منال لاشين تكتب: الشهيرات أيضا ضحايا عنف الرجال

مقالات الرأي



علقة ساخنة لوزيرة يوم خروجها وأخرى حمدت ربها أن زوجها أصيب بالشلل

مذيعة شهيرة لزوجها: أبعد الحزام عن وجهى

وكيلة كلية: الخلع أنقذنى من ضرب زوجى

فى كل عام يمر اليوم العالمى لمناهضة العنف ضد المرأة بأرقام وإحصائيات وقصص وحكايات عن العنف أو الضرب الذى تتعرض له النساء سواء على يد الأقارب أو الأغراب، فى أوروبا أو أمريكا يمكن أن تتصدر عناوين الصحف فى ذلك اليوم قصص ممثلات أو سياسيات من الشهيرات عن تعرضهن للضرب أو العنف الجسدى أو الجنسى، ولكن فى مصر والوطن العربى لا ننظر للمرأة التى تتعرض للعنف على أنها ضحية ولم تخطأ، بل يرى بعضها أنها مسئولة بشكل ما عن أزمتها وضربها، ولذلك كان من الطبيعى ألا تعترف المرأة المصرية من الشهيرات بتعرضها للعنف أو الضرب، هذه الفئة محرومة حتى من حق الشكوى والتنفيس عن الغضب والألم والإهانة التى تدمر نفسيتها وحياتها، ولكن فى بعض الأوقات وخاصة مع مساحة من الثقة وثقل الذكريات المؤلمة يكون البوح، بالنسبة للوزيرات أو المسئولات الكبيرات، فإن فقدان المنصب شرط ضرورى للبوح، فمهما اشتدت الآلام وتوحشت فإن البوح خلال الوجود فى السلطة هو أسهل طريق لفقدان السلطة.

والمثير أنه رغم أن صاحبات هذه الحكايات لم يلتقين أبدا فى جلسات خاصة إلا أن ثمة جملة واحدة تتردد بنفس الكلمات تقريبا، جملة يجب أن تسمعها كل امرأة أو زوجة.. جملة تقول، فى العنف لا توجد مرة أولى وأخيرة، فمن يمد يديه عليك سيكرر فعلته، لا توجد وسيلة سوى الانفصال بعد المرة الأولى مباشرة، وبالانفصال فقط تتحول المرة الأولى فى العنف إلى الأخيرة.

1- زواج الصفقة

لم تكن العلاقة بينها وبين زوجها جيدة أو مستقرة قبل أن تتولى المنصب، كان بينهما فارق ليس كبيرا فى السن، ولكنه لصالح الزوج، كان الزوج أصغر منها سنا بنحو تسع سنوات، وجمعهما الحب، ولكنهما لم يراعيا هذا الحب فكان أن تسلل من نافذة الخلافات وأبواب الشتائم المستمرة من الزوج لها، وقبل أن يصل الأمر بالزوج إلى ضربها جاءتها الوزارة، فاستعاد الرجل رغبته فى استمرار العلاقة مع سيادة الوزيرة، ونسى فارق السن الذى كان يزعجه، واستفادت شركته من اللقب الجديد (زوج الوزيرة) وانتعشت أعماله، وبدا حريصا على أن يمضيا الوقت القصير الذى يقضيانه معا بعيدا عن الخلافات والشجار، صدر لها وجه البشاشة وأعاد على مسامعها كلمات الحب، وابتعد عن أى علاقة مع امرأة أخرى تثير غيرتها أو شكوكها، باختصار كانت علاقتهما رائعة وشهر عسل دائم، وقعت الوزيرة فى الفخ، إنها فى النهاية امرأة تتمنى الاستقرار والسعادة فى زواجها، إنها ابنة عصرها حيث الطلاق أثم تتحمله المرأة وتحمله على ظهرها طيلة عمرها، حمل يعيق حركتها ومستقبلها ورحلة صعودها، ولذلك لم تفكر كثيرا فى التغير الذى طرأ على زوجها بعد توليها المنصب الوزارى، فالأخبار السعيدة لا تتبرر، عاشت فى وهم وسعادة فى البيت ساعدتها على التفرغ لمشاكل العمل، كانا يقضيان إجازات قصيرة ولكنها مؤثرة لاستعادة المشاعر، حتى جاءت ليلة خروجها من الوزارة، كانت تشعر بإحباط واكتئاب حولا كل شىء فى عينيها إلى اللون الأسود، وكان الظلام عميقا وكأنه صادر عن قاع بركان، أغلب الوزراء يتصورن أنهم مخلدون فى مناصبهم، وبعضهم يستنشقون هراء السلطة حتى تختلط بدمائهم، فيتحول المنصب إلى إدمان، ويصاحب الخروج من المنصب خروج المخدر من الجسد، فى قمة آلام انسحاب السلطة من حياتها فوجئت بالكارثة، الزوج يتألق استعدادا للخروج، ويتحدث مع امرأة ما ليؤكد على اللقاء، تفجر غضبها وهى تسأله كيف يتركها فى هذه الحالة، ومن هى المرأة المهمة التى يتألق لها، طلبت منه ألا يتركها حزينة مكسورة، فإذا بيده تمتد على خدها بقلم سمعت زلزلته وسط ألمها، صرخت غير مصدقة فرد على صرختها بضربات مختلفة ومتنوعة اشتركت القدم مع الأيد وضربها (علقة موت)، وقال لها إن هذه العلقة لتعرف وضعها الحالى، قد ضاع المنصب الذى اضطر إلى تحملها من أجله احتملت الضرب لفترة، كان قرار الطلاق بعد فقد المنصب يحرجها، وقعت فى فخ الخوف من القيل والقال، وعار أن يعرف الإعلاميون قبل السياسيين أن زوجها يضربها لأنها تركت المنصب، تحملت الضرب والعنف والإهانة لمدة تقرب من العام، اختفت خلالها عن أى أضواء، ولم تجد صعوبة فى ذلك فالوزير السابق لا يجذب الانتباه، وبعدما تاهت فى مدار النسيان طلبت الطلاق.

