بوسي عادل تكتب: قسمة ونصيب

ركن القراء

بوابة الفجر



القسمة لا شك ان ما يجرى في الكون هو بقضاء الله وقدره ولكن الله شاء ان يجعل بعض الأمور مرتبطة بمشيئة الإنسان التي هي تحت مشيئة الله عز وجل.

وكل ما ترك لمشيئة الإنسان فهو في منطقة الاختيار ( أي اختيار نصيبه ) التي هي مناط المسئولية والحساب ومن ذلك الاختيار مثلاً الإيمان والكفر لقوله تعالى :- (( وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ))
وكمسألة الزواج مثلاً هو قرار واختيار الزوج أو الزوجة لأدلة كثيرة أبرزها قول النبي صلي الله عليه وسلم: } تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك { فالزواج إذن " رؤية واختيار وقرار"
وليس هناك أغلى من القلب في حياة الإنسان، فالقلوب إذا صفت رأت فالحب نصيب والفراق قرار ووجود شخص في حياتك نصيب والاحتفاظ به أو تركه قرار فحاول ان تبحث عن فرص لإرضاء شريكك خاصة اذا كان يمنحك نوع الحب الذي يحلم به الاخرون ، كلنا لا نملك القسمة ولكننا نملك القرار، فالنصيب هو قرار أي اختيار نصيبنا، فالعالم يفسح الطريق للمرء الذي يعرف إلى أين هو ذاهب. وأجمل رسم هندسي يقوم به الإنسان أن يبني جسرين مِن الأمل فوق بحر من اليئس والإحباط.

فإذا كان الله عز وجل اعطانا هذه الحرية النسبية التي لا تخرج عن سلطان الله لانه الرحمن الرحيم فكيف لا نستخدمها ونشكره كثراً..

فالبعض أحياناً يقول نأخذ بالاسباب (ثم لا يحدث نصيب‼) بدون أي سعي ثم يستسلم ثم يرحل ويقول ليس هناك نصيب أي " لا يحدث نصيب" فهنا من اختار أنت أم الله عز وجل ؟! الإجابة بكل بساطة هي " أنت " فالانسان هو من يختار طريقة سعيه فحسب أختيارك من البداية وطريقة سعيك ربنا سبحانه وتعالى ييسر لك اليسر أو ييسر لك العسر فأنت من تختار! كم ان الله رحيم عظيم!

ولكن نظراً لعدم معرفتنا للغيب، وعدم علمنا بما قدَّره الله لنا فإننا مأمورين بالأخذ بالأسباب مع الدعاء والإلحاح على الله بأن يقدِّر لنا الخير، فليس معنى القسمة أو النصيب أن ننام ونترك الأخذ بالأسباب، ونقول المقسوم لازم يحصل! إلا أن التوكل على الله هو ما صوره الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بقوله: المتوكل على الله مَن ألقى حَبَّةً في التراب وتوكل على رب الأرباب، فالتوكل على الله مصاحب الأخذ بالأسباب، والتوكل غيرُ التواكل؛ لأن التواكل ضعف وتردد وإهمال لجانب السعي وتمني الأماني على الله دون عمل!.

 فلا تعسر على نفسك شيئاً وتقول لا يوجد نصيب لمجرد أنك تخاف أو تتكاسل فعلى الانسان أن يسعى لطالما ارتدته وأحببته فاسعى إليه ويقول تعالى بسورة النجم ( وَأَنْ لَيْسَ لِلإنْسَانِ إِلا مَا سَعَى ) وهي أحد المبادئ العظيمة التي قررها القرآن الكريم بأسلوب لغوي لا يوجد مثيل له، وفي سياق آيات عظيمات، وقرآن معجز، فهذه الآية تصلح أن تكون إحدى العالميات التي يرتكز عليها البشر خلال دروب حياتهم، فهي تحمل معانٍ مستفيضة قبل أن تحمل عبارة أخرى مثلها. وقد اخذنا وعد من الله عز وجل بالقرآن الكريم يقول تعالى (فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنبشره لليسرى).

فالرزق ليس فقط مال فالزواج رزق والحب رزق ايضاً ويقول الكاتب العظيم د. مصطفى محمود ( وكل حب يزول ليس بحب انما الحب الحقيقي ما ثبت في القلب الذي لا يغيره بعد أو مسافات ولا تؤثر عليه أي عوامل مهما كانت الضغوط والمغريات انما الحب الحقيقي ينمو ويذداد يوماً بعد يوم فهو كالأرض كلما رويتها طرحت خيرا وفيراً وكلما اهملتها أصبحت أرض بور لا حياة فيها ولا روح .. فالحب هو البقاء وليس فقط لقاء.