عاصفة تكساس الثلجية تؤثر بقوة علي أسواق النفط العالمية

الاقتصاد

اسعار النفط
اسعار النفط

تحولت موجة الصقيع القوية وتساقط الثلوج، التي تضرب ولاية تكساس الأمريكية هذه الأيام من مجرد أزمة في إمدادات الطاقة لعدد محدود من الولايات الأمريكية إلى صدمة قوية لسوق النفط العالمية.

ووفقا لـ"وكالة بلومبيرج للأنباء"، أدت موجة الطقس السيئ وتساقط الثلوج بكثافة على الولاية الأمريكية إلى توقف الإنتاج في جميع حقول النفط ومصافي التكرير بها، ما أدى إلى خروج أكثر من أربعة ملايين برميل يوميا من السوق الأمريكية، وهو ما يمثل نحو 40 في المائة، من إجمالي إنتاج الولايات المتحدة.

وتعد تكساس المركز الرئيس لإنتاج النفط الخام وتكريره في الولايات المتحدة، بطاقة إنتاجية تبلغ 4.3 مليون برميل يوميا، وأحد المراكز الكبرى لتكرير النفط على مستوى العالم بوجود 31 مصفاة نفط بها، وفقا لـ"الألمانية". وإلى جانب توقف الإنتاج في حقول ومصافي النفط في الولاية اضطربت أيضا حركة الملاحة التي تنقل النفط الأمريكي إلى أسواق العالم.

ونقلت "بلومبيرج" عن بن لوكوك الرئيس المشارك لإدارة تجارة النفط في مجموعة ترافيجورا جروب العملاقة لتجارة السلع القول "السوق العالمية أساءت تقدير أهمية كمية إنتاج النفط المفقودة في تكساس نتيجة الطقس السيئ، في الماضي كان اضطراب إنتاج النفط الناتج عن الأحوال الجوية يعد موضوعا أمريكيا محليا، ولكنه الآن أصبح بلا أي شك موضوعا عالميا.

وأضاف: "أسعار النفط في الأسواق الأوروبية ارتفعت في الوقت، الذي يقدم فيه التجار كميات بديلة للصادرات الأمريكية المفقودة، وأصبح على منظمة البلدان المصدرة للبترول "أوبك" وحلفائها في تجمع "أوبك بلس" اتخاذ قرار بشأن مدة الإبقاء على قرار خفض إنتاجها عدة ملايين من البراميل يوميا في ظل الظروف المستجدة.

وزادت بصورة كبيرة تقديرات الخبراء للمدة الزمنية، التي سيستغرقها اضطراب إنتاج النفط الخام في ولاية تكساس خلال الأيام الأخيرة، مع محاولة المحللين تقدير المدة اللازمة لتخلص منشآت البنية التحتية من آثار موجة الجليد القوية وبخاصة في المناطق التي يعد تساقط الثلوج فيها غير معتاد.


وبحسب "بلومبيرج"، فإن التجار والخبراء كانوا يتوقعون في البداية أن يستمر اضطراب الإنتاج في الولايات المتحدة نتيجة الطقس ما بين يومين وثلاثة أيام، والآن يتحدث الخبراء عن استمرار الاضطراب حتى منتصف الأسبوع المقبل، وعن العودة الكاملة للإنتاج بعد عدة أسابيع.

ويعني هذا أن سوق النفط العالمية ستفقد مزيدا من إمدادات النفط خلال الفترة المقبلة، فيما تتوقع مجموعة سيتي جروب المصرفية الأمريكية، فقدان نحو 16 مليون برميل من إنتاج النفط الأمريكي حتى  (مارس) المقبل، في حين يرى بعض المتعاملين في السوق أن الكمية المفقودة ستكون ضعف هذا التقدير تقريبا.

وأدى توقف إنتاج النفط في تكساس إلى ارتفاع قيمة النفط المنتج في المناطق الأخرى من العالم، وقد اندفع تجار النفط في بحر الشمال إلى طلب شراء شحنات المنطقة بشكل محموم خلال الأسبوع الحالي كبديل لصادرات النفط الأمريكي.

ومع ارتفاع أسعار الخام في أوروبا، اتجه المشترون الآسيويون إلى شراء الشحنات الشرق أوسطية بهامش سعر أعلى، وعلى الرغم من أن أسعار التعاقدات الآجلة للنفط ارتفعت إلى أعلى مستوياتها منذ أكثر من عام، فإنها قد لا ترتفع أكثر، بسبب توقف مصافي تكرير النفط في الولايات المتحدة، وهو ما يعني توقف تكرير نحو ثلاثة ملايين برميل خام يوميا، ما سيحد من الطلب على الخام.

ولذلك اندفع التجار إلى شحن ملايين البراميل من الديزل (السولار) عبر المحيط الأطلسي إلى الولايات المتحدة لتغطية النقص في الوقود، وهي نعمة محتملة لصناعة تكرير النفط الأوروبية المتعثرة.

ويقول كيت هاينز، المحلل في شركة إنيرجي أسبكتس للاستشارات إن "خليج المكسيك هو ماكينة إنتاج البنزين التي ترسل إنتاجها إلى مختلف أنحاء الولايات المتحدة وإلى أسواق العالم ولفترة قصيرة على الأقل، فإن هذا (توقف المصافي في خليج المكسيك) يساعد صناعة التكرير الأوروبية".

كما تعني الأوضاع الراهنة صورة متباينة للمخزون الأمريكي خلال الأسابيع المقبلة، ففي حين تضرر إنتاج البنزين نتيجة توقف المصافي عن العمل، تراجع الطلب على البنزين نتيجة انخفاض معدلات الحركة على الطرق بسبب الأحوال الجوية السيئة.

ومن المحتمل أن يتراجع مخزون وقود التدفئة مثل البروبان والديزل بشدة، نتيجة ارتفاع الطلب عليها في ظل موجة الطقس السيئ الحالية.

وأدى هذا إلى أن يكون لدى المملكة فائض طاقة إنتاجية يمكن الاستفادة منها إذا احتاجت الأسواق إلى ضخ كميات إضافية من النفط، ويقول جاري روس خبير أسواق النفط، الذي انتقل إلى العمل كمدير لصندوق تحوط استثماري في شركة بلاك جولد إنفستورز إن "السوق تحولت إلى حيوان متوحش يحتاج إلى سيطرة أوبك بلس عليه"، مشيرا إلى خروج نحو خمسة ملايين برميل خام أمريكي يوميا من الإنتاج حاليا.

وأضاف أن "الطقس أصبح له تأثير لا يصدق في العرض والطلب في سوق النفط العالمية".