لوحة فنية تخلد ذكرى مذبحة القلعة.. راح ضحيتها 470 مملوكًا (صورة)
مذبحة القلعة، أو مذبحة المماليك حادثة دبرها محمد علي باشا للتخلص من أعدائه المماليك يوم الجمعة 1 مارس لعام 1811م.
وتنشر بوابة الفجر الإلكترونية إحدى صور الرحالة التي تجسد كيف تمت تلك الواقعة ومكان حدوثها، وقد وقعت المذبحة عند "باب العزب" أحد أبواب القلعة، وهو ممر صخرى منحدر ترتفع على جانبيه الصخور، حيث لا مخرج ولا مهرب.
وبنى باب الأمير رضوان كتخدا الجلفي قائد الجنود العزب في موضع باب قديم يرجع تاريخه إلى العصر المملوكي.
بدء التخطيط
تلقى محمد علي رسالة من الباب العالي يطالبه بإرسال حملة عسكرية إلى الحجاز للقضاء على حركة محمد بن عبد الوهاب في نجد، فعيّن ابنه أحمد طوسون باشا قائدًا للحملة.
وأعد مهرجانًا ضخمًا، وحدد له الجمعة الأول من مارس سنة 1811م للاحتفال بإلباس ابنه خلعة القيادة، ودعا وزيره محمد بك لاظ أوغلي الشهير بـ "لاظوغلي" للتشاور والتفكير في الأمر الذي أسفر عن خطة لقضاء على المماليك بدعوتهم للتشاور معهم في الحرب على الوهابيين، وتم تكلّف لاظوغلي باشا بالتخطيط والإعداد لمذبحة القلعة.
ودعا محمد علي رجال الدولة وأعيانها وزعماء المماليك، وكان عدد الحضور 10 آلاف شخص، منهم 470 من المماليك، وقبل ابتداء الحفل دخل البكوات المماليك على محمد علي فتلقاهم بالحفاوة، ودعاهم إلى تناول القهوة معهوتجاذب معهم أطراف الحديث.
ولمَّا تقلد الأمير طوسون خلعة القيادة، تحرك الموكب وفي مقدمته الفرسان يقودهم "أوزون علي"، ويتبعهم والي الشرطة والآغا محافظ القاهرة والمحتسب، ويليهم الجنود الأرناؤوط بقيادة "صالح آق قوش"، وسار ورائهم المماليك يتقدمهم "سليمان بك البواب"، ومن بعدهم بقية الجنود، ثم باقي المدعوين وأرباب المناصب.
وكان الموكب يسير بانحدار إلى باب العزب - وهو أحد أبواب القلعة -. ولمَّا اجتاز طليعة الموكب ووالي الشرطة والمحافظ باب العزب، ارتج الباب الكبير وأقفل من الخارج في وجه المماليك وتحول الجنود بسرعة عن الطريق، وتسلقوا الصخور على الجانبين، وراحوا يمطرون المماليك بوابل من الرصاص. وساد الهرج والمرج، وحاول المماليك الفرار، لكن قُتِل أغلبهم بالرصاص، حتى امتلأ فناء القلعة بالجثث، ومن نجا منهم من الرصاص، ذُبِحَ على أيدي الجنود.
وصل خبر تلك المذبحة إلى الجماهير المحتشدة في الشوارع لمشاهدة الموكب فسرى الذعر بينهم، وتفرق الناس، وأقفلت الدكاكين والأسواق، وهرع الجميع إلى بيوتهم، وخلت الشوارع والطرقات من المارة، وسرعان ما انتشرت جماعات من الجنود الأرناؤوط في أنحاء القاهرة يفتكون بكل من يلقونه من المماليك وأتباعهم، ويقتحمون بيوتهم فينهبون ما تصل إليه أيديهم، وتجاوزوا بالقتل والنهب إلى البيوت المجاورة.
وسادت الفوضى ثلاثة أيام، قُتل خلالها نحو ألف من المماليك ونُهب خمسمائة بيت، ولم يتوقف السلب والنهب إلا بعد أن نزل محمد علي إلى شوارع المدينة، وتمكن من السيطرة على جنوده وأعاد الانضباط. فمر بالأحياء المهمة التي كانت هدفًا لعدوان الأرناؤوط، وأمر بقطع رؤوس من استمروا في النهب والاعتداء، ونبَّه على الأرناؤوط بأن يقتصروا على القبض على المماليك الذين بقوا أحياء لتخلفهم عن الذهاب إلى القلعة.
وكان "كتخدا بك" قد أمر بقطع رؤوسهم، ولم ينج منهم إلا من هرب من المدينة مختفيًا وهاجر إلى الصعيد، وأمر محمد علي الدوريات المتنقلة باعتقال كل من يلقونه من المماليك وقتلهم. ويُذكر أن إبراهيم باشا بن محمد علي طارد بعض من فلول المماليك الآخرين الفاريين إلى الصعيد وذلك بعد سنة كاملة من مذبحة القلعة.