نقيب المحامين ينهي معاناة شاب يسعى للحصول على معاش خاله دون حق
شهدت نقابة المحامين أمس مشهدًا لم يتكرر في تاريخها، جلس فيه نقيب محامي مصر على باب أعرق النقابات المهنية ينهي معاناة شاب مهندس يسعى منذ ثلاث سنوات لحصول خاله المحامي على المعاش لبلوغه السن مع المرض دون إلزامه بتقديم أدلة الاشتغال.
وحدث هذا المشهد بعد أن انتهى نقيب المحامين من إتمام عمله في خدمة النقابة والمحامين، متجهًا إلى سيارته أمام باب النقابة، فإذا به يجلس على مكتب أمام الباب، ويبحث أوراقًا تقدم بها مهندس شاب، يلجأ إلى نقابة المحامين منذ ثلاث سنوات لحصول خاله المحامي المسن على معاشه، وهو المريض بالذهان والزهايمر منذ أكثر من عشر سنوات.
ليثبت هذا المشهد – الذي أصاب الحضور جميعًا بالدهشة، المشهد الذي لا يليق سوى بعظام الخُلق – كم كانت تعسفية تلك القرارات الخاصة بلزوم أدلة الاشتغال للحصول على المعاش، وكم هي مرهقة لمن كبر سنه من السادة المحامين، وكم أن قرار نقيب المحامين بأمس عظيم، ورد للجميل لمن قدموا حياتهم في خدمة المحاماة.
وكان وجه رجائي عطية نقيب المحامين، كلمة مهمة للجمعية العمومية عبر بث مباشر، الأربعاء الماضي من مكتبه بالنقابة العامة، بشأن قراره الصادر بوقف مطالبة المحامي المحال للمعاش أو مستحقي معاشه بأدلة اشتغال عن سنوات الاشتغال الثابتة في ملفه بالنقابة.
واستهل نقيب المحامين كلمته قائلا: «حرصت على أن أبلغكم بنفسي بقرار أصدرته اليوم فجرًا، بعد حوار طويل مع النفس، وبعد استثمار كل خبراتي القانونية، وأصول التفسير، والرجوع إلى القيم وتقاليد ومبادئ المحاماة والقانون».
وأضاف: «ظني أن هذا القرار يتصل بحيواتنا جميعا في الحياة وبعد الممات، ويتصل بحقوق ورثتنا ومستحقي معاشنا بعد الوفاة، وكل نفس ذائقة الموت ولا يبقى سوى وجه ربنا ذي الجلال والإكرام».
وأكد أن القرار بوقف مطالبة المحامي المحال للمعاش
أو مستحقي معاشه بأدلة اشتغال عن سنوات الاشتغال الثابتة في ملفه بالنقابة، جاء بعد الاطلاع على قانون المحاماة رقم 171983 المعدل بالقانون رقم 1472019، وعلى قوانين المحاماة السابقة عليه، وعلى تاريخ تقاليد وضوابط المحاماة منذ كانت، وعلى كافة السوابق التي كانت محل احترام وتطبيق، وبعد مراجعة ما درجت عليه العادة مؤخرًا من مطالبة المحامي المحال للمعاش أو ورثته في حالة وفاته بأدلة اشتغال عن كل سنة اشتغال من سنوات الاشتغال الثابتة فعلًا بملفه بالنقابة.