2- الغيرة المجنونة

هذه الوزيرة السابقة كانت ملء السمع والبصر، من أفضل المسئولين فى مصر رجالا ونساءً، ولكن قدرها أن زوجها كان يتمنى أن يصبح وزيرا، ولتحقيق حلمه أقام دوائر علاقات من الكبار، ولكنه فوجئ باختيار زوجته للمنصب الوزارى، اشتعلت الغيرة فى قلبه وحرقت أسلاك الحكمة فى عقله، فقد القدرة على الاستماع على أى شىء وكل شىء، تفرغ لإيذاء زوجته، فى البداية علاقة مع راقصة ليحرجها ويخرجها من الحكومة، ولم تفحل الحيلة، أراد إذلالها فتزوج طالبة من الكلية فى سن ابنتهما، تحملت جراحها وأغلقت عليها فى صندوق مغلق فى أعماق قلبها، عاشت لأولادها وعملها فأجادت فى عملها، وزادت الثقة فى شخصيتها، فزاد جنون الزوج، أوصلة الغيرة إلى سلوك العنف والضرب، بدأ فى مد يديه على زوجته، عرفت بذكائها أنها دخلت دائرة الشيطان، فالمرة الأولى لم ولن تكون الأخيرة، تحملت الضرب والعنف سنوات، ولم يرحمها سوى رحمة الله، غيرته تحولت إلى غضب تعربد فى رأسه وينهش جسده، فأصيب بجلطة كادت تقتله، ولم تتركه إلا مشلولا فاقدا القدرة على إيذا زوجته.

3- رحمة الخلع

كانت أستاذة جامعية لامعة وصلت شهرتها إلى شاشات التليفزيون قبل انتشار الفضائيات، ووصلت إلى منصب وكيل الكلية، كانت أما لثلاثة أبناء، ما بين خوفها عليهم وخشيتها على مسيرتها تحملت شخصية زوجها العصبية المتهورة، ضربها كثيرا واعتذر لها أكثر، ولم تعد تحتمل الضرب ولم تعد تصدق توبته، إنه يرفض الطلاق فى هدوء، متسمكا بأنه عرف خطأه، ولم يكرر فعلته، قالت لى إنه لم يكن يؤمن فى قرارة نفسه بخطيئته فى حقى، لم يكن يتصور أن مجرد الضرب بدون قسوة هو إهانة تدمرنى، ظلت تنتظر الفرج حتى أقر قانون الخلع، فخيرته بين طلاق بلا فضائح أو خلع سريع، وهكذا انتهت مأساتها.

أما مأساة المذيعة الشهيرة الجميلة بنت الأصول فلم تنتظر الخلع، بقدر حظها فى الجمال والشهرة والعائلة الشهيرة بقدر سوء بختها فى الزواج، ثلاث زيجات تنتهى ما بين وفاة أو طلاق، زواجها الثانى كان من رجل أعمال لمع اسمه قبل لقائها بفترة، قدم لها حبه وشقة فى المهندسين وشبكة ماسية كانت مثار الإعجاب تارة، والحسد تارة أخرى، بعد فترة أدمن زوجها الهيروين.. وكان الهيروين موجة جديدة فى ذلك الوقت، كانت تتملكه حالات جنون لو لم يجد المخدر، كان يضربها بالحزام، فكانت تخفى وجهها حتى لا تظهر عليه آثار الفضحية، وتبتلع الألم حتى لا يفضحها صراخها، لقد ربتها أسرتها على الوقوف بجانب زوجها وتحمله (بنت الأصول لا تتخلى عن زوجها فى أزمته ).. هكذا تحملت الألم والإهانة على أمل أن يعالج نفسه، وعندما يئست من إصلاحه طلبت الطلاق، وحرصت على أن تربى ابنتها على درس مهم، الإهانة والضرب من جانب الزوج ليست لحظة استثنائية، ولذلك يجب أن تكون المرة الأولى هى الأخيرة، حين تمتد يد الزوج على زوجته يجب قطع العلاقة الزوجية.