فيه سعادة القلب.. علي جمعة يوضح أنواع الرضا

إسلاميات

بوابة الفجر


قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق إن من أكبر مظاهر رحمة الله بعباده أن جعل الأسباب الموصلة لسعادة القلب مطلوبة منهم فالرضا بالله وبرسوله، وبدينه، وبسنن الله في كونه هو سبيل السعادة الحقيقية، بل هو السعادة الحقيقية قال عبد الواحد بن زيد: الرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا وسراج العابدين، والرضا من الأخلاق التي حث الله ورسوله المسلمين عليها، بل هو دليل الإيمان بالله وبرسوله، وبدينه، وقدره.

وأضاف عبر الفيسبوك: الرضا قسمان: الأول: الرضا بالله، والثاني: رضا الله، فالأول رضا مطلوب من العبد وبه تتحقق السعادة الدنيوية، والثاني رضا يرجوه العبد من ربه، وبه تتحقق السعادة في الدنيا والآخرة، والثاني مترتب على الأول في الظاهر، وفي الحقيقة الأول هو أثر للثاني فقد قال سبحانه وتعالى: (رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)، فقدم سبحانه رضاه عنهم أولًا، ثم ذكر رضاهم عنه، ثم ذكر ما أعد لهم من جزاء.

وأوضح: لأن القسم الأول –وهو الرضا بالله- مطلوب من العبد فسيكون هو بيت القصيد في الكلام عنه، فلابد أن نعلم أن الرضا بالله وبما قضى واجب متفق على وجوبه والسخط على الله وقضائه حرام، متفق على حرمته بل قد يخرج المرء من دائرة الإسلام ولذلك فإن أمر الرضا جليل ومطلوب من المسلم في الشرع الحنيف فقد قال الله سبحانه وتعالى: (وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ * وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوا مَا آتَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ).
وقد قال النبي ﷺ: «إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن رضي فله الرضا، ومن سخط فله السخط» (رواه الترمذي)، وكذلك روي عنه ﷺ أنه قال: «ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينًا وبمحمد رسولًا» (رواه مسلم).

وتابع: والرضا الحقيقي عز للمؤمن وغنى له عما سوى الله ويظهر أثر ذلك في القناعة فعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال: «جاء جبريل إلى النبي ﷺ فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت واعمل ما شئت فإنك مجزي به وأحبب من شئت فإنك مفارقه وأعلم أن شرف المؤمن قيام الليل وعزه استغناؤه عن الناس» (رواه الطبراني).
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله ﷺ قال: «قد أفلح من أسلم ورزق كفافا وقنعه الله بما آتاه» (رواه مسلم).
وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه أنه سمع رسول الله ﷺ يقول: «طوبى لمن هدي للإسلام وكان عيشه كفافا وقنع» (رواه الترمذي).
وإذا كان الرضا مطلوبًا من العبد فإنه يجب أن يسعى لتحصيله ومن الأشياء التي قد تتعارض مع مقصود الرضا المصائب ولكي تهون على المرء المصيبة فعليه بالنظر إلى جلال من صدرت منه وحكمته وملكه قال ابن الجوزي في قوله تعالى: (مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ) أعلم أن من علم أن ما قضي لابد أن يصيبه قل حزنه وفرحه قال إبراهيم الحربي: اتفق العقلاء من كل أمة أن من لم يمش مع القدر لم يتهن بعيش وليعلم قوله عليه السلام: «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر» وقوله عليه السلام: «الدنيا دار بلاء فمن ابتلي فليصبر ومن عوفي فليشكر» وقوله: «أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل».
وينبغي علينا أن نعلم أن تحصيل رضا الله يكون برضا العبد عن الله ويكون كذلك باسترضاء من طلب رضاهم كرضا رسوله ﷺ ورضا أوليائه ورضا الوالدين وقد ثبت عن سيدنا رسول الله ﷺ أنه قال: «رضا الله في رضا الوالدين وسخط الله في سخط الوالدين» (رواه البيهقي).

واختتم الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق: يخفى ما في الرضا من آثار إيجابية على وحدة المجتمع وقوة العلاقات الإنسانية إذ به يقل الحسد وتكثر القناعة نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرضى عنا وأن يرزقنا الرضا به وبرسوله وبدينه وبقضائه في كل وقت وحين وجميع المسلمين.