مصادر في إدارة أوباما لـ «الأنباء»: الضربة العسكرية لسورية لن تكون رمزية
سورية تطلب من الأمم المتحدة التحقيق في 3 مواقع جديدة وقعت فيها هجمات كيماوية
بريطانيا تتقدم بمشروع قرار إلى مجلس الأمن يجيز اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين في سورية
إسرائيل تنشر جميع بطاريات «القبة الحديدية» وترفع حالة التأهب في منظومة «حيتس».. وخامنئي: التدخل الأميركي في سورية سيشكل «كارثة» للمنطقة
عواصم ـ احمد عبدالله والوكالات
تتفاعل المعلومات عن اقتراب موعد الضربة العسكرية «الموضعية» للنظام السوري اقليميا ودوليا بين مؤيد ومعارض ومحذر من تبعاتها الكارثية على المنطقة. وعلى ما يبدو بحسب مصادر ديبلوماسية فان مسودة القرار الذي قدمته بريطانيا الى مجلس الامن سيمر بموافقة الاغلبية وبامتناع روسيا والصين عن التصويت ما يعني تدخلا عسكريا بغطاء اممي.
في غضون ذلك، قالت مصادر مطلعة في ادارة الرئيس باراك اوباما لـ «الأنباء» ان الضربة العسكرية لسورية ستحدث خلال فترة قصيرة جدا، وقالت تلك المصادر التي طلبت عدم نشر هويتها ان الرئيس اتخذ قراره بضرب سورية في اجتماع عقد بالبيت الابيض بعد ظهر الجمعة الماضية وان الضربة «لن تكون رمزية على غرار ضرب مصنع الادوية السوداني في الخرطوم الذي قام به الرئيس الاسبق بيل كلينتون ردا على تفجير سفارتين اميركيتين في شرق افريقيا» وانها ستنال مراكز التحكم والقيادة وعددا من المطارات العسكرية ولواء القوات المسلحة السورية المتهم باستخدام الاسلحة الكيماوية ومخازن للاسلحة لاسيما الصواريخ.
واوضحت تلك المصادر ان وزيري الخارجية والدفاع في ادارة الرئيس اوباما اتصلا بنظيريهما الروسيين عقب انتهاء اجتماع البيت الابيض لابلاغهما بقرار الرئيس، وقال جون كيري وتشاك هاغل لنظيريهما ان الضربة لا تهدف الى اسقاط الرئيس بشار الاسد ولا الى تغيير النظام في دمشق وانما تعبر عن موقف الرئيس اوباما الذي حذر الاسد مرارا من استخدام السلاح الكيماوي.
واشارت المصادر الى وجود اتفاق بين واشنطن وموسكو في وقت سابق يقضي بالزام الاسد بتجنب استخدام الاسلحة الكيماوية وهو ما فعله الروس الذين حذروا الاسد بعبارات واضحة من الاقدام على تلك الخطوة وتلقوا وعدا بالا تستخدم تلك الاسلحة مرة اخرى.
وقالت المصادر ان اجتماع اتخاذ القرار شارك فيه كبار المسؤولين الاميركيين بحضور كل من تشاك هاغل ورئيس الاركان مارتن ديمبسي بالاضافة الى مدير المخابرات المركزية جون برينان ومستشارة الامن القومي سوزان رايس ووزيري الخارجية كيري والدفاع هاغل وان القرار اتخذ بدون معارضة.
في هذا الوقت، نشر الجيش الإسرائيلي جميع بطاريات منظومة «القبة الحديدية» لاعتراض الصواريخ القصيرة المدى ورفع حالة التأهب في منظومة «حيتس» لاعتراض الصواريخ الطويلة المدى، وذلك تحسبا لتعرض اسرائيل لهجمات صاروخية في أعقاب هجوم أميركي محتمل ضد سورية.
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية امس أن الجيش نشر بطارية ثانية من «القبة الحديدية» في منطقة حيفا، وسينشر بطارية أخرى في منطقة تل أبيب.
كذلك رفع سلاح الجو الإسرائيلي حالة التأهب في منظومة «حيتس» لاعتراض الصواريخ الطويلة المدى.
وأعلن الناطق العسكري الإسرائيلي، العميد مردخاي، امس أن «الجيش الإسرائيلي يتابع ويشاهد التطورات ساعة بساعة، ولا يوجد ما يستدعي تغيير مجرى الحياة».
