عائشة نصار تكتب: لقطات خاطفة للكاميرا فضحت حقيقة «ذئب» الإخوان العجوز
محمود عزت.. دكتور جيكل ومستر هايد خلف القضبان
محاكمة كاتم سر المعبد الإخوانى ضربة معنوية لقيادات وعناصر التنظيم المهزوم
نموذج حى لشخصية «دكتور جيكل ومستر هايد»، شاهده المصريون على الشاشات فى فيديو وصور محمود عزت، القائم بأعمال مرشد الإخوان، فى أول ظهور إعلامى له، فى جلسة محاكمته الأولى فى قضية أحداث مكتب الإرشاد.
ظهر محمود عزت بصورة كان من المفترض أن تكون الأقرب لإثارة التعاطف لدى البعض، كمسن ضعيف البنية، محنى الظهر، فى عمر الـ76 عامًا، لولا أن القيادى الإخوانى لم يستطع إقناع عيون الكاميرا الفاضحة طوال مدة ظهوره فى الجلسة.
أفلت «الذئب» الرابض داخل محمود عزت فى لحظة خاطئة، كشفت نظراته، الوجه المزدوج، والمتناقض، لأخطر تنظيمى فى جماعة الإخوان .. لقطات خاطفة فقط رصدت التحول بين محمود عزت المستكين.. وعواء التنظيمى المختبىء فى عقل وتركيبة، كاتم سر المعبد الإخوانى.
58 عامًا بالكامل قضاها محمود عزت فى سراديب الجماعة الإرهابية، وعالمها السفلى، وبدأ خطواته التنظيمية الأولى فيها طالبًا يافعًا، ورفيقًا لسيد قطب فى زنزانة واحدة، فى قضية تنظيم 1965، كفيلة بالتعامل معه، كحالة استثنائية بين قادة التنظيم الإخوانى.
«محمود عزت يكذب كما يتنفس».. عبارة د. محمد حبيب النائب السابق، لمرشد الإخوان، ربما قد تقترب بشكل ما من فهم وتركيبة رأس الأفعى الإخوانى، فيروى حبيب أن المرشد السابق للجماعة مهدى عاكف، وهو متزوج من «وفاء» شقيقة عزت، ، كان يشتكى له من طريقة تعامل عزت، وأنه احتار فى التعامل معه.
فى كل الأحوال، وبصرف النظر عن أداء عزت أمام الشاشات، بعد 7 سنوات كاملة، قضاها مختبئًا تحت الأرض، يحاول الإفلات من مصير ينتظره الآن، ويحاسب فيه على جرائمه وجرائم تنظيمه المعادى لمصر والمصريين.. يبقى ظهور عزت والبدء فى محاكمته صفعة كبرى على وجه التنظيم الإخوانى، وقادته ومخططاته، وهدفًا لا يستهان به فى الحرب النفسية والمعنوية سددته الدولة المصرية، وأجهزتها الأمنية، ضد التنظيم الإخوانى.. تمامًا، كما كان خبر القبض عليه فى أغسطس الماضى.
وذلك رغم كل محاولات الإخوان فى بث الشائعات الكاذبة، عن عدم وجود القائم بأعمال المرشد فى مصر، ونجاحه فى الهروب للخارج.
مذلة قادة الإخوان، وتنظيمهم الدولى، ورعاياهم فى الداخل والخارج، بظهور عزت بهذا الشكل،الذين يحاولون استثماره، لإثارة تعاطف المنظمات الحقوقية الدولية، لا يتفوق عليه بالقطع إلا الشعور بالخطر، بعد وقوع «الصندوق الأسود» للجماعة فى قبض الأمن.
كان محمود عزت، يمسك بجميع خيوط التنظيم الإخوانى فى قبضته، بياناته وتوزيعه، وخريطة علاقاته الداخلية والداخلية، وشبكة تمويله.. كلها مسارات تنذر بمزيد من سيناريوهات الرعب للإخوان وحلفائهم.
الأخطر أن هذا الظهور المذل لعزت بمكانته وخطورته لدى أعضاء تنظيم الإخوان، لن يزيد الوضع الإخوانى إلا سوءًا وإدانة، واتهامات، تتحدث عن إهمال القيادات فى توفير الحماية، والاحتياطات الكاملة، لعزت فى مخبئة، والإبقاء عليه سريًا.
بل ووصل الأمر إلى توجيه أصابع الاتهام للمقربين من قيادات الجماعة، بالوشاية، والإيقاع به.
