المشيشي يستعين بصلاحياته الدستورية لتعديل حكومته وسط تأييد الائتلاف الحاكم
قرر رئيس الحكومة التونسية، هشام المشيشي، الاستعانة بصلاحياته الدستورية الواسعة لإجراء تعديل وزاري يساهم بتواصل عمل الحكومة في انتظار إيجاد حل للأزمة المتعلقة بالتعديل الوزاري، في قرار أيده الائتلاف الحاكم ورفضته المعارضة، وتزامن مع تأجيل انتخاب أعضاء المحكمة الدستورية المعنية بحل الخلاف بين رأسي السلطة التنفيذية في البلاد.
حل مؤقت
وكان المشيشي قرر الإثنين إعفاء خمسة
وزراء يشملهم التعديل الوزاري، وتكليف وزراء وكتاب دولة في الحكومة بمهامهم، في
إجراء قال البعض إنه حل مؤقت لضمان استمرار عمل الحكومة، فيما اعتبره آخرون محاولة
لـ «الهروب إلى الأمام».
وقال رئيس البرلمان التونسي، راشد
الغنوشي، إن إعفاء رئيس الحكومة لعدد من الوزراء يعتبر حلاً مؤقتاً وليس دائماً،
مشيراً إلى أن تأسيس المحكمة الدستورية هو الحل.
وأوضح أكثر بقوله: «القرار هو حل مؤقت
وليس دائماً والحل هو في بناء المحكمة الدستورية وإلى أن يتم ذلك يجب على كل
الأطراف التعامل بمرونة حتى لا تتعطل الدولة ومصالح المجتمع» مشيراً إلى أن
المشيشي لا يسعى بهذا الإجراء إلى فرض سياسة الأمر الواقع على سعيد، بهدف دفعه
للموافقة على التعديل الوزاري محل الجدل.
تواصل الانقسام البرلماني يؤخر استكمال
تأسيس المحكمة الدستورية
وأضاف، في تصريح لوسائل الإعلام: «نأمل
أن لا يتواصل التعطيل في موضوع التحوير الوزاري ونحن في المجلس نعالج سبباً ليس
مباشراً لهذا التعطل (...) وهو العمل على تركيز المحكمة الدستورية. يعني جزء من
الخلاف هو وجود أكثر من تأويل للدستور، في حين أن الجهة المؤهلة لتأويله هي
المحكمة الدستورية ونحن نعمل على حل هذا المشكل بتركيز المحكمة».
وقال النائب عن حركة النهضة، نور الدين
البحيري، إن إعفاء الوزراء وتعيينهم هو حق دستوري وقانوني لرئيس الحكومة، مشيراً
إلى أن «الدستور في تونس يضبط صلاحيات كل مسؤول في الدولة وإعفاء الوزراء وتعيينهم
من صلاحيات رئيس الحكومة دون غيره».
وأضاف: «رئيس الحكومة يتصرف وفق
مقتضيات الدستور وأحكامه وفي إطار احترام صلاحياته ولم يتعد على صلاحيات أي طرف».
ووصف رئيس كتلة حزب قلب تونس، أسامة
الخليفي، قرار المشيشي إعفاء عدد من الوزراء وتكليف وزراء آخرين للإشراف على
وزاراتهم بالنيابة بـ «القرار في الاتجاه الصحيح هدفه تحسين أداء الحكومة عقب
تعطيل التحوير الوزاري الأخير بما يضمن استمرارية الدولة». ودعا البرلمان إلى جعل
مسألة إرساء المحكمة الدستورية أولوية مطلقة لعمله في المرحلة المقبلة.
وقال النائب عن حزب تحيا تونس، وليد
جلاد، إن قرار إعفاء 5 وزراء هو «حل للضرورة من المشيشي الذي لم يمر بالقوة في
التحوير الوزاري، والدليل أنه لم يستجب لدعوات حركة النهضة وقلب تونس لتعيين
الوزراء دون أداء اليمين» مشيراً إلى أن المشيشي «أخطأ في أنه لم يتشاور مع رئيس
الجمهورية حول التعديل الوزاري الأخير. كما أن قراءة الرئيس سعيد للنص حول أداء
اليمين والتحوير الوزاري تعتبر تعسفاً وخرقاً للدستور».
فيما اعتبر الأمين العام لحركة الشعب،
زهير المغزاوي، أن المشيشي قرر عبر الإجراء الأخير «الهروب إلى الأمام» مشيراً إلى
أن قراره الأخير «لن يحلّ الأزمة، بل هو محاولة للتصعيد والمزيد من تأزيم الوضع.
واليوم نعيش أزمة سياسية وأخلاقية كبيرة».
وقال رئيس الكتلة الديمقراطية، محمد
عمار، إن اجتماع خلية الأزمة الذي عقد الإثنين في البرلمان، قرر رفض مقترحات تعديل
القانون المتعلق بانتخاب بقية أعضاء المحكمة الدستورية وتأجيل عرضه على الجلسة
العامة، مشيراً إلى أن المشيشي «استبق نتائج اجتماع خلية الأزمة بإعلانه إعفاء 5
وزراء وتكليف آخرين بالنيابة، اعتماداً على وعود من حزامه البرلماني بتمرير
التعديلات المقترحة على القانون عدد 50 المتعلق بالمحكمة الدستورية، بما يجعله
(المشيشي) يواجه في المرحلة المقبلة أزمة أعمق من أزمة التحوير الوزاري الأخير».
حكومة بالنيابة
وقال إن الكتلة الديمقراطية «لا تعتبر
أن الوزراء الذين تمت إقالتهم اليوم هم وزراء رئيس الجمهورية، ونحن نرى أن حكومة
المشيشي الآن أصبحت حكومة بالنيابة. وكان على رئيس الحكومة الذهاب منذ البداية إلى
رئيس الجمهورية وإعلان تخليه عن الوزراء المقترحين محل التحفظ بما يعجل بتجاوز
الأزمة، بدلاً من اتخاذ خطوات تصعيدية ترضي بعض الأطراف السياسية داخل حزامه
البرلماني، لكنها دستورياً غير ملزمة وربما تعجل برحيل حكومته».
وتعيش تونس منذ نحو شهر أزمة سياسية
تتعلق بتعديل وزاري أجراه رئيس الحكومة، هشام المشيشي، وشمل 11 حقيبة وزارية،
ورفضه الرئيس قيس سعيد بسبب وجود شبهات «فساد» وتضارب مصارح لدى بعض الوزراء
المقترحين، وتتواصل الأزمة في ظل الانقسام الكبير داخل البرلمان بين كتل تؤيد رئيس
الحكومة (الائتلاف الحاكم) وأخرى تؤيد رئيس الجمهورية (جزء من المعارضة).