وعقد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اجتماعا للمجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت) لتزويد الوزراء خلاله بمعلومات حول هجوم أميركي محتمل ضد سورية بعد مزاعم باستخدام النظام هناك سلاحا كيميائيا ضد مدنيين.
وذكرت تقارير إعلامية إسرائيلية، أنه تم خلال اجتماع الكابينيت، امس، استعراض سيناريوهات محتملة لردود فعل سورية ردا على هجوم أميركي، واحتمال أن يقرر الرئيس السوري، بشار الأسد، شن هجمات صاروخية ضد إسرائيل.
ونقل موقع «واللا» الإلكتروني عن مسؤول سياسي في الحكومة الإسرائيلية، قوله إن التقديرات في إسرائيل هي أن الأسد لن يحاول جر إسرائيل إلى حرب.
لكن المسؤول الإسرائيلي أردف «نحن نستعد لإمكانية شن هجمات ضد إسرائيل رغم أن احتمالها أقل. وعلينا أن نكون جاهزين لمواجهة أي سيناريو».
وأضاف أن الرأي السائد هو أن الغرب لن يحاول التسبب بانهيار النظام السوري، وأنه «حتى الآن لم يتم توضيح حجم الهجوم (الأميركي) المتوقع».
وقال نتنياهو في ختام اجتماع للكابينيت: ان دولة اسرائيل مستعدة لمواجهة جميع السيناريوهات، لسنا طرفا في الحرب الأهلية في سورية ولكن إذا شخصنا أي محاولة للاعتداء علينا فسنرد، وسنرد بقوة.
بدوره، اكد آية الله علي خامنئي المرشد الاعلى لجمهورية ايران الاسلامية الحليفة الرئيسية لدمشق في المنطقة امس ان تدخلا عسكريا اميركيا ضد سورية «سيكون كارثة على المنطقة».
وقال خامنئي في لقاء مع اعضاء الحكومة ان «التدخل الاميركي سيكون كارثة للمنطقة»، واضاف ان «المنطقة برميل بارود ولا يمكننا التكهن بالمستقبل» في حال وجهت ضربة عسكرية الى سورية، كما افاد التلفزيون الحكومي.
من جهته، دعا وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف الولايات المتحدة وحلفاءها الى التحلي بالحكمة، مؤكدا ان استخدام وسائل عسكرية سيخلف عواقب وخيمة ليس فقط على سورية لكن ايضا على كل المنطقة.
في هذا الوقت، بحث وزير خارجية السعودية الامير سعود الفيصل التطورات في سورية امس في جدة مع نظيره التركي احمد داوود اوغلو.
واكتفت وكالة الانباء السعودية الرسمية بالقول ان الفيصل بحث التطورات على الساحة السورية مع اوغلو بحضور نائب وزير الخارجية الامير عبدالعزيز بن عبدالله.
وبالعودة الى مسودة القرار البريطاني في مجلس الامن، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون امس أن حكومته ستتقدم بمشروع قرار يجيز اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المدنيين في سورية.
وكتب كاميرون في موقع تويتر، أن مشروع القرار البريطاني سيطرح في اجتماع للدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي.
وترأس كاميرون امس، اجتماعا لمجلس الأمن القومي في حكومته يحضره قادة الجيش والمخابرات وكبار الوزراء، لمناقشة طرق الرد على التطورات الأخيرة في سورية.
وفي اطار المواقف الدولية، قال الموفد الخاص للجامعة العربية والامم المتحدة الى سورية الاخضر الابراهيمي امس ان الضوء الاخضر من مجلس الامن الدولي ضروري للتدخل عسكريا في سورية.
وقال الابراهيمي في مؤتمر صحافي ان «القانون الدولي ينص على انه يمكن القيام بعمل عسكري بناء على قرار مجلس الامن الدولي، هذا ما يقوله القانون الدولي»، في حين تبدو الولايات المتحدة وحلفاؤها على وشك القيام بعمل عسكري ضد النظام السوري المتهم بشن هجوم كيميائي على المدنيين.
واضاف بالحاح «يجب ان اقول ان الرئيس اوباما والادارة الاميركية معروفون انهم ليسوا متسرعين في شن هجوم. لست ادري ما الذي سيقررونه لكن القانون الدولي واضح جدا».
