كيف ردت المعارضة التركية على دعوات أردوغان لصياغة دستور جديد؟
تطرق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، للحديث عن صياغة دستور جديد للبلاد، وذلك عقب رئاسته لاجتماع للحكومة في المجمع الرئاسى بأنقرة.
جاء ذلك في الوقت الذي تتصاعد فيه وتيرة الغضب والرفض الشعبي لنظام أردوغان، وحزب العدالة والتنمية الحاكم، بسبب سياسات أردوغان في التعامل مع القضايا الداخلية والخارجية، وتدخلاته المستمرة في شؤون الدول، وهو ما جعل أنقرة تعيش حالة من العزلة السياسية، بعدما ساءت علاقاتها بمختلف الدول، إلى جانب سياساته القمعية، التي تستهدف تكبيل الأتراك، والتنكيل بكل معارضيه من سياسيين وصحفيين وحتى من عموم الشعب التركي.
لا نثق في أردوغان
وتعقيبا على دعوات أردوغان لصياغة دستور جديد، قال رئيس حزب الشعب الجمهوري، كمال كيليتشدار أوغلو، إن الرئيس رجب أردوغان لم يفِ بالدستور الذي أقسم عليه حتى نثق في مبررات لصياغة دستور جديد.
وبحسب صحيفة "زمان" التركية المعارضة، أوضح كيليتشدار أوغلو، خلال مؤتمر صحفي له، الخميس، مع رئيس حزب السعادة، تمال كرم الله أوغلو، أنه يجب على تركيا الخروج من المناخ الاستقطابى وأزمات البطالة والفقر والانتحار، وتغيير العقلية الحاكمة أولا، قبل صياغة دستور جديد.
وتابع رئيس حزب الشعب الجمهوري: "أردوغان بادر بطرح موضوع صياغة دستور جديد، ولكن من أجل بدء هذا النقاش يجب أولا الالتزام بالدستور الحالي، هل الدستور الحالي يتضمن بند الموضوعية، نعم يضم ذلك، هل تم حلف اليمين على الالتزام بالموضوعية، نعم تم ذلك، ولكن هل تم تطبيقه، لا لم يتم التطبيق".
وتساءل كيليتشدار أوغلو: "كيف نؤمن ونثق بوعد أو دعوة قدمها شخص لا يطبق الدستور الحالي؟".
ماذا يريد أردوغان من الدستور الجديد؟
من جهته، قال الكاتب الصحفى التركي عاكف باقي، إن الدستور الجديد الذي يريد أردوغان إعداده، يسعى من خلاله إلى رفع سلطة المحكمة الدستورية على الحكومة وعدم الالتزام بقرارات المحكمة الأوروبية.
وكتب "باقي" مقالا بصحيفة "قرار" التركية، قال فيه إن الوقت قد حان لمناقشة الدستور الجديد لتركيا، مفيدا أن أصوات حزبي العدالة والتنمية والحركة القومية غير كافية لتمرير الدستور الجديد من البرلمان وطرحه لاستفتاء شعبى، لذا يسعيان إلى ضم حزب الخير لصفوف تحالف الجمهور الحاكم.
وأضاف "باقي" أن زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهجلي، وضع إطارا عاما عندما ساند دعوات الدستور الجديد قائلا: "يتوجب أن يهدف الدستور الجديد لتخليص النظام من بقايا النظام السياسي السابق والدستور الحالى الذي لا يتوافق مع النظام الرئاسي، وبما أن الدستور لا يتوافق مع النظام الجديد فينبغى تجديده حتى يتوافق مع الوضع الجديد في البلاد".
وأشار الكاتب إلى أن بهجلي قال إن التوافق بين الدستور والنظام الرئاسي الجديد سوف يتحقق عن طريق تغييرات من قبيل إنهاء إلزامية قرارات المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، وضرورة الانصياع لقرارات المحكمة الدستورية وإلغاء حق التقدم بطلبات فردية للمحكمة الدستورية، بحسب رأيه.
وأشار "باقي" إلى تصريحات بهجلي السابقة التي قال فيها إن المحكمة الدستورية باتت عبئًا على النظام الجديد، وعقب قائلا: "إذا ما منح الدستور المحتمل سنّه والذي سيكون متوافقًا مع النظام الرئاسي الجديد للمسؤولين السياسيين حق عدم الانصياع لقرارات المحكمة الأوروبية والمحكمة الدستورية فإنهم سيكونون مطلقي الأيدي عن كل القيود وسيفعلون كل ما يحلو لهم".
وأكد الكاتب ضرورة تفعيل مبدأ الفصل بين السلطات الثلاث، وأهمية استقلالية جهاز القضاء عن السلطة السياسية وقراراتها، مؤكدًا أن الذين ينتظرون من الدستور الجديد أن يقدم حلولا لمشاكل تركيا المزمنة سيصابون بالإحباط نظرا لأنه يقترح عدم إلزامية قرارات محكمة حقوق الإنسان الأوروبية بالإضافة إلى المحكمة الدستورية في البلاد.
دعوات أردوغان
كان الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، قد قال إن الوقت ربما قد حان من أجل مناقشة دستور جديد لتركيا، وفقا لما أوردته وكالة الأناضول التركية الرسمية.
جاء ذلك، في كلمة عقب ترؤسه اجتماع للحكومة فى المجمع الرئاسى بأنقرة.
وأوضح أردوغان أن الحكومة ستبدأ في اتخاذ الخطوات اللازمة في البرلمان بخصوص القضايا التشريعية وفي الرئاسة بخصوص القضايا الإدارية.
وأضاف اردوغان: "يمكننا التحرك من أجل إعداد دستور جديد في المرحلة المقبلة حال توصلنا لتفاهم مع شريكنا بتحالف الشعب (حزب الحركة القومية)".
وأشار أردوغان إلى أن تركيا بقيت لسنوات بعيدة عن التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية، ودفعت ثمنا باهظا لاستسلامها للأمر الواقع، مؤكدا أن أنقرة ستطبق مبادراتها الخاصة حيال التغيرات السياسية والاقتصادية العالمية وستصل إلى أهدافها.
وأوضح أردوغان أن مصدر مشاكل تركيا بالأساس نابع من الدساتير المعدة من قبل الانقلابين منذ عام 1960، معلقا: "لذلك كنا قد قدمنا سابقا مبادرة لصياغة دستور جديد، لكن لم نصل إلى نتيجة لرفض حزب الشعب الجمهورى (المعارض)، والآن قد حان الوقت مجددا من أجل نقاش دستور جديد لتركيا".
ولفت أردوغان إلى أن "صياغة دستور ليست عملا يمكن القيام به في الخفاء وتحت ظل الفئات المرتبطة بالتنظيمات الإرهابية، ومع أسماء عقولهم وقلوبهم منفصلة عن وطنهم".