أبرزها جهود مواجهة كورونا.. نجاحات حققتها الدبلوماسية المصرية في 2020 (حصاد)
شهد عام 2020 الذى شارف على الانتهاء، نجاحات عدة، حققتها الدبلوماسية المصرية، على مختلف الأصعدة، وفيما يتعلق بقضايا وأزمات عدة، على رأسها جائحة كورونا، والانتصار لحقوق الإنسان، بجانب نجاحها في حصد مقاعد دولية.
مواجهة تداعيات كورونا على المرأة والطفل:
ففي إطار التحركات التي تقوم بها الدبلوماسية المصرية اتصالا بالتعامل الدولي مع جائحة كورونا، قامت وزارة الخارجية بالتعاون مع المجلس القومي للمرأة، بقيادة تحرك دولي في الأمم المتحدة من أجل إيلاء الاهتمام اللازم لوضع النساء والفتيات أثناء مواجهة فيروس كورونا، وذلك في إطار الحرص على تخفيف التداعيات الاجتماعية السلبية لانتشار الجائحة، واتخاذ الإجراءات الوقائية للحد من تأثيراتها على الفئات المجتمعية الأكثر تضررا.
أوضح السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في نيويورك، أن الوفد المصري قام بمخاطبة المديرة التنفيذية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة، وبعثات الدول الأعضاء في المنظمة، للتأكيد على الحاجة إلى التعاون الدولي ومشاركة الخبرات والمعلومات من أجل التغلب على هذا التحدي الطارئ الذي تواجهه الإنسانية، وإبرازا للسبق المصري في إعداد خطط وبرامج تراعي وضع المرأة لدى التصدي لانتشار جائحة الكورونا، وقام الوفد المصري بتعميم التقرير الذي أعده المجلس القومي للمرأة عن السياسات والبرامج المقترحة تجاه وضع المرأة عند مواجهة جائحة الكورونا، وكذلك آلية التقييم الدوري لتلك السياسات والبرامج.
وأضاف مندوب مصر الدائم أن مصر تحركت – بمشاركة مجموعة من الدول – لطرح مشروع قرار على الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل دعم الجهود الوطنية والدولية للاستجابة السريعة لتأثير جائحة كورونا على النساء والفتيات، وذلك تحت البند الخاص بالصحة العالمية والسياسة الخارجية، بهدف وضع إطار تنفيذي شامل وقوي للاستجابة السريعة للتداعيات الصحية والاجتماعية في هذا الصدد على المرأة.
كما أوضح السفير محمد إدريس أن مصر قامت أيضا بالانضمام للبيان الصادر عن مجموعة الدول أصدقاء الطفل وأهداف التنمية المستدامة، وهي مجموعة مكونة من أكثر من 63 دولة، من بينها مصر، كانت قد تشكلت بهدف التأكيد على أهمية موضوعات الطفل في أجندة أهداف التنمية المستدامة. ويهدف البيان إلى الاستجابة لنداء السكرتير العام للأمم المتحدة للدول الأعضاء لإعطاء الأولوية لتعليم وتغذية وصحة وسلامة الأطفال خلال جائحة كورونا، وذلك من خلال التأكيد على حماية الأطفال وتوفير الخدمات الأساسية لهم أثناء مواجهة الجائحة.
جدير بالذكر، أن الإحصائيات أشارت إلى ارتفاع نسبة النساء العاملات في المجال الصحي لتصل إلى 75% على المستوى الدولي، وارتفاع تلك النسبة في مصر لتصل إلى حوالي 41.4% من الأطباء و91.1% من طاقم التمريض، مما يعكس الدور المهم الذي تلعبه المرأة عبر تواجدها في الصف الأول لمحاربة انتشار جائحة كورونا، وتعرضها بشكل أوسع لخطر الإصابة به.
اعتماد بيان دولي عن سلاسل الإمداد العالمية في ظل جائحة كورونا:
فى 22 مايو 2020، وفي إطار الجهود الدبلوماسية المصرية للتعامل مع جائحة كورونا، نجحت مجموعة عبر إقليمية من الدول، عملت مصر على إنشائها، تضم إلى جانب مصر كل من سنغافورة وكندا ومالاوي وروندا والسويد وإيطاليا وشيلي وجويانا ونيوزيلاندا، في طرح بيان دولي في الأمم المتحدة حول "الأسواق المفتوحة وتدفق البضائع الأساسية وضمان استمرار سلاسل الإمداد العالمية خلال أزمة كورونا"، وذلك لتعزيز الجهود الدولية للتصدي للأزمة، وحظي البيان بدعم 175 دولة من أعضاء المنظمة.
