د. رشا سمير تكتب: .. ولكننى ما رأيت العرب!

مقالات الرأي




قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم - ((يا معاذ ان الله عز وجل سيفتح عليكم الشام من بعدى من العريش إلى الفرات، رجالهم ونسائهم وامائهم مرابطين إلى يوم القيامة، فمن اختار منكم ساحلا من سواحل الشام أو بيت المقدس فهو فى رباط إلى يوم القيامة)) صدق رسول الله (صلى الله عليه وسلم)..

قبل أن يرحل دونالد ترامب عن مقعد الرئاسة الأمريكى، استطاع أن يحقق لأقرانه فى إسرائيل جزءًا من حلم طويل سعوا من أجله وخططوا له بذكاء وصبر..

بحسب تصريحات الصحفى اليهودى الشهير المولود عام 1860 تيودور هيرتزل، مؤسس الصهيونية العالمية ومن أهمّ الدعاة لتأسيس وطنٍ قومى لليهود فى فلسطين.. فإن (إسرائيل الكبرى) بحسب ما يحلو له أن يُسميها تمتد من حوض النيل إلى الفرات.

إذن الحدود المتخيلة لـ«إسرائيل» لم تكن ولن تنتهى عند ضم فلسطين فقط، وإنما الحُلم الحقيقى كما كُتب عنه فى (بروتوكولات حكماء صهيون) حقيقة كانت أم خيال، تؤكد أن العلم الإسرائيلى الذى يحده من الأعلى والأسفل خطان أزرقان متوازيان، يشيران إلى أن حلم الدولة الطامعة ممتد ما بين نهرى النيل فى مصر والفرات فى العراق.

القرار الذى أقره ترامب بنقل السفارة الإسرائيلية إلى القدس لم يكن فقط اعترافًا بدولة لا وجود لها، ولا رد جميل للأشقاء الذين يتحكمون فى اقتصاد العالم وخسارتهم له قد تكون فادحة الثمن، ولا هو كما يحلو لأولاد العم أن يصورونه للعالم وكأنه مبادرة سلمية لأجيال آتية آن لها التصالح والعيش فى سلام..لأن الحقيقة العارية تؤكد أن هذا التطبيع ليس إلا سُما دُس فى العسل أو شيطان فى هيئة ملاك.. الحقيقة أن ما يحدث اليوم ليس إلا سعيًا مؤكدًا ودؤوبًا لإسرائيل والولايات المتحدة لضم المزيد من الأراضى العربية وتحقيق حلم صهيونى قديم.. وليتنا نحن العرب ننتبه أو نفكر قليلا أو ربما نقرأ التاريخ الماضى لنتكهن بفصول القادم.

بنظرة سريعة على التاريخ نعود إلى عام 1904 يوم أعلن تيودور هيرتزل صراحةً أن حدود دولة إسرائيل تمتد من (نهر مصر إلى الفرات)، وهو ما أكده أيضا الحاخام فيشمان عام 1947، فى شهادته للجنة التحقيق الخاصة للأمم المتحدة، وظلت الأمور على هذا النحو حتى عام 2014، عندما تداول نشطاء إسرائيليون على موقع التواصل الاجتماعى خريطة، وصفوها بـ«مملكة إسرائيل الكبرى» أو «مملكة داوود»، وتضم الخريطة مصر وفلسطين والأردن وسوريا ولبنان وجزءًا من السعودية والعراق.

كيف نُغفل أن النص التالى مدون على مدخل الكنيست: «ولما تجلى الرب على إبراهام، منحه الأرض المقدسة من النيل إلى الفرات»!.

ولماذا مازالت المناهج الدراسية تحمل دروسا للأطفال نصها الآتي:

«فى ذلك اليوم عقد الله ميثاقًا مع أبرام قائلًا: سأعطى نسلك هذه الأرض، من وادى العريش إلى النهر الكبير، نهر الفرات، أرض القينيين، والقنزيين، والقدمونيين، والحيثيين، والفرزيين، والرفائيين، والأموريين، والكنعانيين، والجرجاشيين، واليبوسيين»

إذن لا جدال على أن المخطط الإسرائيلى فى كل الأحوال يستبعد وجود دولة فلسطينية، ومازال بنيامين نتنياهو يصر فى كل حواراته على أن تكون أرض فلسطين التاريخية وطنًا قوميًا لليهود، انطلاقًا من وعد بلفور.

إذن المسألة لم تعد دولة فلسطين العربية..إذن المسألة لم تعد أن العرب سلموا أراضينا الإسلامية المقدسة إلى الصهاينة..

ما بيننا وبين الصهاينة لم يكن ثأرا ولا حربا ولا شهداء فقط.. بل هو تاريخ من السطو المسلح..

وما قام به الرئيس الراحل العظيم أنور السادات كان مبادرة سلام لاستعادة الأرض المصرية بذكاء وحنكة ،ليت باقى العرب استمعوا إليه فى وقتها.

اليوم أتذكر ما قاله الشاعر السورى الشهير نزار قبانى يوم طرح سؤاله الشهير: متى يعلنون وفاة العرب؟ أبيات كتب فيها يقول:

أنا بعد خمسين عاما..أحاول تسجيل ما قد رأيت.. رأيت العروبة معروضة فى مزاد الأثاث القديم.. ولكننى ما رأيت العرب!!.