عمره 44 سنة وناشط فى مكافحة الفساد.. هل يرث زعيم المعارضة الروسية عرش بوتين؟

العدد الأسبوعي

بوابة الفجر

أليكسى نافالنى المنافس القوى للرئيس الروسى رغم اعتقاله

حالة من التوتر وعدم الاستقرار سيطرت على المشهد السياسى فى روسيا بعد إلقاء السلطات القبض على المعارض الروسى أليكسى نافالنى فور عودته إلى روسيا، تم القبض على أكثر من 3000 شخص - بما فى ذلك زوجة نافالنى - خلال عطلة نهاية الأسبوع حيث خرج عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع ما يقرب من 40 بلدة ومدينة للمطالبة بالإفراج عنه.

تم القبض على نافالنى، زعيم المعارضة الروسية، فى وقت سابق من هذا الشهر أثناء عودته إلى موسكو للمرة الأولى منذ تعرضه للتسمم بغاز أعصاب فى أغسطس، ويواجه سنوات فى السجن بسبب إدانة سابقة يقول إنها ذات دوافع سياسية، ويعتقد المعلقون السياسيون أنه لا توجد حلول سهلة أمام الكرملين للتعامل مع هذه الأزمة، حسب تقرير إيه بى سى نيوز. 

1- من هو أليكسى نافالنى؟

نافالنى، 44 سنة، ناشط فى مكافحة الفساد وأشرس منتقدى الكرملين، لقد أصدر عشرات التقارير التى تكشف الفساد فى روسيا تحت رئاسة فلاديمير بوتين ووقف وراء العديد من الاحتجاجات الجماهيرية، بما فى ذلك مظاهرات غير مسبوقة فى 2011 و 2012 اندلعت بسبب تقارير عن تزوير الانتخابات البرلمانية على نطاق واسع.

أدين نافالنى مرتين بتهم جنائية - الاختلاس والاحتيال - وحكم عليه بالسجن خمس سنوات وثلاث سنوات ونصف مع وقف التنفيذ.

سعى نافالنى إلى تحدى بوتين فى انتخابات 2018، لكن إحدى إداناته منعته من الترشح، ومع ذلك، فقد اجتذب حشوداً من المؤيدين فى كل مكان تقريبا ذهب إليه فى البلاد، كثيرا ما اعتقل، وقضى فترات متعددة فى السجن بتهم تتعلق بقيادة الاحتجاجات.

فى 20 أغسطس 2020، تم نقل نافالنى إلى المستشفى فى حالة خطيرة بعد تسممه بغاز أعصاب أثناء رحلة جوية من تومسك إلى موسكو، وتمكن أنصاره من نقله جوا إلى برلين، حيث ظل فى غيبوبة لأكثر من أسبوعين وشُخصت حالته على أنه تسمم بغاز أعصاب يعود إلى الحقبة السوفيتية - وهو ادعاء نفاه الكرملين.

بعد أن تعافى، أصدر نافالنى تسجيلاً لمكالمة هاتفية قال إنه أجراها مع رجل زعم أنه عضو فى جهاز الأمن الفيدرالى الروسى، أو FSB، والذى يُزعم أنه سممه، رفض مكتب الأمن الفيدرالى التسجيل باعتباره مزيفاً، لكن لا يزال هذا التسجيل مصدر إحراج كبير لروسيا. 

2لماذا عاد لروسيا؟ 

تعهد نافالنى بالعودة إلى روسيا ومواصلة عمله، بينما هددته السلطات بالاعتقال،

وقال نافالنى إنه لم يغادر روسيا باختياره، بل «انتهى به الأمر فى ألمانيا فى غرفة العناية المركزة»، قال إنه لم يفكر قط فى إمكانية البقاء فى الخارج.

وأوضح فى مقابلة فى أكتوبر، فى إشارة إلى نفسه بضمير الغائب: «لا يبدو لى أنه من الصواب أن يدعو أليكسى نافالنى لثورة من برلين»، «إذا كنت أفعل شيئا ما، فأنا أرغب فى مشاركة المخاطر مع الأشخاص الذين يعملون فى مكتبى». 

ويقول محللون إنه كان من المستحيل أن يظل نافالنى قائدا للمعارضة خارج روسيا.

3لماذا يواجه السجن الآن؟

 فى 17 يناير 2021، عاد إلى روسيا، حيث تم احتجازه على الفور فى موسكو بتهمة انتهاك أحكام السجن مع وقف التنفيذ.

كانت الحكم الصادر ضده مع وقف التنفيذ فى عام 2014 يقتضى خضوعه لفترة مراقبة ومراجعة تنتهى فى ديسمبر 2020، وقالت السلطات إن نافالنى خضع لمراقبة ومراجعة شخصية منتظمة مع ضباط إنفاذ القانون.

