاد حسنى أمام كاميرات الفيديو؛ كانت معتادة على ثقافة السينما؛ تعمل باللقطة؛ وبكاميرا واحدة؛ بينما فى التليفزيون وجدت أنها تعمل أما ثلاث كاميرات؛ مطالبة بجملة هنا؛ ولفتة هنا؛ وميزانسين فى غاية الصعوبة.

ارتبكت سعاد؛ فتوترت؛ وعندما توترت؛ توتر العمل بالكامل؛ قال لى الكاتب الكبير عاطف بشاى حسبما علم من المخرج يحيى العلمى والفنان الكبير أحمد زكى (سعاد قالت ليحيى العلمى أنا ماليش دعوة بالـ3 كاميرات؛ أنا كده هبقى مفتعلة؛ وهخرج بره إحساسى؛ وأنا ست فطرية؛ سيبنى أمثل براحتى وأنت أضبط شغلك زى ما تحب؛ وهو ما كان فى غاية الصعوبة على المخرج الكبير الراحل يحيى العلمى الذى كان يذاكر السيناريو فى منزله وقبل تصوير الأوردر يقوم بعمل الديكوباج – أى تقطيع المشهد وحجم اللقطات – والصعوبة الأكبر كانت فى أن العمل مليء بالاستعراضات والأغانى).

قطعا؛ كان طلب سعاد حسنى من يحيى العلمى؛ بمثابة الطلب التعجيزى؛ الذى جعله يخرج العمل؛ بمزاج غير رائق على الإطلاق؛ وبعد تحول الطلب إلى شرط للاستمرار باتت العلاقة شائكة للغاية.

6- خلافات كبيرة

عندما سألت الكاتب الكبير عاطف بشاى عن سبب الخلاف بين المخرج يحيى العلمى بحكم قربه منه؛ وبين سعاد حسنى فى كواليس المسلسل قال (سعاد كانت مزاجية، وكانت تفاجئ أسرة المسلسل بأن تلغى يوم التصوير لأنها فى بعض الأحيان لم يكن لها مزاج للعمل).

ويبدو أن الخلافات انتقلت من المخرج إلى الزميل وشريك البطولة؛ فالعلاقة بينهما توترت أيضا؛ وشاهدت الفنانة الكبيرة سميرة عبدالعزيز هذا التوتر والعناد بينهما عندما طلب منها المخرج الكبير يحيى العلمى المشاركة فى إحدى الحلقات وهى حلقة «جرس الفسحة».

قالت الفنانة القديرة سميرة عبدالعزيز: (أحمد زكى كان صديقا لنا؛ وكان يعتبر أن محفوظ عبدالرحمن مثل والده وكان يأتى لزيارتنا فى بيتنا كثيرا؛ وكنت واخده عليه قوى؛ وعندما ذهبت لأصور الحلقة لم أكن تقابلت مع سعاد أبدا؛ فوجدت أحمد واخد جنب؛ وسعاد واخده جنب؛ ومعاندين مع بعض؛ واحد من الناس راح لسعاد قال لها أحمد زكى بيقول مش هينزل من غرفته غير لما أنت تنزلى من غرفتك وتدخلى البلاتوه؛ حبيت أصلح الجو؛ وروحت لأحمد قلت له إيه اللى أنت عامله ده؛ فقال لى لأ هى المفروض «متلطعنيش» أنزل أنا الاستوديو وهى متنزلش؛ قلت له الطبيعى أن الست تحتاج لوقت أطول فى الماكياج والملابس؛ وأخدته من يده إلى غرفة سعاد وقلت لها أحمد جهز يا سعاد؛ أنت جاهزة؛ وفعلا نزلت معنا فى عجالة).

الفنانة الكبيرة سعاد حسنى فى بداية التصوير طلبت من المخرج يحيى العلمى أن يخصص لها غرفة داخل مبنى التليفزيون وبالتحديد داخل ستوديو 5 لتقيم فيها طوال أيام تصوير المسلسل؛ لتحقق المعايشة الكاملة؛ وهو ما أكده لى الكاتب الكبير عاطف بشاى.

لكن؛ لم تكن النهايات جميلة كالبدايات فالعمل الذى كتبه صلاح جاهين بواقع 15 حلقة لم يصور منه سوى 10 حلقات؛ وأصبح المسلسل عبئا ثقيلا يجثم فوق صدور الجميع؛ فتوقف التصوير لفترة وعلى ذلك خرج المسلسل ولم يعرض خلال شهر رمضان لعام 1985؛ بعدها خرج الفنان الكبير أحمد زكى فى حوار تليفزيونى ليعلن اعتذاره للجمهور بسبب عدم العرض خلال شهر رمضان (الحلقات كانت المفروض تنزل فى رمضان؛ لكن ملحقناش؛ والسرعة بتؤدى إن العمل مبيبقاش متكامل؛ ووقتها الجمهور مش هيكون مبسوط) لكنه أكد على استمتاعه بالعمل مع سعاد التى كانت تصفه بأنه «ضرتها فى التمثيل».

7- تصوير التيتر

اتصلت بالفنانة القديرة تهانى راشد زوجة المخرج الكبير الراحل يحيى العلمى؛ لأسألها عن بعض التفاصيل الخاصة بالعمل فقالت: (أنا لم أعمل فى مسلسل هو وهى، وكنت أنا ويحيى متفقين على ألا يتدخل أحدنا فى شغل الآخر؛ لكن ما أعلمه جيدا أن يحيى واجه صعوبة كبيرة فى العمل؛ لأن سعاد حسنى وأحمد زكى كانا متخانقين؛ وكانا من فطاحل النجوم؛ ووصلت درجة الخصام بينهما أن تيتر المسلسل؛ تم تصويره على مرتين؛ مرة بسعاد ومرة بأحمد؛ فقد كان الجمع بينهما فى النهاية صعبا.

الفنانة القديرة تهانى راشد فجرت مفاجأة كبيرة؛ أن بعد عرض العشر حلقات وتحقيقها لنجاح طاغ عرض المسئولون بالتليفزيون على يحيى العلمى عمل جزء ثان من المسلسل لكن المخرج الكبير الراحل رفض الأمر شكلا وموضوعا.

انتهى كلام الفنانة الكبيرة تهانى راشد، لكن بقى أن نقول إن ما حدث أثناء تصوير المسلسل؛ يحدث فى العديد من الأعمال؛ لكن لكون المسلسل ضم سبعة من العظماء؛ فإنه كان تحت المجهر منذ كتابته وحتى الآن وقد مر على عرضه 36 سنة؛ ويكفى أنه العمل التليفزيونى الوحيد للسندريلا العظيمة سعاد حسنى؛ و«ضرتها» لكونه يضاهيها فى الموهبة من الرجال؛ الإمبراطور أحمد زكى.