منال لاشين تكتب: عودة «بُعبُع الأحزاب»

مقالات الرأي




بهاء أبوشقة أعاد أيام الدكتور نعمان جمعة ويهدد الحزب العريق

ديكتاتورية المعارضة أسوأ من سيطرة الأغلبية 

ضرب الأحزاب من الداخل كان أداة نظام مبارك لتدمير الحياة السياسية

ما إن بدأ التفاؤل بأداء مجلس النواب الجديد، وما إن تحمس المواطنون لمتابعة الأحداث السياسية، ما إن بدا أن رياحًا جديدة طيبة تهب على المناخ السياسى فى مصر، حتى جاءت صدمة أو بالأحرى زلزال حزب الوفد ليرسم خطوطا سوداء وسحبا ضبابية على الصورة المتفائلة.

صباح يوم الثلاثاء الماضى فاجأ رئيس حزب الوفد المستشار بهاء أبوشقة الجميع داخل وخارج حزب الوفد، فقد قلب أبوشقة بالتعبير السياسى كرسى فى الكلوب، وقام بفصل كبار معارضيه على الهواء، وشملت قائمة المفصولين النائب محمد عبدالعليم داوود الذى اختاره الحزب من أيام رئيسا للهيئة البرلمانية للحزب داخل مجلس النواب.

وتابع الجميع زلزال أبوشقة بكثير من الدهشة والغضب والأسى على حزب الوفد، وربما تنبع الدهشة من افتراض متفائل أو طيب بأن انقلابات الوفد قد انتهت بعد ثورة 25 يناير، فقد عانى الوفد من فترات انقسام كادت أن تهدد الوفد أكبر وأقدم أحزاب المعارضة.

1- معركة نعمان

فقد شهد الوفد قبل ثورة 25 يناير انقساما دمويا بالمعنى الحرفى، وذلك عندما تسببت ديكتاتورية رئيس الحزب السابق الدكتور نعمان جمعة فى انفجار غضب قيادات الحزب سواء من الوفدين القدامى أو الجدد، وكادت المعركة بين الفريقين أن تتحول إلى كارثة، فقد أغلق الدكتور نعمان أبواب مقر الحزب أمام المعارضين، وحاول الشباب المتحمس اقتحام المقر، ولكن فى النهاية انتصرت المعارضة ممثلة فى محمود أباظة ومنير فخرى عبدالنور وغيرهما من قيادات الوفد، وإشاع أنصار نعمان أن لجنة السياسات برئاسة جمال مبارك قد ساعدت مجموعة أباظة، وعاش الوفد فترة سلام سياسى إلى حد كبير فى ظل رئاسة أباظة وقيادة مجموعته.

2- تغيير أدوار

ولكن فى هذه المرة كان هناك اتفاق بين الفريقين على إنهاء الخلاف بشكل متحضر وسياسى، فقد ضاق العديد من قيادات وشباب الوفد بما اعتبروه سياسة إضعاف الوفد عبر رئيسه المستشار بهاء أبوشقة، واعتبروا بحسب رأيهم أن أبوشقة يسعى إلى تحجيم الدور المعارض لحزب الوفد، وتدخل العقلاء لإقناع أبوشقة بانسحاب سلمى، واكتفاء أبوشقة بمنصبه الرفيع كوكيل لمجلس الشيوخ، وأن يقدم استقالته وتجرى انتخابات جديدة.

وكان من ضمن أكبر المتحمسين لهذا الاقتراح القيادى الوفدى فؤاد بدراوى، وهو من القلائل الباقين فى الحزب من جبهة عائلات الوفد أو الوفديين الأصليين، ومنذ أيام أعلن فؤاد بدراوى اختيار النائب المخضرم محمد عبدالعليم داوود لرئاسة الهيئة البرلمانية للوفد، وإذا بفؤاد بدراوى يساند أبوشقة فى فصل عبدالعليم من حزب الوفد مع عدد من قيادات المعارضة، وقد أدت الخطوة الاستباقية إلى شلل مؤقت فى جبهة المعارضة، ومن النتائج المباشرة لهذا الزلزال إضعاف موقف عبدالعليم فى التحقيق البرلمانى الذى يجرى معه.

3- تاريخ أسود

ولاشك أن انفجار الموقف فى حزب الوفد، قد أعاد للأذهان التاريخ الأسود لانقسامات أحزاب المعارضة طوال فترة نظام مبارك، فقد كانت الانقسامات فى الأحزاب تبدو مثل عفريت العلبة لا تعرف موعد ظهوره ولا تراه بالطبع، وساند رجال مبارك جبهات فى بعض الأحزاب ضد جبهات أخرى، وكانت النتيجة إما ضعف أحزاب المعارضة أو تجميد بعض الأحزاب وبالتالى موت هذه الأحزاب، وعندما حدث الانقلاب على رئاسة نعمان جمعة خشى الجميع أن يتعرض حزب الوفد للتجميد، ولكن الله سلم.

وتكررت المخاوف عندما اطلت الانقسامات فى الحزب الناصرى بسبب استبعاد جيل الوسط، وتركز السلطة فى يد رفقاء عبدالناصر، وراح من يحرض المعارضين إلى تقديم شكوى للجنة الأحزاب، وهو ما كان سيؤدى إلى تجميد الحزب الناصرى، ولكن المعارضين فطنوا للعبة فاكتفوا بالخروج من الحزب،وتأسيس حزب آخر هو حزب الكرامة.

ولكن خروج قيادات جيل الوسط أضعف الحزب الناصرى حتى إنه لم يحصل على مقعد واحد فى البرلمان، وبالطبع لا يمكن توقع الخطوة القادمة للمعارضين خاصة فى ظل الشعوره بالخديعة على طريقة واقعة التحكيم الشهيرة التى أبعدت سيدنا على عن الخلافة، وفجرت المعارك، لمن لا يعرف الواقعة، اتفق كل من أبوموسى الأشعرى ممثلا لسيدنا على، وعمرو بن العاص ممثلا لمعاوية الأموى على خلع الاثنين من الخلافة الإسلامية حقنا للدماء، وبالفعل التزم أبوموسى الاشعرى بالاتفاق، وقام بخلع خاتمه وقال أمام الجميع: أنا خلعت على، فإذا بعمرو بن العاص يخالف الاتفاق ويقول: (وأنا ألبست معاوية). والخطوة القادمة للمعارضين المفصولين إما اللجوء إلى لجنة الأحزب وهذا احتمال ضعيف، أو الانضمام لحزب آخر خاصة أن بينهم نائبين، أحدهما بمجلس النواب والآخر بمجلس الشيوخ.

أعتقد على الوفد وقياداته التفكير فى مصلحة ومستقبل الحزب ومنع اتساع الانشقاق فى الوفد، لأننا لا نريد أن تتدهور حالة واحد من أقدم الأحزاب اللبيرالبية فى مصر على غرار ما حدث للحزب اللبيرالى الجديد المصريين الأحرار.