وأوضح السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدي الأمم المتحدة أن هذه المبادرة تأتي في ظل التحديات الكبرى التي تفرضها جائحة كورونا على حركة النقل والتجارة الدولية مما يسبب العديد من التبعات الاقتصادية السلبية التي تؤثر على جميع دول العالم، خصوصا الدول النامية، مما استدعي قيادة تحرك دولي لاعتماد هذا البيان الهام الذي يؤكد على مرجعية أجندة التنمية المستدامة 2030، فضلًا عن دور مشروعات البنية التحتية في تأمين سلاسل الإمداد العالمية، ويدعو إلى دعم المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر وتعزيز نفاذيتها إلى الأسواق، وينوه البيان بدور منظمة التجارة العالمية لمخاطبة عوائق حركة التجارة في ظل الإجراءات الاحترازية لمواجهة جائحة كورونا، كما يتطرق إلى الأمن الغذائي وأهمية ضمان استمرار سلاسل إمداد الغذاء والمساعدات الإنسانية.
أضاف السفير إدريس أن البيان اكتسب دعما كبيرا في الأمم المتحدة انعكس في انضمام 175 دولة له، وذلك في ضوء مخاطبة البيان لقضية محورية تمثل تحديًا للجميع وتتطلب تنسيق العمل الدولي متعدد الأطراف لمواجهتها، كما أوضح مندوب مصر الدائم أن اعتماد هذا البيان الدولي يأتي في إطار التحركات المتعددة للدبلوماسية المصرية وبعثتها الدائمة في نيويورك لحشد الجهد الدولي في مواجهة جائحة كورونا وآثارها المختلفة.
انتخاب المرشحة المصرية في لجنة حقوق الإنسان:
فى سبتمبر 2020، بعد مرور أقل من أسبوع على فوز المرشح المصري لعضوية لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، نجحت الدبلوماسية المصرية في تحقيق نصر آخر لمصر، حيث تم انتخاب المرشحة المصرية السفيرة وفاء بسيم في عضوية لجنة حقوق الإنسان المُنبثقة عن العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية عن الفترة 2021 – 2024، وذلك في الانتخابات التي تمت بنيويورك يوم 17 سبتمبر الماضى.
كانت المرشحة المصرية ضمن الفائزين التسعة بالمقاعد الجديدة باللجنة، من أصل 15 مرشحًا مثلوا دولا وأقاليم مختلفة، في ظل سباق انتخابي وتنافس شديد، تقاربت فيه الأصوات التي حصل عليها أغلب المرشحين بشكل كبير، الأمر الذي استدعى عقد جولة تصويت ثانية، فازت على إثرها المرشحة المصرية بفارق أصوات كبير.
وأوضح السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أن فوز المرشحة المصرية وسط عملية تنافسية بهذا الاحتدام، إنما يُبرهن مجددًا على احترام المجتمع الدولي لمصر ومكانتها، فضلًا عن تقدير الإمكانات المتميزة لكوادرها القادرة على الإسهام الإيجابي في مجال تعزيز وصون حقوق الإنسان على المستوى الدولي، خصوصا وأنه يأتي عقب بضعة أيام فقط من تصدر المرشح المصري لقائمة الفائزين بعضوية لجنة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية.
كما أشاد إدريس بما تتمتع به المرشحة المصرية من خبرة دبلوماسية طويلة، حيث سبق أن تقلدت العديد من المناصب الرفيعة بالسلك الدبلوماسي المصري، منها منصب مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة في جنيف التي تولت خلاله مهمة تمثيل مصر في مجلس حقوق الإنسان، فضلًا عن التفاعل مع مختلف الأجهزة الحقوقية التابعة للأمم المتحدة بمهنية وكفاءة.
كما نوه إدريس بالجهود المُكثفة التي قادتها وزارة الخارجية وبعثة مصر الدائمة بنيويورك والسفارات المصرية بالعواصم المختلفة لتأمين الأصوات اللازمة لإنجاح المرشحة المصرية في هذه المعركة الانتخابية الصعبة، ولتحقيق نصر دبلوماسي جديد لمصر.
حقوق الإنسان والحريات الدينية:
وفى 10 ديسمبر 2020، ومع احتفال مصر باليوم العالمي لحقوق الإنسان الذى يصادف الذكرى الثانية والسبعين لإقرار الإعلان العالمى لحقوق الإنسان والذى يعد بمثابة حجر زاوية بنيان القانون الدولي لحقوق الإنسان، حيث عكس عند اعتماده التوافق العالمي على الحاجة الملحة للوصول إلي إطار مرجعي لضبط وتوحيد مفاهيم الحقوق والحريات الاساسية، بما يصون للبشر كرامتهم ويحفظ لهم حرياتهم، وقد أسهمت مصر بما تتمتع به من ثقل ثقافي وحضاري في صياغة الإعلان وشاركت في اعتماده في الجمعية العامة للأمم المتحدة تأكيدًا على دورها النشط على الساحة الدولية.
