أسامة الأزهري: ثلاثة أرباع الدين إنسانية ورحمة وربعه شعائر لا تقبل من فاقد الإنسانية
ألقى الدكتور أسامة الأزهري مستشار رئيس الجمهورية للشئون الدينية أحد علماء الأزهر الشريف خطبة الجمعة من مسجد الفتاح العليم بالعاصمة الإدارية الجديدة.
وبدء الأزهري، خطبة الجمعة بحديث، عبدالله بن سلام رضي الله عنه أنه قال - أَوَّلُ ما قَدِمَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم المدينةَ انْجَفَلَ الناسُ إليه، وهم يقولون قدم رسول الله ثلاثا-أي ثلاث مرات- فكُنْتُ فِيمَن جاءَهُ، فلما تَأَمَّلْتُ وجهَه واسْتَثْبَتُّهُ عَلِمْتُ أنَّ وَجْهَهُ ليس بوَجْهِ كَذَّابٍ قال: وكان أَوَّلُ ما سَمِعْتُ من كلامِه أن قال: أَيُّها الناسُ، أطعموا الطعام وأَفْشُوا السلامَ، وصَلُّوا بالليلِ والناسُ نِيَامٌ، تَدْخُلُوا جنةَ ربكم بسَلَامٍ.
وقال الأزهري، إن هذا البيان البنوي الأول في أول حلول وتشريف للنبي في المدينة المنورة وأول ما تشرئب الأسماع، وتصغي الأفئدة لأن تسمعه من بيانه الشريف، خاصة وأن للكلمات الأولى من الشخص المحبوب وقع في القلوب، موضحًا أن بيانه الأول جاء ميثاقًا عالميًا موجهًا للخلق جميعًا، فلم يقصد الأوس والخزرج ولم يتوجه بخطابه لقبائل العرب وعشائرهم فقط، بل للناس جميعا.
ليكون بيانًا في الهداية العامة التي تقيم الجسور والمشتركات بين البشر
ومن عجائب البيان النبوي الأول أنه بدأه لا بإقام الصلاة والفرائض وأنصبة الزكاة بل بدأ بترسيخ لبنات الإنسانية الكاملة التي هي المهد والمحضن الأول الذي تنبت فيه معاني التدين.
فكان أول ما نادى به: "أطعموا الطعام"، ثم انتقل إلى جسور الود والتعاون بين البشر: "وأفشوا السلام"، ثم جمع قلوب بعضنا على بعض حتى لاتشغلنا حركة الحياة عن البعد فقال: "وصلوا الأرحام"، ثم انتقل إلى الشعائر وقال: "وصلوا بالليل والناس نيام".
وأضاف: ميثاق عظيم انعقدت لمثله أروقة الأمم المتحدة لوضع رؤية وخريطة لاهتمامات العالم 2030 وكان الغرض من هذا الميثاق أن تجتمع جهود حكومات العالم على اختيار القضايا التي تشغل البشر جميعا للعمل على تحقيقها بحلول 2030 وكان هذا البيان متعلقا بالتنمية المستدامة فاجتمعوا على 17 قضية ومن العجب أن القضية الأولى هي محاربة الجوع - لا للجوع- وتلك هي الكلمة الأولى من بيان النبوة الأول في المدينة أطعموا الطعام.
وأوضح الأزهري أن الفطرة الانسانية إذا صفت وتجردت وأرادت أن تكون إنسانية كاملة فإنها تلتقي بلاشك مع أنوار الوحي الشريف الذي يهذب الإنسان ويرهقه ويلين قلبه وقال صلى الله عليه وسلم ه أول ما قال أطعموا الطعام، مطالبًا بتحويل هذا الأمر النبوي إلى مؤسسية بحيث يكون من قضايا المسلمين في العالم ألا نغادر على وجه الارض جائعا قط، وقوله أفشوا السلام - ولا ينفذ بصورة فردية بل تتوجه همم المسلمين إلى إيصال رحمة الله إلى العالمين وإطفاء كل الحروب على ظهر الأرض.
وندد بما يصدر من تصرفات تسيء للإسلام من مقاطع تظهر قطع المجرمين للرقاب أو تخريب العمران وإحراق الانسان حيا مع التكبيل ونسب هذا الجرم للشرع الشريف، مناشدا: املؤوا قلوبكم رحمة بالأكوان فإن امرأة دخلت النار في هرة وأن امرأة دخلت الجنة في كلب سقته فكيف بالإنسان المعظم الذي هو غاية الكون، مشيرًا إلى أن هذا الحديث يبين ثلاثة أرباع الدين انسانية والربع الباقي هو شعائر.
ووجه الأزهري قائلا: اجعلوا شعار هذا الأسبوع قول الله" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ ۖ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ۖ
واختتم الدكتور أسامة الأزهرى خطبة الجمعة بعدة رسائل: املأوا الدنيا بالرحمة والللين، اجبروا خاطر الانسان وارفعوا عنه المعاناة، واسعفوه في وقت الشتاء، فرجوا كربًا واطردوا جوعا، وصلوا رحما، واطفئوا حربا، ونورا عقلا وابنوا وطنا ثم الإقبال الكامل على ال.له