التنظيم الإخوانى يأكل نفسه، وظهور عزت مجددًا يؤجج من النار المشتعلة فى القلب منه، تنذر بتصدع البنيان التنظيمى للإخوان، وبتصاعد الغضب والانشقاق، والشعور باليأس لدى شباب الجماعة وكوادرها.
وتنامى اليقين لدى قطاعات عريضة، وشرائح كبرى منهم بأنها تشهد بعينيها نهاية رحلة جماعة «الإخوان المسلمون».. وتحمل قناعة راسخة، بانهزام التنظيم بالكامل فى مواجهة مع الدولة.. هزيمة بدأت مشاهدها الأولى فى 30 يونيو، بإسقاط حلمهم فى حكم مصر، وتواصلت بكسر شوكة التنظيم واصطياد قياداته، وعرضهم لمحاكمات علنية، تجعل منهم عبرة.
كان عزت بلا مواربة، صمام أمان، داخل التنظيم الإخوانى، بمكانته التاريخية، ونفوذه، وإحكام قبضته على التنظيم، كان وجوده مطلق السراح، ولو اسمًا، يؤجل وصول الصدام الداخلى فى الإخوان، إلى الحافة.
اتهم المعارضون إبراهيم منير ومجموعته، محمود حسين، ومحمود الإبيارى، وأحمد البحيرى، أنهم يحكمون الجماعة، خلال فترة هروب عزت، باسمه زورّا وبهتانًا ويدلسون على لسانه البيانات والقرارات التنظيمية.. حتى ذلك، إن صح، كان نوعًا من الأمان للتنظيم الإخوانى فى النهاية، يضمن السيطرة على عناصر الجماعة المتشبثين بالإخوان تحت مظلة تنظيمية تاريخية، حتى ولو بالاسم.
لكن المعادلة انقلبت بالقبض على عزت، وانفجر البركان التنظيمى، طافحًا الفضائح الإخوانية إلى العلن، بجملة من ممارسات الفساد التنظيمى والمالى والأخلاقى لا حصر لها.
بمجرد اختفاء محمود عزت من الصورة، خرج الداعية الإخوانى عصام تليمة بفيديو ملغم، تضمن اتهامات صريحة للمجموعة القطبية «الرباعية» الحاكمة داخل الإخوان حاليًا، وعلى رأسها إبراهيم منير، بالكذب، والفشل والوصول بالجماعة، إلى الوضع المزرى الذى وصلت إليه.
وتجاوز الهجوم، ممارسات، الفساد المالى، إلى تهم أخلاقية، هدد بها تليمة، ولمح إلى خطورتها وأنه لا يمكن الإفصاح عنها على الملأ، وقال إنه ينأي بنفسه عن ذلك حرصًا علي سن إبراهيم منير ومجموعته.
ولم يكن لإبراهيم منير أى وزن أو ثقل تنظيمى داخلى قبل عام 2013.
وهو ما تغير لاحقًا خاصةً بحكم علاقاته الوطيدة بالجماعات الحقوقية الدولية للهجوم على مصر، وكذا علاقاته بالقيادات السياسية والحزبية البريطانية، وبأعضاء مجلس العموم البريطانى فى لندن، مقر التنظيم الدولى للإخوان، واستغلالها كأداة للضغط على مصر.
ناهيك عن علاقات منير القوية بالاستخبارات البريطانية، التى عقد عدة لقاءات مع ممثلين لها لعرقلة مساعى وتحركات بعض نواب البرلمان البريطانى لتصنيف الإخوان «جماعة إرهابية».
وهى العلاقة التى استخدمها إبراهيم منير بعد ذلك فى تهديد المعارضين له داخل الجماعة.
وضعت المعادلة الجديدة للجماعة والتنظيم الإخوانى، فى «الشتات الإخوانى» الجديد، «مغارة على بابا» من ماليات وتبرعات إخوانية بملايين الدولارات فى قبضة المجموعة القطبية الرباعية بما يطالها من تهم فساد لا أول ولا آخر لها.
كما سبق أن تصاعدت حالة الغضب ضد إبراهيم منير إلى ذروتها، بعد تصريحاته الصادمة وتنكره وتخليه عن شباب التنظيم الإخوانى، وأسر سجناء الإخوان فى مصر، فصرح للجزيرة القطرية، «لم نجبر أحدًا» و«ماقولناش لحد يبقى إخوان»، و«الباب مفتوح أمام الجميع من أيام عبدالناصر لمن يريد أن يخرج من الإخوان أو يدينهم ويتبرأ من أفكارهم».