مى سمير تكتب: دراسة أمريكية ترصد كواليس تحالف الإخوان مع الولايات المتحدة أثناء وقبل وبعد ثورة يناير

مقالات الرأي



قبل 24 ساعة من تنحى مبارك أرسل البيت الأبيض خطابا للكونجرس يؤكد أن «الجماعة» منظمة علمانية

الرئيس الأمريكى لم يعلق على أعمال العنف ضد المسيحيين وحرق الكنائس

«كلينتون» استغلت سلطتها كوزيرة خارجية للإفراج عن جزء من 1.5 مليار من المساعدات الأمريكية لمصر بالمخالفة للقانون الأمريكى

تحت عنوان «الشراكة الأمريكية مع جماعة الإخوان المصرية وأثرها على المجتمع المدنى وحقوق الإنسان»، نشرت الباحثة الأمريكية آن بيرس فى كلية ويلسلى الأمريكية ورقة بحثية تكشف كواليس التعاون بين الإخوان والولايات المتحدة، تتناول هذه الورقة سياسات إدارة أوباما تجاه مصر وعلاقته الواسعة مع الإخوان.

حسب «بيرس»، تكشف الدراسة أن الجانب الوحيد الثابت لسياسة الإدارة الأمريكية فى عهد أوباما تجاه مصر هو التواصل مع جماعة الإخوان والتعامل معهم، وأضافت الدراسة أنه «فى أى وقت من الأوقات قبل أو بعد صعود جماعة الإخوان إلى الصدارة فى السياسة والمجتمع المصرى، حرصت الإدارة على دعم الإخوان، كما لم تستخدم فى أى وقت النفوذ الأمريكى - بالنظر إلى الكم الهائل من المساعدات المالية والعسكرية التى كانت مصر تعتمد عليها، وبالنظر إلى رغبة حكومة الإخوان.

1- إشارة داعمة 

تكشف الدراسة عن العلاقات القوية بين الجماعة والولايات المتحدة، قبل الثورة، وتلفت الدراسة الانتباه إلى مقال لم يعد متاحاً على الإنترنت، حيث ذكرت صحيفة نيويورك تايمز فى 4 يناير 2011، أن الإدارة كانت تسعى إلى «علاقات وثيقة» مع جماعة الإخوان ، مضيفة: «إن مبادرات الإدارة - بما فى ذلك الاجتماعات رفيعة المستوى فى الأسابيع الأخيرة - تشكل تحول تاريخى فى السياسة الخارجية التى تبنتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة التى دعمت بثبات حكومة الرئيس حسنى مبارك، على نحو جزئى بسبب القلق من أيديولوجية الإخوان الإسلامية والعلاقات التاريخية مع المسلحين».

حسب الدراسة، تلقى الإخوان الكثير من الإشارات الداعمة من الإدارة الأمريكية، على سبيل المثال، فى اليوم السابق لاستقالة مبارك، أرسل البيت الأبيض قيصر الاستخبارات جيمس كلابر إلى الكونجرس ليشهد على أن جماعة الإخوان هى «منظمة معتدلة» و«علمانية إلى حد كبير» وتعمل على تجنب العنف».

وتكشف الدراسة أن بالإضافة إلى الرسائل الداعمة التى تلقاها الإخوان من الولايات المتحدة، تبع ذلك عدد من الاجتماعات بين السفيرة الأمريكية آن باترسون وأعضاء جماعة الإخوان بعد فترة وجيزة من الثورة، وبدا أن السفيرة تفضل الإخوان والسلفيين المتشددين على العلمانيين والمسيحيين، فى الواقع، قيل إنها رفضت طلبات لمقابلة رؤساء أحزاب سياسية و سياسيين علمانيين آخرين، أرسل نائب وزير الخارجية ويليام بيرنز والسيناتور جون كيرى رسائل دعم مماثلة من خلال زيارة مقر جماعة الإخوان والتحدث مع أحد قادتهم الثوريين، خيرت الشاطر، الذى ذهب كيرى إلى حد الإشادة به علنا، تلاحظ الدراسة أن هذه الاجتماعات حدثت حتى قبل ظهور نوايا الإخوان فى الاستيلاء على الثورة. 

حسب الدراسة، أحد أكبر الأدلة على الدعم غير المشروط الذى قدمته الولايات المتحدة للإخوان هو تعامل إدارة أوباما مع عنف الإخوان، كتبت بيرس: «مع حدوث المزيد من أعمال العنف ضد المسيحيين - بما فى ذلك حرق الكنائس، والتحرش الجنسى بالنساء والفتيات، والتنمر فى الشوارع والإكراه على الاعتراف بجرائم لم ترتكب - ظل رئيسنا ووزيرة خارجيتنا صامتين فى الغالب».