خلال الأيام الأخيرة من فترة المراقبة الخاصة بـ نافالنى، وضعته دائرة السجون الروسية على قائمة المطلوبين، واتهمته بعدم الحضور فى هذه المراجعات، بما فى ذلك عندما كان يقضى فترة نقاهة فى ألمانيا، وقدم المسئولون التماس للمحكمة ليقضى كامل عقوبة السجن البالغة ثلاث سنوات ونصف السنة.

بعد عودته، تم وضع نافالنى فى الحجز لمدة 30 يوما، ومن المقرر عقد جلسة لمراجعة الحكم فى 2 فبراير، فى وقت سابق من هذا الشهر، فتحت لجنة التحقيق الروسية تحقيقا جنائيا آخر ضده بتهم الاحتيال، زاعمة أنه اختلس تبرعات لمؤسسته لمكافحة الفساد، فى حالة إدانته، قد يواجه عقوبة تصل إلى 10 سنوات فى السجن.

4هل يهدد الكرملين؟

لم يذكر بوتين المعارض السياسى نافالنى بالاسم مطلقا، ووصفته وسائل الإعلام التى تديرها الدولة بأنه مدون غير مهم.

ولكن حساباته على وسائل التواصل الاجتماعى تلقى اهتمام عالمى، ساعدته المكاتب الإقليمية التابعة له التى تم إنشاؤها فى جميع أنحاء البلاد فى عام 2017 على تحدى الحكومة من خلال حشد الناخبين.

فى عام 2018، أطلق نافالنى مشروع يسمى التصويت الذكى مصمم لتعزيز المرشحين الذين من المرجح أن يهزموا المرشحين من حزب روسيا الموحدة المهيمن فى الكرملين.

فى عام 2019، ساعد المشروع مرشحى المعارضة على الفوز بـ 20 مقعداً من أصل 45 فى مجلس مدينة موسكو، وشهدت الانتخابات الإقليمية العام الماضى خسارة روسيا الموحدة للأغلبية فى المجالس التشريعية فى ثلاث مدن، وقد وعد نافالنى باستخدام الاستراتيجية خلال الانتخابات البرلمانية هذا العام، والتى ستحدد من يسيطر على الدوما. 

عندها تنتهى ولاية بوتين الحالية، ومن المتوقع أن يسعى لإعادة انتخابه، بفضل الإصلاحات الدستورية العام الماضى. يعتقد المحللون أن نافالنى قادر على التأثير فى هذا التصويت الرئيسى وقد يكون هذا الأمر سبباً كافياً لبوتين لإبعاده عن الصورة.

ويقول محللون إن عودة نافالنى كانت بمثابة ضربة كبيرة لصورة بوتين وتركت الكرملين فى مأزق.

قال نيكولاى بيتروف، الباحث البارز فى برنامج روسيا وأوراسيا فى منظمة تشاتام هاوس، إن بوتين كان يعمل فى الغالب من منزله أثناء تفشى فيروس كورونا، والتصور السائد بأنه ابتعد عن الجمهور لا يُقارن بصورة نافالنى اللامعة الذى قرر العودة إلى روسيا حتى بعد تعرضه للتسمم و الاعتقال.

وأضاف بيترف: «لا يهم ما إذا كان الناس يدعمون نافالنى أم لا، فهم يرون هاتين الصورتين وبوتين يخسر فى هذه المقارنة». يقول المعلقون إنه لا يوجد خيار جيد للكرملين: إن سجن نافالنى لفترة طويلة سيجعل منه شهيد وقد يؤدى إلى احتجاجات حاشدة، فى حين أن تركه حر طليق قد يهدد الانتخابات البرلمانية. وفقا لألكسندر باونوف من مركز كارنيجى فى موسكو، حتى الآن، ساعدت حملة القمع فى زيادة شعبية نافالنى. يوم السبت، اعتقلت الشرطة أكثر من 3000 شخص واستخدمت القوة لتفريق التجمعات فى جميع أنحاء روسيا حيث تجاهل عشرات الآلاف من المتظاهرين البرودة الشديدة وتحذيرات الشرطة للمطالبة بإطلاق سراح نافالنى.

فى عام 2013، أطلق سراح نافالنى بسرعة من السجن عندما تجمع حشد كبير بالقرب من الكرملين للاحتجاج على حكم بالسجن لمدة خمس سنوات صدر بحقه بتهمة الاختلاس.

وقال بيتروف إن حكومة بوتين أصبحت أكثر صرامة فيما يتعلق بالمعارضة، لذا فمن غير المرجح أن تدفع الاحتجاجات الجماهيرية إلى الإفراج الفورى عن نافالنى. لكن الكرملين لا يزال يخشى أن تؤدى المعاملة القاسية إلى زعزعة استقرار الوضع، وقد يشير حجم المسيرات التى خرجت بالفعل إلى كيف يمكن أن يكون رد فعل الجمهور فى حال صدور قرار بسجنه لفترة طويلة.