زهران جلال يكتب: تعديلات الشهر العقاري تقسم ظهر العدالة والمصريين

مقالات الرأي



يعد قانون الشهر العقاري في مقدمة القوانين التي تمس مصالح الجماهير فهو ينظم شأنا هاما من شئونهم حينما ينزلون على حكمه بوجوب شهر او تسجيل  ملكياتهم  , ولأنه كانت  الغاية من هذا القانون  أو التعديلات التي تتم هي تحقيق مصلحة عامة تتمثل في تهيئة سبيل العلم للكافة بما وقع من تصرفات على الأعيان التي يتعاملون فيها ووضوح الرؤية دون ريب ، فإن السبيل إلى تحقيق تلك الغاية ينبغي أن يكون ميسرا بعيدا عن التعقيد و لا يحمل ذوي الشأن مالا يطيقون. ومن ثم  وبعد مرور أعوام  كثيرة على قانون تنظيم الشهر العقاري، وشاهد تعديلات عديدة  عبر العهود السابقة والأنظمة المختلفة منذ صدور القانون عام ١٩٤٦، فقد جرت مراجعة أحكامه على ضوء ما كشف عنه التطبيق لتعديل ما تدعو الحاجة إلى تعديله من هذه الأحكام أو تدارك أوجه النقص فيها.

وللأسف أن هذه التعديلات جاءت على أحكام القانون  فحظر فيها المشرع شهر الملكية العقارية، إذا خالف المواطن ما جاء بها ومنها وظهر هذا التعارض والتناقض فى القانون رقم ١٨٦ لسنة ٢٠٢٠ بتعديل بعض أحكام القانون رقم ١١٤ لسنة ١٩٤٦بتنظيم الشهر العقاري والتوثيق بإستحداث طريقا جديدا لنقل الملكية والتسجيل ،  بإصافة  المادة ٣٥ مكرر للقانون رقم 114 لسنة 1946  بهدف تسهيل التسجيل. ولكن وقع المشرع في تناقض  صريح مع  المادتين  (٩ ، ١٠ ) لنفس القانون والتي حددت طريقان أساسيان لا ثالث لهما للتسجيل العقاري وهما (التسجيل الرضائي وتسجيل الأحكام القضائية)  وبحثهما ومراجعتهما أمام مأموريات الشهر العقاري المختصة بجميع أنحاء الجمهورية ، لضمان حماية الملكية العقارية ومنع اغتصابها وإسنادها للمالك الحقيقي ، و تضمنت المادتين القائمتين ان جميع التصرفات والأحكام القضائية النهائية التي من شأنها إنشاء حق من الحقوق العينية العقارية الأصلية أو نقله أو تغيـيره أو زواله و كذلك الأحكام النهائية المثبتة لشيء من ذلك يجب شهرها بطريق  التسجيل و يترتب على عدم التسجيل ،  إن الحقوق المشار اليها لا تنشأ ولا تنتقل ولا تتغير ولا تزول لا بين الشأن ولا  إلى غيرها ولا يكون للتصرفات غير المسجلة من الأثر سوى  الالتزامات الشخصية بين ذوى الشأن ،  و يجوز لمن حصل مع آخرين على حكم نهائي مثبت لحق من هذه الحقوق ، أن يطلب قصر التسجيل على القدر الذى قضى به ، كما يجوز له ان يطلب قصر التسجيل على العقارات المقضي له بها في قسم أو ناحية معينة  و على المكتب  الذى تم فيه التسجيل ان يخطر مكاتب الشهر التي تقع بدائرتها باقي العقارات موضوع القسمة للتأشير بذلك .

بالإضافة إلى تعارض في ذات المادة التي تم استحداثها ٣٥ مكرر مع جهات أخري والتي سيتم العمل بها في ٤ ) مارس المقبل ، والتي حظر المشرع   تسجيل الملكية العقارية  إذا خالف المواطن ما جاء لها أو إليها،  حيث الزمت  المادة المادة ٣٥ مكرر  "شركات الكهرباء والمياه والغاز وغيرها من الشركات والجهات والوزارات والمصالح الحكومية عدم نقل المرافق والخدمات، أو اتخاذ أي إجراء من صاحب الشأن يتعلق بالعقار إلا بعد تقديم السند الذي يحمل رقم الشهر أو القيد لضمان استمرار نقل الملكية المشهرة قانونًا. وأناطت المادة أيضًا باللائحة التنفيذية بيان إجراءات وقواعد تطبيق أحكامها " 

وسوف تكون هذه المادة التي تم اضافتها متعارضة مع جهات أخرى أثناء التطبيق ويقع المواطن في مخالفة مما يؤثر علي تحقيق الهدف والغاية سواء لحث الجماهير علي تسجيل الملكية العقارية  أو تيسير الإجراءات وستقسم  ظهر أروقة العدالة.