وأوضح أن هذه العادة التي طرأت في السنوات الأخيرة العجاف التي ضُربت فيها كل المبادئ وقيم وتقاليد المحاماة ـ لا تستند إلى أي سند من القانون أو العرف، بل وتخالف القانون، وتُعرض المحامي أو مستحقي معاشه في حالة وفاته للهوان والإعنات، وتتجاهل وتسقط بلا سند حقوقًا ثابتة لهم بحكم القانون، وتعلل البعض بأن حساب المعاش يكون بسنوات الاشتغال طبقًا للمادة 197 من قانون المحاماة، مما يقتضي حساب سنوات الاشتغال، وحيث أن مقصود النص، الواضح بجلاء، والجاري عليه العمل من سنوات بما فيه سنوات سريان قوانين المحاماة السابقة على القانون الحالي ـ هو سنوات الاشتغال الثابتة بملفه بعد استبعاد السنوات التي نقل فيها اسمه اختيارًا أو بقرار إلى جدول غير المشتغلين، وهو جدول معد لإثبات سنوات عدم الاشتغال لمن يتقلد منصبًا يمنعه من مزاولة المهنة، على ما جرت عليه المادة 14 من قانون المحاماة الحالي، والنصوص المماثلة بقوانين المحاماة السابقة عليه، من عدم جواز الجمع بين المحاماة والأعمال المبينة في النص على سبيل الحصر، كرئاسة مجلس النواب أو مجلس الشيوخ أو تقلد الوزارة أو الوظائف العامة في الحكومة والهيئات العامة والإدارة المحلية والوظائف في شركات القطاع العام أو الوظائف الخاصة فيما عدا العمل بالإدارات القانونية المصرح لها بذلك طبقًا للقانون، إلى آخر ما ورد بالنص.
وأشار إلي أنه إعمالًا لهذا النص وذلك الواقع، فقد أُنشئ من قديم جدول لغير المشتغلين، نصت عليه في القانون الحالي المادتان 43، 44 ـ وينقل إليه اسم المحامي إذا رغب في اعتزال المحاماة اختيارًا، أو كان ذلك واجبًا عليه إذا اشتغل بعمل لا يجوز الجمع بينه وبين المحاماة مثل ما أوردناه سلفًا مما جرت عليه المادة 14 من قانون المحاماة، ولمجلس النقابة العامة نقله إلى ذلك الجدول لغير المشتغلين بعد سماع أقواله أو بعد إعلانه في حالة تخلفه عن الحضور، وذلك بقرار مسبب إذا فقد شرطًا من شروط القيد في الجدول العام المنصوص عليه في هذا القانون.
وتابع: من أنه لا سند بتاتًا لمطالبة المحامي أو مستحقي معاشه بأدلة اشتغال عن كل سنة من السنوات المقيد فيها فعلًا في جدول المشتغلين ولم ينقل إلى جدول غير المشتغلين، وحيث أن سنوات الاشتغال المقيدة بملف المحامي بالنقابة، هي سنوات اشتغال، ويقع عبء إثبات العكس على من يدعيه، ويكفي لدحض هذا الادعاء ــ إذا إدعى به ــ البطاقة الضريبية وشهادة التأمينات اللتان تثبتان الاشتغال بالمحاماة.
وواصل: أنه لا يجوز أن يكلف المحامي أو مستحقو معاشه بعد وفاته من أمرهم رهقًا، وإعناتهم بما لا أصل ولا محل في القانون، ولا في المنطق والأعراف والتقاليد المتبعة من سنوات.
وجاء قرراته كالأتي:-
أولًا: يوقف فورًا مطالبة المحامي عند الإحالة للمعاش، أو مطالبة مستحقي معاشه عند وفاته، بأدلة اشتغال عن سنوات اشتغاله الثابتة بملفه بالنقابة ــ ولا يجوز أن يخصم منها إلاَّ السنوات التي نقل فيها إلى جدول غير المشتغلين على نحو ما سلف بيانه.
ثانيًا: على من يدعى العكس إثبات ما يدعيه.
ثالثًا: لا يجوز أن يطلب من المحامي عند إحالته للمعاش، أو من ورثته ومستحقي معاشه بعد وفاته، إلاَّ شهادة التأمينات والبطاقة الضريبية ويقوم مقامها شهادة الضرائب.
رابعًا: يتولى الأستاذ الأمين العام بإبلاغ هذا القرار إلى كافة الإدارات المختصة.