وـكدت مصر على أن تطور التعاطي الدولي مع ملف حقوق الإنسان هو مسار متعدد الإسهامات ونتاج للتفاعلات الحضارية والثقافية للإنسانية بكافة طوائفها، فهذا المسار ليس حكرًا على طرف بعينه أو ثقافة بذاتها، فالارتقاء بحقوق الإنسان والقضاء على كافة الانتهاكات التي تمس بتلك الحقوق هو هدف تتطلع كافة دول العالم لبلوغه، ما يضاعف من أهمية التعاون وتبادل الخبرات وأفضل الممارسات في هذا المجال، دون إملاء او ادعاء كمال لم ولن يدركه أي طرف، فأمام الجميع الكثير الذي يتعين تحقيقه لخلق عالم أفضل لأجيال قادمة، عالم يوازن بين كافة الحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون إعلاء فئة من الحقوق على غيرها، أو استغلال حقوق الإنسان لتحقيق مآرب سياسية ضيقة.
وقد استمرت الدبلوماسية المصرية خلال العام الحالي في التعبير عن الأولويات الوطنية والقضايا المتصلة بمصالح الدول الإفريقية والدول النامية، حيث تم اعتماد عدد من المبادرات في الأطر متعددة الأطراف تعالج قضايا هامة مثل الإرهاب وحقوق الانسان، والحق في العمل، وتمكين وتعزيز حقوق المرأة، كما لم تألو مصر جهدا في مساندة الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، ودعم القرارات الدولية التي ترمي الي تعزيز التعايش ونبذ التمييز ومكافحة العنصرية.
وفيما يتعلق بالحريات الدينية، تواصلت خلال العام الجاري الجهود على صعيد تعزيز الحريات الدينية، ترسيخًا للإنجازات التي تحققت في هذا المجال. حيث واصلت الوزارات المختصة ومؤسسات الدولة الدينية الرسمية، وعلى رأسها الأزهر الشريف والكنائس المصرية، تنفيذ المبادرات والأنشطة التي تضطلع بها لتعزيز التسامح وقيم الحوار والتصدي لنزعات التطرف، كما شرعت الحكومة في تنفيذ خطة بقيمة 70 مليون دولار من أجل ترميم بعض الآثار المصرية ومن بينها معابد يهودية في القاهرة والإسكندرية، كما واصلت وزارة السياحة والآثار جهودها لترميم وتجديد المواقع الدينية الأثرية الواقعة على مسار رحلة العائلة المقدسة بمصر.
الأمم المتحدة تعتمد القرار المصري بإعلان اليوم العالمي للأخوة الإنسانية:
وفي 21 ديسمبر 2020، نجحت البعثة المصرية لدى الأمم المتحدة في نيويورك، بالتعاون مع بعثة دولة الإمارات العربية المتحدة، وبالتنسيق مع عدد من الدول الصديقة، في حشد الدعم والتأييد لاعتماد القرار المقدم من مصر والإمارات لإعلان يوم 4 فبراير يومًا عالميًا للأخوة الإنسانية، وذلك بالإجماع خلال أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة.
يأتي القرار تخليدًا لذكرى توقيع وثيقة الأخوة الإنسانية يوم 4 فبراير عام 2019 الذي شهد توقيع فضيلة الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، والبابا فرانسيس، بابا الفاتيكان، على وثيقة "الأخوة الإنسانية والسلام العالمي والعيش المشترك" في أبو ظبي بدولة الإمارات العربية، والتي تمثل حدثًا إنسانيًا تاريخيًا عميق المغزى، يحمل رسالة سلام ومحبة وإخاء إلى العالم بأسره، ويحث كافة الشعوب على التسامي بالقيم البشرية ونبذ التعصب والكراهية.
وأوضح السفير محمد إدريس، مندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة، أن الجهود الدبلوماسية تواصلت على مدار الشهور الماضية، لبناء التوافق حول قرار "اليوم العالمي للأخوة الإنسانية" بين جميع الدول الأعضاء والمجموعات الجغرافية والإقليمية، بهدف إصدار قرار دولي من الأمم المتحدة يحظى بالإجماع الكامل، ويتضمن الإشارة إلى تلك الوثيقة الهامة والفريدة، بما تحمله من إعلاء للقيم الإنسانية الرفيعة والتي تركز على الإخاء بين البشر جميعًا، وتؤكد على قيم الحوار والتسامح والتعايش المشترك.
وأضاف السفير إدريس أن صدور هذا القرار يتزامن مع هذه المرحلة الدقيقة ذات التحديات الجسيمة التي يمر بها العالم حاليًا، والتي تتطلب مبادرات رائدة وجهدًا صادقًا وفاعلًا لكبح جماح التطرف بجميع أشكاله، والتصدي لدعاة خطاب الكراهية والتحريض والهدم، استلهامًا لصحيح القيم الدينية النبيلة التي تحض على العمل من أجل السلام والبناء واحترام كرامة الإنسان.