وللأسف بعد تطبيق هذه التعديلات والعمل بأحكام هذا القانون بصورته هذا  بداية من مارس  المقبل ٢٠٢١ ستظهر الإشكاليات  والتناقضات  والتعقيدات أمام المواطن  عند التطبيق وتحمل أعباء عليه وعلي المحاكم والشهر العقاري  ، والتي أكدتها    اللائحة التنفيذية للقانون التي صدرت منذ شهر  بأن ما حدث من تعديلات علي أحكام القانون  لن يحقق اي تقدم أو تسهيل لأي  أجراء شهر أو تسجيل للملكية العقارية،  بل تزيد الأمر تعقيدا وتتسبب في أزمات كبيرة ، فلا يمكن تحقيق الشروط الستة من اللائحة التنفيذية  من بحث تكليف ، وشهادة مساحة وخطاب بعدم وجود مخالفة مباني ، ولا اظن الحصول علي حكم صحة ونفاذ بالرغم من سلب اختصاص اصيل للشهر العقاري والتوثيق  في بحث الملكية وإسناده للمحاكم التى تعاني من أعباء تراكم وكثرة القضايا  .
كما حظر القانون  رقم 11 لسنة 2013  الخاص بتعديل بعض احكام القانون رقم 91 لسنة 2005 بشأن الضريبة على الدخل حيث جاء بالمادة 42  من القانون المذكور " انه فى حالة شهر التصرفات يكون على مكاتب الشهر العقارى تحصيل الضريبة و توريدها الى مصلحة الضرائب خلال ثلاثين يوما من تاريخ تقديم طلب الشهر، ما لم يكن قد تم سداد الضريبة الى مصلحة الضرائب قبل هذا التاريخ " وقد ادى وجود هذا النص الى احجام ذوى الشأن عن التسجيل، خاصة ان الذى يتقدم بطلب الشهر غالبا مايكون المشترى و هو ليس المتصرف- البائع الملزم باداء الضريبة - علما بأنه فى كثير من الحالات يكون مبلغ الضريبة اكبر من مبلغ الرسوم المطلوبة للشهر.

وأيضًا القانون رقم 119لسنة 2008 الخاص باصدار قانون البناء حظرت المادة  66 من هذا القانون شهر كل تصرف، يكون محله تغيير استخدام المبانى أو أى من وحداتها لغير الغرض المرخص به، الأمر الذى يثير التساؤل حول علاقة التسجيل بغرض استخدام المبانى حيث أن التسجيل يثبت الملكية بعد بحث الأوراق والمستندات.

وكذلك  القانون رقم  83 لسنة 2006 و لائحته التنفيذية الخاص برسوم تسجيل الاراضى الزراعية و العقارات ، فبموجب هذا القانون تم وضع رسوم تسجيل متدرجة حسب المساحة سواء للاراضى الزراعية او العقارات المبنية بسقف اعلى لرسوم التسجيل شاملة رسوم مصلحة المساحة البالغة " ألفى جنيه" و ذلك لتشجيع المواطنين على تسجيل ملكياتهم الا ان الجهاز المركزى للمحاسبات فى تقاريره، فسر ماجاء بالقانون بخصوص تعدد الرسوم بتعدد الصفقات بان يتم تعدد الرسوم بتعدد الاشخاص ، وهذا ما لم يهدف له القانون مما ادى الى احجام الكثير من المواطنين عن تسجيل املاكهم . فهل تتدخل الجهات المعنية لازالة هذه المعوقات حفاظا على الثروة العقارية وتيسيرا على المواطنين للحفاظ على حقوقه

وأيضًا المرسوم بقانون 119 لسنة 1952 الخاص بنظام الولاية على المال حيث نصت المادة 7 من هذا المرسوم على أنه لا يجوز للاب ان يتصرف فى العقار أو المحل التجارى او الاوراق المالية باسم القاصر، اذا زادت قيمتها على ثلاثمائة جنيه الا باذن المحكمة ، و لا يجوز للمحكمة أن ترفض الاذن الا اذا كان التصرف من شأنه جعل اموال القاصر فى خطر، او كان فيه غبن يزيد على خمس القيمة، وقد ادى اعمال تلك المادة الى ايقاف العديد من الطلبات لحين استصدار الاب اذنا 

وهناك العديدة من للمواد المعطلة والتي  يتناقض تطبيقها أو التحايل حولها بقرارات  لا تتسق نهائيا مع صحيح الدستور والقانون والتي  تتمثل فى  سلب اختصاصات امين عام مصلحة الشهر العقاري والتوثيق  لصالح إدارة بشكل غير قانوني  ، واصبح قرار رىيس مصلحة الشهر العقاري والتوثيق  ندب  بالرغم انه ينبغي أن يصدر  بقرار  جمهوري  إضافة لمخالفة المادة ١٩٥ من الدستور بان الأعضاء الفنيون بالشهر العقاري والتوثيق  مستقلون ،
وهناك لمواد عديدة أيضا من ذات القانون  أصبحت لا تواكب العصر الحالي والمستقبل القريب ولا تتناسب مع الواقع الا انها ستزيد تعقيدا وما يتردد من بعض الداعمين لهذا التعديل ماهو الا تزييف لحقيقة التعديلات التي تقسم ظهر العدالة .