بدون ذكر أسماء الحلقة «5».. العاهرات

منوعات

بوابة الفجر


 شهيرة النجار

السعادة لها ثمن 

أب يتزوج حبيبة ابنه لإثبات أنه قادر وأنجح منه فيدفع الثمن 

رجل أعمال يخطف خطيبة ساعده الأيمن فيستيقظ على وقوعه فى الفخ

يبدو أن السادة القراء قد ملّوا من الأخبار الكئيبة، فما أن وجدوا عنواناً للتسلية فى زمن الكورونا حتى بدأوا فى إعادة «عادة القراءة» مرة أخرى، واستوقفنى (وهو محط سعادة لى) أن غالبية من طلب منى لينك سلسلة حلقات بدون ذكر أسماء «باب العاهرات» أساتذة جامعيون وباحثون وأكاديميون وشعراء وكتّاب ثقال، والحق لا أنكر بقدر سعادتي قدر استغرابي، لأن غالبية هؤلاء كانوا يتمنون الهجوم عليّ قبل 15 عاماً، لأننى أكتب فى المجتمع الغامق، ولكن ما أن قرأوا حتى وجدوا المادة هى مادة سلسة تجمع بين البحث والتقصى والدمج بنماذج مجتمعية بدون خدش أو تناول أسماء، والغرض فى حقيقة الأمر لعرض هذا الأمر الشائك، وهو قضية العاهرات التى تداخلت خيوطها مع عرض بحث مهم للمراهقة المتأخرة عند الرجال؛ لأن الصياد له فريسة وغالبية الفرائس من تلك النوعية التى تسقط فى فخاخ هذا الصنف من النساء بكل سهولة ويُسر.

وقبل استكمال البحث المهم للدكتور محمد مصطفى محروس عن ظاهرة المراهقة المتأخرة عند الرجال، وعرضنا فى حلقتين سابقتين لأعراض تلك الحالة وأسبابها، أود التنويه أن ما قمت بنشره فى الحلقات السابقة ليس مقصوداً به شخصاً بعينه أو شخصية نسائية بعينها، فأنا أسرد للظاهرة وأدعمها بأمثلة تقريبية للأمر، وهذا بحكم تخصصى فى صحافة المجتمع منذ سنوات طوال، ومرّ عليّ الكثير من الظواهر الاجتماعية، وسبق وأشرت قبل عددين إلى أن سطورى ليس مقصوداً بها أحد وربما تكون من قديم الزمن وليس لها زمان أو مكان، أما أن يجد أحد نفسه فيها فهذا شأنه، ثم إننى أكتب عن ظواهر أو ظاهرة من قلب الحياة تنطبق من خلال البحث أسبابها وعلاماتها على آلاف النماذج، وهذا يعنى صدق السطور والتعبير، لكن من يجد «على رأسه بطحة» والكلام «جاله على جرحه» فليس له علاج عندنا، وننصحه بعلاج نفسه.. لكن استغلال سطورى لمصالح اجتماعية فأنا لست طرفاً فى شيء، ثم إن مهنتى الكتابة والشرح والتوصيف.

■ الخوف من الموت والزواج ومشكلاته

وأعود لبحث الدكتور محمد مصطفى محروس الذى يسرد معاناة ومخاوف المراهق المتأخر وأولها الخوف من الموت، حيث إن جميع من بداخلهم رغبة قوية فى تأخير موتهم عند منتصف العمر، يصبح هؤلاء الأفراد أكثر تفكيراً وإدراكاً بأنهم يتجهون نحو الكبر والشيخوخة وأن نهايتهم باتت وشيكة؛ لذا تجدهم يحاولون إمتاع أنفسهم بأقصى درجة ممكنة، فيكونوا تحت ضغط هذا الشعور التشاؤمى فريسة سهلة لنوعيات من بعض النسوة اللائى يحاولن إسعادهن بطرقهن، وبالطبع بعد دراسة شخصياتهم و«كله بثمنه».. السعادة لها ثمن.

الأمر الثانى هو الحياة العملية، ففى تلك المرحلة يعتبر الوقت الذى يجب أن يشعر فيه الناس بالقبول يجدون آخرين أصغر منهم يمتلكون الفرصة نحو الرقى والتطور فيشعرهم بالإحباط، ويقعون فريسة له، وهذا أيضاً من شأنه إثباتاً لأنفسهم وللجميع من المحيطين بهم يدفعهم للدخول فى علاقات نسائية لإثبات أنهم قادرون أيضاً ومع فتيات أصغر منهم سناً، على اعتبار أنهم لا يقلون كفاءة عن الأصغر منهم، هكذا يكون التفكير، وهنا يحضرنى قصة مع غرابتها لكن تقرّب الأمر، ففى زمان غير الزمان وقع شاب فى غرام سكرتيرة والده وفاتح والده فى الأمر (والذى كان يعمل معه فى مكان واحد كبير) ولكن فوجئ الشاب برفض الأب لإتمام تلك الخطبة بحجة أن الفتاة ليست من مستواهم الاجتماعى، رغم جمالها الواضح وشطارتها فى العمل التي لم تشفع لها مؤهلاتها للفوز بالشاب، وبعد مرور أعوام فوجئت الأسرة كلها أن الأب قد تزوج بالسكرتيرة وأنه كان قد رفض ارتباط ابنه منها لأنه كان قد وقع فى غرامها، ووجد فيها ما لم يجده فى الأم والدة ابنه، بل لديه ابن منها، فكانت الطامة الكبرى التى وقعت على رؤوس الجميع، حيث انتقم الابن ووالدته من الأب بطرده من العمل بل حددوا إقامته وأغلقوا فى وجهه كل المنافذ التى يمكن أن يسلك منها طرقاً للعيش، بل إن الشاب عندما قرر الزواج من فتاة أخرى لم يدع الأب لزفافه بل لم يكتب اسمه بجوار اسمه فى بطاقة دعوة الزفاف وكأنه ابن لرجل مجهول، ومرت السنون وتوفى الأب فلم يذهب حتى لجنازته، وهكذا دفع الأب ثمن ما فعله حتى دخل قبره.