2- تدريب وتمويل 

وراء الكواليس، ذهبت السياسات الأمريكية إلى أبعد من التصريحات العلنية فى إضفاء الشرعية على جماعة الإخوان وتعزيز مكانتهم، تستعرض الدراسة قصة نشرتها مجلة فرونت بيج تكشف أن المنسق الخاص لوزارة الخارجية للتحولات فى الشرق الأوسط وليام تيلور وأعضاء مكتبه تولوا تدريب أعضاء جماعة الإخوان على خوض العملية الانتخابية التى بدأت فى 28 نوفمبر. 

كما أصدرت وزارة الأمن الداخلى مبادئ توجيهية جديدة تصف أعضاء التنظيم الدولى لجماعة الإخوان كمحاورين مع المسلمين فى الولايات المتحدة وتتطلب موافقة «قادة المجتمع» المسلمين و«الجماعات الدينية» على مواد تدريب مكتب التحقيقات الفيدرالى، وأصدر البيت الأبيض «استراتيجية وطنية لتمكين الشركاء المحليين من منع التطرف العنيف» التى ضمنت بشكل فعال للإخوان أن يكون لهم رأى فى سياساتها، كما التقى وكيل وزارة الخارجية بيل بيرنز بمحمد مرسى فى واشنطن العاصمة لإظهار مستوى عال من المناصرة للقادة الإسلاميين، ورحب مرسى بالاجتماع ودعا واشنطن لاتخاذ موقف من الشؤون العربية والإسلامية. حسب الدراسة، ليس من المستغرب، عندما زارت كلينتون مصر فى يوليو 2012، قوبلت باحتجاج واسع النطاق من الأقباط المسيحيين والنشطاء العلمانيين، الذين اعترضوا على ما وصفوه أنه دور الإدارة الأمريكية فى مساعدة الإخوان على ترسيخ سلطتهم، وترصد الدراسة الدعم الشخصى الذى قدمته كلينتون إلى الإخوان، بما فى ذلك على سبيل المثال، استخدام كلينتون «سلطة التنازل» الخاصة بها كوزيرة خارجية للإفراج عن جزء من 1.5 مليار من المساعدات الأمريكية لمصر، وبالتالى تجاوز قانون يطالب بأن تكون المزيد من المساعدات لمصر مشروطة بتحسن مصر فى مجال حقوق الإنسان وانتقالها إلى حكومة مدنية. 

تعلق بيرس فى دراستها، أن «حقيقة أن مرسى أقدم على هذا الاستيلاء على السلطة بعد محادثات شخصية مع هيلارى كلينتون، وأن الإدارة لم تنتقده، كان أيضا تذكيراً مؤلماً بأن سياسة الإدارة الأمريكية لعبت دوراً كبيراً فى تمكين الإخوان»، وتضيف بيرس: «اللافت للنظر أن الولايات المتحدة وافقت على إرسال مقاتلات إف-16 إلى حكومة الإخوان وإرسال مساعدات إضافية فى هذا الوقت بالتحديد من التداعيات المتزايدة - عندما كان المصريون ينزلون إلى الشوارع بأعداد كبيرة من أجل الاحتجاج ضد الإخوان. كانت الرسالة واضحة: دعم الولايات المتحدة لحكومة مرسى ظل غير مشروط». 

3- ثورة يونيو 

كتبت بيرس: «فى 30 يونيو 2013، خرج ملايين المصريين إلى الشوارع للاحتجاج على الرئيس مرسى ونظامه، وقد ضاقوا ذرعا بتجاهل النظام لحقوق الإنسان والحريات الدستورية، والتعامل الكارثى مع الاقتصاد، والفشل فى معالجة هموم الناس، وصرخوا، «ارحل، ارحل»، وحمل العديد من المتظاهرين لافتات عليها شعارات مثل «أوباما يدعم مرسى». 

تسخر الباحثة الأمريكية من موقف إدارة أوباما من الإطاحة بحكم مرسى الاستبدادى، وكتبت: «بعد أن التزم الصمت بشأن انتهاكات حكومة مرسى، أدلى أوباما بتصريح نادر، بالنسبة له، دفاعا عن الحرية السياسية، لقد اتخذ موقفاً أخلاقياً لم يكن مستعداً للقيام به من قبل»، وتكشف الدراسة عن تناقض إدارة أوباما من خلال الإشارة إلى أن فى مارس 2013، أثناء حكم الإخوان، اقترح خمسة أعضاء فى مجلس الشيوخ تغيير الطريقة التى تقدم بها الولايات المتحدة المساعدة لمصر من خلال التركيز بشكل أكبر على ضمانات الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون، لكن إدارة أوباما، بقيادة الوزير كيرى والسفيرة باترسون، قاوموا بشدة تلك التغييرات. ليس ذلك فحسب، فقد قدم كيرى 190 مليوناً مساعدة إضافية لمصر فى ذلك الشهر بالذات، وربطها بالإصلاح الاقتصادى (وليس السياسي)، لكن بمجرد الإطاحة بحكومة مرسى، أعلنت الإدارة (خلافا لنصيحة خبراء السياسة الخارجية) أنها أوقفت معظم المساعدات العسكرية والمالية التى تقدمها للجيش، مستشهدة «بقرارات تتعارض مع الديمقراطية».