لهذا السبب يطلق على إفطار صوم يونان فصح
قال الانبا مكاريوس اسقف ابو قرقاص للأقباط الأرثوذكس، أن صوم يونان هو الصوم الوحيد الذى يطلق على أفكاره فضحت مقابل فضح الرسمة المقدسة.
وتابع أن، يونان يشير إلى السيد المسيح، بل أن السيد المسيح ذاته شبّه نفسه بيونان النبي، فقال: "لأَنَّهُ كَمَا كَانَ يُونَانُ فِي بَطْنِ الْحُوتِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال، هكَذَا يَكُونُ ابْنُ الإِنْسَانِ فِي قَلْب الأَرْضِ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ وَثَلاَثَ لَيَال"(متى12: 40). هكذا أعطى آية يونان النبي للذين طلبوا منه آية، كان اليهود يطلقون على قصة يونان "آية يونان" ومن ثم أراد الرب أن ينبههم أن الآية أو المعجزة الحقيقية هي موت المسيح وقيامته.
والفصح عبور، وفي مثل هذا اليوم عبر أهل نينوى من الموت إلى الحياة، وقد تم لهم ذلك بعبور يونان ذاته وخروجه من جوف الحوت حيًا، والحوت يشير إلى القبر، حيث دفن يونان ثلاثة أيام كما الرب أيضًا.
وكما تعرّض يونان للتجربة بالإلقاء في البحر، هكذا تعرّض المسيح أيضًا للتقديم للمحاكمة، وكما تردد أهل السفينة الوثنيين في إلقاء يونان في عرض البحر هكذا تردد الرومان الوثنيين كثيرًا في صلب المسيح، حيث حاول بيلاطس عدة مرات أن ينقذه من الموت.
وكما ألقى البحارة قرعة قبل لكي يلقوه في البحر، هكذا قال قيافا: "أَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ يَمُوتَ إِنْسَانٌ وَاحِدٌ عَنِ الشَّعْبِ وَلاَ تَهْلِكَ الأُمَّةُ كُلُّهَا!" (يوحنا11: 50)، وكما هدأت السفينة بعد إلقاء يونان في البحر هكذا قال المسيح عند موته: "قدأُكمِل"، واشتم الله رائحة السرور. وهكذا خلّصت آلام المسيح الكنيسة (السفينة) مثلما خلّص يونان السفينة بالتضحية بنفسه.
ولكن الفرق بين البحارة الوثنيين واليهود، أن البحارة الوثنيين ترفّقوا بيونان، بينما تعامل رؤساء اليهود بغلظة مع المسيح، بالرغم من أنه "إلى خاصته جاء" إلاّ أن "خاصته لم تقبله"، وكما أُرسِل يونان من الرب لتبشير الأمم هكذا أُرسِل المسيح إلى "جميع" الأمم"، فهو الذي قيل عنه بإشعياء النبي: "روح الرب عليّ لأنه مسحني لأبشِّر المساكين.
فلهذا السبب رتّبت الكنيسة أن يكون طقس صوم يونان، هو نفس طقس الصوم الكبير. وهكذا جعلت ختامه فصح، فكما صنع يونان صلحا بدفنه وخروجه حيًا، هكذا المسيح بموته وقيامته..