بدون ذكر أسماء 1 | العاهرات.. اللعوب والعجوز والبحر

فى السطور التالية سوف أسرد لكم قصصاً وحكايات ربما فيها كثير من الواقع، ولكنها غريبة بعض الشيء أبطالها ربما نقابلهم فى حياتنا أو نسمع عنهم أو نقرأ أخبارهم ويشار لبعضهم بالبنان، وكنت منذ فترة أنوى كتابة حلقات لأجمعها فى كتاب تحت عنوان «بدون ذكر أسماء» لكني عدت فى قرارى أو تكاسلت، ولكن هذه المرة ربما بتشجيع عدد من الأصدقاء وبعض القراء دفعنى للخطوة الأولى وأبدأ.. وبسم الله الرحمن الرحيم.

بداية جرى العرف فى الحياة العامة أن مصطلح العاهرة هو سيدة أو فتاة تغوى الرجال أو بـ«العرف الدارج –شمال-»، سواء كانت كبيرة أو صغيرة، والعاهرة ترتدى ملابس مثيرة، وكل عاهرة ومستواها المادى، يعنى توجد عاهرات يرتدين ملابس مكشوفة فقيرة وتجد أماكن محددة للذهاب إليهن، إما بشوارع معينة أو شقق معروف أسماؤها ولا تخطئهن العين، وإما أن تكون العاهرة ذات تفكير أعلى فتجدها مثل الصورة التقليدية فى أفلام الأبيض والأسود فى البارات والحانات، ولهن «كبيرة» أو «كبير» يطلق عليه «المعلم» أو «القواد»، وزمان جداً أيام الاحتلال الإنجليزى كان يطلق على القواد «أبو حمدات» وكانت العاهرة تستخرج رخصة لممارسة مهنة الدعارة ويتم الكشف عليها دورياً، وتطورت أشكال هذا المشهد بعد إلغاء تصاريح الدعارة، وأصبحت العاهرة مطاردة من القانون والمجتمع والضمير الجمعى، وأصبحت السيدة التى تقترب من ذلك الطريق، إما أنها ذات ميول لهذا الطريق الحرام، أو أن ظروف الفقر دفعتها لهذا الطريق حتى لو كانت دميمة أو ذات ثقافة وتعليم، أو أن السيدة التى تختار هذا الطريق تكون ذات ثقافة وعلم وشكل جميل ولكن هذا الطريق أصبح بالنسبة لها منهج حياة، وشاهدنا أفلاماً بعدد شعر رءوسنا يصف هذه الأشكال، وجسّد إحسان عبدالقدوس ذلك لبطلات كثيرات فى أفلامه، إما أن تكون العاهرة تتسكع الطرقات أو داخل شقة بسيطة أو تسكن قصراً منيفاً وسيارة فاخرة وتجالس الكبار.. لكن من أين جاءت وكيف بدأت طريقها؟ الحديث يطول وربما حكاياتنا التى سنسرد كثيراً منها ستسلط الضوء على هذا الصنف الجديد من العاهرات اللائى غالباً ما يكن من بيئات بسيطة ونلن قسطاً كبيراً من التعليم ولديهن مسحات من الجمال وبعض قوة الشباب، ويستخدمن طرقاً جديدة للدعارة غالباً ما تكون على يد مأذون، ولكن المأذون فى هذه الحالة ما هو إلا ستار لتقنين الوضع وحماية الداعرة من الوقوع فى مخالفة القانون، وكذلك هو إحدى طرقهن لعدم إفلات الضحية أو الفريسة إلا بعد أخذ كل ما يردنه منه، وغالباً الضحية إما ثرى شاب أو ثرى عجوز أو ثرى ليس لديه تجارب غرامية سابقة أو ثرى خارج من تجارب محبطة، أو ثرى لديه عقدة مطاردة الغانيات ويوضع له الطعم الذى يجلبه ويبتلعه دون أن يشعر، المهم فى كل ما سبق دراسة الضحية من كل جوانبها حتى يكون التخطيط سليماً ومضبوطاً وتكون الأهداف محددة، فهل المطلوب كل الأموال أم نصفها أم مجرد الخروج بشقة وسيارة أو مجموعة من المجوهرات أو الخروج بقسيمة زواج اسمها مكتوب بجوار الضحية لأنه ذو صيت، وبعد ذلك من خلال قسيمة الزواج والطلاق تستطيع العاهرة شق طريقها السليم وسط طبقة ما من المجتمع حددت لنفسها من قبل كيف تدخل لها.. وهذه طرقها.. «بالحيلة و«المسكنة» وادعاء العوز والحاجة، لأن قلب الضحية «طيب حبتين» ما يضرش!.. «عن طريق أن كل أصدقاء الضحية يطاردونها وهى تلجأ له ليحميها» دخلة كويسة برضه.. «عن طريق أن تعمل لديه» وماله.. «عن طريق الجلوس فى الأماكن التى يجلس فيها الضحية» خير وبركة.. «عن طريق الدلع والدلال» هو دا.. «عن طريق دراسة شخصية الضحية» فإذا كان يفتقد الحنان تديه، بيحب الأكل تتحدث عن شطارتها فيه، بيحب القباحة يأخذ كلام قبيح، بيحب التفخيم فى ذاته والتفضيل عن غيره يأخذ، المهم دراسة شخصية الضحية جيداً.