واعرب الابراهيمي عن الاسف لاستخدام «مادة» خلال هجوم 21 اغسطس في سورية الذي اسفر عن سقوط مئات القتلى، وقال «يبدو ان مادة استعملت وقتلت العديد من الاشخاص، اكثر من مئة بلا شك، ويقول البعض 300 والبعض الآخر 600 وربما الف او اكثر من الف».
واضاف «هذا غير مقبول، هذه فضيحة».
وتابع «اقول ان هناك ما قبل 21 اغسطس وما بعده، اذا وقع عمل عسكري فلا شك ان ذلك سيكون له وقع على الوضع في سورية»، مشيرا الى انه لا يعلم اذا كان ذلك «لفائدة حل سياسي».
لكنه اشار الى انه «مازال يعتقد ان الحل العسكري لا يفيد في سورية: لن يكون هناك سوى حل سياسي وكلما كان العمل من اجل حل سياسي مبكرا يكون ذلك افضل».
إلى ذلك، طلبت سورية امس من مجلس الأمن الدولي والأمين العام للأمم المتحدة السماح لبعثة التحقيق-المتواجدة بالفعل حاليا في دمشق ـ التوجه الى 3 أماكن محددة في سورية للتحقيق بشأن ما وصفته وقوع هجوم بالأسلحة الكيماوية من جماعات المعارضة المسلحة في هذه الأماكن.
وقال مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري إنه سلم امس رسالتين من الحكومة السورية الى رئيسة مجلس الأمن الدولي السفيرة ماريا كريستينا برسفال، مندوبة الأرجنتين الدائمة لدى الأمم المتحدة والتي تتولى بلادها رئاسة أعمال المجلس لشهر أغسطس الجاري ـ والى الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، تطلب فيها السماح لفريق التحقيق الأممي برئاسة آك سلستروم بالتحقيق في 3 مواقع جديدة في سورية هي بحرية وجوبر وسحنايا، وقعت فيها هجمات بالأسلحة الكيماوية أيام 22 و24 و25 أغسطس الجاري من قبل قوات المعارضة المسلحة في سورية.
وأضاف المندوب السوري في تصريحات للصحفيين أن أي اجتماع لمجلس الأمن الدولي بشأن معالجة مزاعم استخدام الأسلحة الكيماوية في بلاده يعود فقط الى مجلس الأمن الدولي، باعتباره الجهة الوحيدة المخول له ذلك، وليس الى أي دولة عضو في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وأوضح مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة أن تهديدات بريطانيا وفرنسا والولايات المتحدة بشن ضربات عسكرية ضد بلاده تهدف الى منع فريق التحقيق الأممي من استكمال مهمته في سورية.
واتهم بشار الجعفري في تصريحاته هذه الدول الثلاث بالإضافة الى دول عربية وتركيا بتسليح قوات المعارضة بالأسلحة التقليدية والكيماوية في الوقت نفسه.
وتابع السفير السوري قائلا «لدينا دلائل حاسمة وبرقيات ديبلوماسية سرية على قيام الدول الغربية الثلاث بتزويد قوات المعارضة بالسلاح الكيماوي من خلال احدى الشرطات الخاصة».
ونفى مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة السفير بشار الجعفري بشدة وجود أي إجماع داخل مجلس الأمن حول قرار أو بيان جديد متعلق ببلاده في الوقت الحالي.
وردا على سؤال بشأن طلب تمديد مهمة بعثة التحقيق الأممية في سورية، والتي تنتهي يوم الجمعة المقبل، قال بشار الجعفري إنه طبقا للاتفاق بين الأمانة العامة للأمم المتحدة وبلاده، فإن مدة مهمة بعثة التحقيق تصل الى أسبوعين قابلة للتمديد بموافقة الطرفين بالتراضي.
وأشار مندوب سورية الدائم لدى الأمم المتحدة الى أن الديبلوماسية الأميركية والغربية تعمل حاليا على زرع تنظيم القاعدة في أكثر من بلد عربي بهدف تحويل الانتباه عن القضية الأساسية للمشكلة في الشرق الأوسط وهي القضية الفلسطينية.
وتابع قائلا «إن ما اصطلح عليه بالخطأ أنه الربيع العربي، ماهو الا محاولة لإقامة دويلات دينية وطائفية في المنطقة على غرار الكيان الصهيوني وابعاد الانتباه تماما عن القضية الفلسطينية لب المشكلة في الشرق الأوسط».