وقصة أخرى لرجل أعمال كان شهيراً ذات يوم فى سبعينيات القرن الماضى وجد أن شاباً يعمل عنده قد خطب فتاة ذات جمال، وذات يوم وجد الشاب أن الفتاة تعيد له أغراضه وتفسخ الخطبة، وبعد أسابيع وجد الفتاة قد تبدلت حياتها البسيطة وركبت السيارة الفاخرة والحلى والملابس الفاخرة، وما أن تتبع الأمر حتى وجد أن رئيسه وصاحب العمل قد دخل فى علاقة معها، صمت الشاب وتحوّل غضبه لانتقام وقرر البحث فى ثغرات رجل الأعمال حتى وجد ما يوقعه به، وبالفعل أبلغ عنه السلطات وسقط فى قبضة الشرطة بتهم عديدة كانت حديث الجميع، بل تحول لقضية رأى عام، وإذا بحثت وراء مثل تلك القصص ستجد خلفها مرضاً اجتماعياً يطلق عليه «المراهقة المتأخرة»، وأحياناً تكون تلك القاعدة لها شواذ، فمثلاً كان يعمل شاب عند رجل أعمال كبير ملء السمع والبصر ولديه زوجة كبيرة سناً وجمالاً وأولاداً، وفجأة بعد دخول رجل الأعمال للسجن لأسباب يتردد للآن حولها الكثير من الحكايات تزوج الشاب من زوجة سيده بالعمل، وأصبح هو السيد، رغم فارق السن الكبير بينهما، وسارت حياتهما على ما يرام.. وهنا لا أستطيع القول إن الشاب كان يعانى مراهقة متأخرة بل مؤكد له اسم عند علماء النفس لا أعرفه.

■ البيت الخالى والتضحية

أما المعاناة الثالثة التى يعانيها المراهق المتأخر، حسبما جاء بالبحث، فهو البيت الخالى، ففى تلك المرحلة يعانى بعض الرجال وهم يتابعون رسم مسار حياة أولادهم المهنية بغرض الحفاظ على العلاقة القوية فيما بينهم، فينهكون ودون أن يشعروا تجد بعضهم يدخل فى علاقات عابرة أو ربما زواج، أما الأمر الرابع فهو التضحية، حيث يشعر هؤلاء الأشخاص أنهم ضحوا من أجل أفراد لم يكونوا يستحقون تلك التضحيات ويجدون الغدر والرفض من الطرف الآخر، وبأن العمر قد انتهى دون مقابل، كأن يكون الأولاد جاحدين لتضحيات الأب أو أن الزوجة لم تقابل تضحيات الزوج على مدار عمر طويل بما كان ينتظره الرجل، والنماذج كثيرة، فهذا أب وجد أبناءه قد قرروا الهجرة خارج البلاد والاستقرار هناك تاركين إياه مع الأم، التى سرعان ما تقرر اللحاق بأولادها أو السفر الكثير لهم معظم شهور السنة تاركة الزوج، ولأن الزوج مرتبط بأعماله ولا يستطيع السفر معها معظم الوقت وتتركه وحده، فجأة تتبدل نفسيته ويقرر دون أن يدرى أن يدخل فى علاقة أخرى قد تصل للزواج أو أن الزوج قد يتعرض هو للسفر خارج البلاد نتيجة ظروف مالية مر بها فيترك البلاد، وما أن يطلب من الزوجة أو الأولاد نقل حياتهم معه فيقابل طلبه بالرفض فيقضى الغربة وحده وحيداً فتكون النتيجة إما طلاق الزوجة أو إبقاء الزوجة على ذمته والزواج بأخرى فى بلاد الغربة، والأمثلة كثيرة وشهيرة. أما السبب الخامس، حسبما سرده البحث، فهو الزواج ومشكلاته، حيث أشارت دراسة أمريكية إلى أن نحو 30٪ من حالات الزواج تنتهى بالانفصال فى الأعمار ما بين 40 حتى 60 عاماً بسبب خلل فى توازن القوى بين العلاقات الزوجية وتغير فى بناء الثقة التى تتصدع بين الطرفين، أو أن الأولاد أصبحوا أكثر حرية وأصبحوا معتمدين على أنفسهم، أو العكس، ساعتها يشعر الزوج بأن زوجته قد كبرت بالعمر ويريد أن يعيش الشباب مرة أخرى فيدخل فى علاقة جديدة مع فتاة صغيرة السن.. والنماذج هنا ما أكثرها.