والحقيقة أن آخر 15 عاماً ومع تطورات التكنولوجيا وظهور الفيس بوك أصبحت تلك الساحة مرتعاً للعاهرات إما أن يؤسسن صفحات مكشوفة علناً بدلاً من التسكع فى الشوارع والحانات والبارات وبعض الأندية أو أنهن يرتدين مسوح الصالحات والمؤدبات.. «وأنا بنت ناس يا ناس»، ويخفين معالم حياتهن وأصولهن ويرتدين بعض الملابس التى تخفى عفونتهن الجسدية والفكرية والسلوكية، وشوية صور مع بعض من يشبههن مع شوية «ساسبنس» والزبون هييجى لوحده، وبعضهن ممن لا يطقن الانتظار يكتبن الجملة الأشهر «الخاص ممنوع» بالضبط مثل الجملة التى توضع على العقارات أو الأراضى المعروضة للبيع «هذه الأرض ليست للبيع أو المشاركة للاتصال ويكتب الرقم ووسائل وقنوات الاتصال».

أما الصنف الجديد واللائى من الصعب توجيه تهم لهن لأنهن يصطادن الزبائن بطرق قانونية ومشروعة وهى الصور المثيرة وغير المثيرة على تحبيشة أدعية على شوية أحاديث مأثورة على تتبيلة صور مع شوية مشاهير وجدتهم فى طريقها، على حفنة أدعية حسبى الله فى الناس التى تتهمنى فى فلان بك وعلان باشا «كدا اتعشت» ومرحباً بك فى عالم العاهرة الجديدة، و«مايضرش» شهادة ماجستير أو دكتوراه تسبقها أحيانًا، ما هى اتعلمت فوجدت التعليم لم يحقق طموحها المالى يبقى تلعب بشوية الأنوثة والدلع وتصطاد الزبون الصح والطريق للمأذون والقسيمة، ومن المؤكد ستصل بهذا للشقة والسيارة والحساب بالبنك والألماس والسفر والفنادق وربما الفيللا والطائرة، وهى زوجة فلان الحالية التى بدأت حياتها ممرضة وتنقلت من زيجة لأخرى «تكبش» وتأخذ فى إطار قانونى، وتقول لنفسها «النجمة السينمائية التى أصبحت أثرى واحدة وكانت من حارة فى فيصل تزيد عنى فى إيه؟».. شوية تلميع الفيس بوك هيلمعنى وشوية الصور على حبة إشاعات مطاردات من أسماء رنانة هتظبط الدنيا، بطلاتنا سيكن بعض من الضالات إما عاملات بسيطات أو سكرتيرات أو مدلكات أو مدربات أيروبكس أو حفنة ممرضات أو بعض الضالات من الطبيبات أو حاملات لشهادات ماجستير أو دكتوراه فى علوم حيوية أو إنسانية، أو مهندسات أو بائعات أو نادلات أو سيدات بكل أسف متزوجات، ولكن يعرفن على أزواجهن رجالا آخرين بكل الادعاءات، وهذا هو الصنف القديم، فكما يصطاد الرجل سيدة جديدة تحت بند «زوجتى لا تريحنى» والموال الشهير المعروف دا، أيضاً تصطاد المتزوجة رجلاً بحجة أن «زوجها مش باسطها» أو لا ينفق عليها أو منكد عليها حياتها أو تكون مطلقة وعايز تسلك الطريق الرمادى وهؤلاء كثر.

غالبية من سنسرد بدون ذكر أسمائهن من بيئات بسيطة جداً أوقعن أو أوقع الحظ فى طريقهن أسماء لشخصيات كبيرة أو أبناء كبار أو أقارب مشاهير لتبدأ الحكاية وعلى رأى سميرة سعيد تبدأ حكاية وتروح حكاية مليون حكاية نفس البداية، نفس النهاية.

وأول ما يبدأ به قلمى فى تسطيره وهو لم يكن فى الحسبان حكاية العجوز البخيل ساكن الشقة الفارهة على البحر وصاحب المصانع الكبيرة، واللعوب حاملة الشهادات وأشياء أخرى.. كيف اجتذبته وكيف سيطرت عليه وغيّرت من طبيعة البخل التى عاش فيها وأعاش أسرته فيه وكيف اقتادته لفراش الزوجية بـ850 ألف جنيه ثمن ليلة لتنتهى الحكاية على يد مأذون و2 شهود وشقة وألماس ووديعة وطلاق وعودة وشائعات الرجال يعشقونها ليجن جنون العجوز السبعينى، ويخضع لسحر الشباب وألاعيب ومكائد العاهرة فى ثوب الفتاة اللعوب التى تجيد فن الماركتنج لبضاعتها الرخيصة، والتى تعمل فى أقدم مهنة على الأرض عرفتها البشرية، ولكن باتنين شهود ومأذون، وكيف أن عائلة السبعينى المخرف تبرأت منه لأنه رأى بعينيه خداع المرأة الشيطان له وهى تدبر وتخطط للاستيلاء على ثروته، ورغم ذلك لم يتأثر فهو يريد تعويض ما ذهب من عمره من حرمان وتقليد أقاربه فى الغراميات قبل أن يدخل قبره.