تلف الجهاز المناعي وتعفن الدم.. أزمات صحية تهاجم المتعافين من كورونا

تقارير وحوارات

أرشيفية
أرشيفية


لا تزال جائحة كورونا تلقي بظلالها على المشهد العالمي، إذ تخضع بعض الدول لإجراءات غلق مشددة، بسبب تفشي المرض، وبعد ظهور سلالة جديدة متحورة، في عدد من البلدان، على الرغم من بدء تلك الدول حملات التطعيم بلقاحات كورونا المختلفة، التي توصل إليها الأطباء والباحثون، منذ بداية عملهم على إنتاج وتطوير لقاح فعال ضد كورونا، التي بدأت في الصين، خلال شهر ديسمبر عام 2019، ثم سرعان ما انتشرت في بقية دول العالم، مخلفة ملايين الضحايا، بين حالات إصابة ووفاة.

وبينما ترتفع معدلات الشفاء من فيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، في مصر، مع انخفاض ملحوظ في أعداد المصابين اليومية بالفيروس، وفقا لبيانات وإحصائيات وزارة الصحة والسكان، يحذر عدد من الأطباء والباحثين، من تبعات الإصابة، ومن الأزمات الصحية التي ربما يتعرض لها المتعافون من كورونا، والتي تدفع بعض الأطباء إلى استكمال الجرعات العلاجية مع عدد من مرضاهم رغم تمام شفائهم، تحسبا لأي انتكاسة قد تحدث.

الأجسام المضادة الذاتية
ومن بين أحد أهم وأخطر الأزمات التي يتعرض لها المتعافون من إصابتهم بكورونا، ما توصلت إليه دراسة أكدت ظهور علامات مقلقة على بعض المتعافين، تشير إلى أن نظامهم المناعي قد انقلب على الجسم، وهو ما يذكر بأمراض مشابهة تحصل فيها نفس الحالة، مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتويدي.

وحسب الدراسة، ينتج المتعافون في مرحلة معينة جزيئات تسمى "الأجسام المضادة الذاتية" التي تستهدف المادة الوراثية من الخلايا البشرية بدلا من الفيروس، وقد تؤدي هذه الاستجابة المناعية الخاطئة إلى تفاقم حالة المتعافي نحو الأسوأ، وقد تفسر سبب معاناة البعض من مشاكل طويلة الأمد بعد أشهر من التعافي.

ومن المفترض أن تساعد الدراسة الأطباء على تشخيص المرضى وعلاجهم عبر اختبارات الكشف عن الأجسام المضادة، وقد يستفيد المرضى من أدوية تستخدم للتخفيف من حدة الأمراض المشابهة، لأنه لا يوجد علاج أو دواء يقضى على هذا النوع من الأمراض.

تلف الجهاز المناعي
وفي بعض الحالات، ظهرت علامات تؤكد أن فيروس كورونا يمكن أن يتسبب في إضعاف وإتلاف الجهاز المناعي لديهم، ما يؤدي في النهاية إلى إلحاق أضرار بالجسم أكثر من الفيروس نفسه.

تعفن الدم
وسبق أن حذرت منظمة طبية في بريطانيا، من أن عددا ممن تعافوا من إصابتهم بفيروس كورونا المستجد "كوفيد - 19"، قد يعانون اضطرابا صحيا خطيرا يصل إلى حد الوفاة.

ورجحت المنظمة البريطانية لمرض تعفن الدم "UK Sepsis Trust"، أن نحو 20% ممن تعافوا من كورونا، قد يصابون بهذا المرض، في غضون سنة، موضحة أن تعفن الدم يحدث للإنسان حين يتفاعل الجسم بشكل مبالغ فيه مع العدوى، ما يؤدى إلى تفاعل مبالغ فيه للجهاز المناعي، وعندها يحصل إتلاف في النسيج وفشل الأعضاء، فضلا عن احتمال الوفاة.

وأشارت المنظمة البريطانية إلى أنه في حالة رصد هذا الاضطراب بشكل سريع، يكون قابلا للعلاج من خلال المضادات الحيوية، أما إذا لم يتم الانتباه إليه، فيشهد الجسم ما يعرف طبيا بـ"الحالة الإنتانية" وهي وضع خطير تصبح فيه الأعضاء عاجزة عن أداء وظيفتها.

ومن بين أعراض تعفن الدم: الشعور بنوع من التشويش مع صعوبة في الكلام، والشعور بآلام شديدة، وصعوبة التنفس، والإحساس بتدهور شديد، وتغير في لون الجلد.

حدوث التجلطات
إلى ذلك، قال الدكتور محمد صوان، أستاذ المخ والأعصاب، بكلية طب قصر العيني في جامعة القاهرة، إن 25% إلى 30% من إصابات كورونا تكون في الجهاز العصبي، أي أنه من بين كل 3 حالات لمرضى كورونا واحد يتأثر جهازه العصبي مع أعراض أخرى.

وأوضح "صوان"، في تصريحات تلفزيونية، أن فيروس كورونا في ثلث الحالات المصابة يهاجم الجهاز العصبي لأنه فيروس هوائي، ينتقل من خلال الأغشية في الأنف أو العين أو الفم، لكن السائد عند معظم الحالات أن يدخل الفيروس إلى الجسم عبر الأنف، وبما أن عصب الشم وهو العصب الدماغي رقم 1 أطرافه داخل الأنسجة المخاطية داخل الأنف، ويمتد مخترقا قاع الجمجمة ويدخل إلى المخ مباشرة، فإن أول محطات الفيروس داخل جسم الإنسان قبل النزول إلى الرئة أو إصابة أى عضو آخر، هو عصب الشم، وبالتالى يبدأ فى عمل سلسلة من التفاعلات أهمها حدوث التهاب شديد فى جدار الأوعية الدموية ويبدأ في غلق جدار الأوعية الدموية، وهو ما يتسبب في حدوث الجلطات أي أن جزءًا من المخ لا يصله الدم، وبالتالي يفقد وظيفته جزئيا أو كليا، كل حسب إصابته.

وأكد أستاذ المخ والأعصاب، أن شكل جلطات ما بعد كورونا غالبا تتعلق بالجهاز العصبي المركزي، وهو المتمثل في المخ والفص الأمامي للمخ، ويؤثر على التفكير والذاكرة والقدرة على الاستنباط، وأن هذه الحالة متكررة، مشيرا إلى أن متلازمة ما بعد كورونا لا تحترم سنا معينة للمتعافين، أي أنه ليس هناك فرقًا بين الشباب وكبار السن، لذلك يجب الحفاظ على شرب السوائل للوقاية من فيروس كورونا، وممارسة رياضة المشي.