أما السبب الأخير أو العرض الأخير فهو الرعاية، وتحت هذا البند كتب الباحث أن عدداً كبيراً من الأشخاص، خاصة النساء فى منتصف العمر، ينهمكن فى رعاية معاقين قد يكونوا أبناء أو آباء وأمهات لهن مرض ويبذلون كل الجهود الفكرية والجسدية التى تستنزف قواهم فى هذا العمل، ما يؤدى لإهمال الزوج الذى بدوره يبحث عن امرأة أخرى تعطيه المفقود من الزوجة، رغم أن الزوجة تقوم بعمل جليل وكبير تثاب عليه، بل من الممكن أن يكون الزوج خير سند ومعين لها، لكنه يهرب من هذا الأمر لتجربة أخرى بحجة انشغال الزوجة بهذا الأمر، وقد يكون اهتمام ورعاية الزوجة لأحد والديه ذاتهما، لكن النتيجة فى النهاية تدفع فاتورتها الزوجة التى تستيقظ على علاقة الزوج بأخرى بدون مقدمات والسبب اهتمامها بغيره!

والنظريات التى اهتمت بمرحلة المراهقة المتأخرة كثيرة منها النظرية الطبية البيولوجية والتى تعتمد على الخلل الهرمونى عند الرجل فى تلك المرحلة، وهذه اعتمد عليها «داروين ومندل وجالتون وكالمان» وغيرهم، ونظرية التحليل النفسى وهى تتمثل فى اللهو واللذة وإشباع الغرائز التى ولدت مع الإنسان وتمثل الأنا الأعلى مبدأ المثل والقيم، وهذه اعتمد عليها «فرويد» فى نظريته أن توازن الفرد بين اللهو والأنا العليا وإشباع الرغبة بدون الجور على القيم، أما «بونج» فيرى أن مفتاح التوافق والصحة النفسية يكمن فى استمرار النمو الشخصى دون توقف، أما «أدلر» فاعتمد على أن شعور الفرد بالنقص والعجز والضعف هو ما يدفعه لذلك، والنظريات الاجتماعية التى اعتمد عليها علماء الاجتماع الأمريكان والإيطاليون تعتمد على التوافق عند الفرد، وأن الخلل يؤدى للأمراض العقلية حتى لو كانت غير ظاهرة ومنها هذا الأمر، المراهقة المتأخرة. والأمر الرابع فيها هو نظرية التعلق عند الراشدين وهذا يعتمد على تاريخ المراهق المتأخر منذ الطفولة بالأم ثم الزوجة والتدلل والدلع.

■ العلاقات المشبوهة والعلاقات الخاطفة

التأثير السلبى لأزمة منتصف العمر تظهر فى العلاقات المشبوهة، حيث ينخرط فى علاقات غير متزنة يتخللها الخيانات الزوجية المصاحبة للأكاذيب بالطبع ولها تأثيرها على كل الأطراف، التأثير الثانى يدخل فى الاهتمام بالشابات الصغيرات وهن الشريحة المستهدفة عند هؤلاء الرجال، ثالثا الابتعاد عن أقرانه ممن هم فى سنه ويغيب اهتمام الزوج بزوجته والدخول فى صداقات مع فئات عمرية أصغر منه، وطبعاً الدخول فى علاقات خاطفة سريعة وتصبح متأرجحة، وسرعان ما يعود لبيته مرة أخرى ثم ينخرط فى أخرى، وهكذا ويؤثر ذلك على عمل المراهق المتأخر ويسهر بالساعات والبقاء خارج المنزل لفترات طويلة، وربما الانخراط فى تناول الكحوليات ومحاولة تناول منشطات جنسية على سبيل التجربة.

وخامساً تظهر علامات الطيش والتنازل عن المسئولية، حيث يترك الحياة عمتا للبقاء مع العشيقة ويترك ويهمل عمله وربما يفقد مورد رزقه بسبب هذا الطيش، ولا يصبح مهتماً بدوره كأب وزوج، ومن علامات المراهق المتأخر الأخرى الأحاديث الجنسية الكثيرة والتباهى بالقوة الجنسية والعلاقات الغرامية إلى حد يغيب عن معيار المنطق، ويصبح الحديث عن هذه الأمور فى المحافل الاجتماعية أو التلميحات داخل الأسرة ذاتها أو بين الأصدقاء والمراهق المتأخر قد يكون مخادعاً وفاشلاً فيقع فى مطبات اجتماعية كثيرة من قبيل مواعدة النساء فى أزمنة متقاربة، وقد يكون من الوسط الاجتماعى الذى يعيش فيه من يسهل كشفه أو أن زوجته شعرت بذلك.