محمد مسعود يكتب: أساطير الدراما 20.. «بكيزة وزغلول» صاحبة السعادة تفتح خزينة الأسرار بعد 33 سنة من عرضه
سهير اشترطت فى عقدها مع الشركة أن يحتل اسمها صدارة التيتر.. وصلاح قابيل طلب اسمه بعدها.. فقررت وضع اسمى كمؤلفة لا كممثلة
المسلسل تم تصويره فى 24 يوما فقط بفيللا فى ميدان المساحة بالدقى
العمال كادوا يفتكون بسهير فى مشهد «الكشرى».. والعدس والصلصة التصقوا بالكاميرا
عادل إمام رفض تمثيل المشهد الأخير كضيف شرف.. وبعد عرض 3 حلقات من المسلسل قابلنى وطلب تصويره لكننا كنا صورناه بسمير غانم
سهير رفضت عمل جزء ثان من المسلسل بعد عرض الفيلم خوفا من انحصارها فى شخصية «بكيزة»
بعد حجاب سهير قدمت جزءًا ثانيًا بعنوان «زغلول يلمظ شقوب» ولم يعرض حتى الآن لعدم صلاحيته الهندسية.. وأفكر فى كتابته من جديد
بعد مسرحية «الدخول بالملابس الرسمية» فكرت فى تيمة الأيدى الناعمة وكتبت المسلسل بالاتفاق مع سهير وقدمناه إلى المنتج حسين القلا
رقابة الشركة المنتجة رفضت العمل بحجة أنه مثل «توم وجيرى» قلت لهم : برافو وزى «لوريل وهاردى» كمان.. فوافقوا فورا
أثبتت التجربة أن الفنانة الكبيرة إسعاد يونس، ليست مجرد ممثلة موهوبة، شقت طريق نجاحها بصعوبة، بل هى مشروع فنى متكامل، فكما أثبتت موهبتها كممثلة.. أكدتها كمؤلفة.. وبرهنت عليها كمنتجة وموزعة.. وقدمت كل الأدلة التى تؤكدها كمقدمة برامج من الطراز الرفيع.
إسعاد يونس، تاريخ، لم يخل من العظمة والإنسانية، والعلامات المضيئة.. فى وسط قلما وجدت فيه من يجمع كل هذه الصفات الأصيلة فى شخص صاحبة السعادة، رحبت بفتح بئر أسرارها الخاص برائعتها الخالدة «بكيزة وزغلول» وقالت بعفويتها وخفة دمها الكثير من الأسرار والمواقف التى توقعناها.. لكن لم يقترب أبدا توقعنا من الحقيقة.
1- الدخول بالملابس الرسمية
فى عام 1979، قدم المخرج الكبير السيد راضى رائعته المسرحية «الدخول بالملابس الرسمية» عن نص للكاتب الكبير بهيج إسماعيل، واختار المخرج الكبير أن يسند البطولة للثلاثى سهير البابلى وإسعاد يونس وأبوبكر عزت.. وما إن بدأ عرض المسرحية حتى حققت النجاح الكبير الذى ربما فاق تصورات صناعها.
ومع أيام العرض ولد من رحم النص المسرحى ثنائى كوميدى مذهل، مكون من الكبيرتين سهير البابلى وإسعاد يونس، وعلى ذلك تطورت العلاقة لتتحول من خانة الزمالة فى عمل، إلى صداقة متينة بين النجمتين الكبيرتين.. وظلت الصداقة مستمرة بعد نهاية العرض المسرحى وعرضه تليفزيونيا من إخراج الراحل أحمد توفيق.
سألت إسعاد يونس عن علاقتها بسهير البابلى فى المسرحية فقالت لى «كنا أشبه بعلاقة القط والفأر طوال أيام المسرح، وبعد أن أنهينا المسرحية بقينا صديقتين بنفس المنطق، وقتها فكرت فى أن أضع هذه العلاقة فى مسلسل أبدأ فى كتابته، وعرضت عليها فكرة عمل مسلسل مأخوذ من تيمة عالمية هى التى قدمها الكاتب الكبير توفيق الحكيم فى «الأيدى الناعمة»، وكنا على الدوام مثل القط والفأر.. وكانت كل خناقاتها معى بخفة دمها مادة دسمة بالنسبة لى.. إلى أن انتهيت بالفعل من كتابة المسلسل فى 14 حلقة، لم أكن وقتها أقدم الحلقات لسهير كى تقرأها.. بينما كنت كلما تقابلنا أحكى لها بعض ما كتبته.. وبعد أن انتهيت من الكتابة بدأت رحلة البحث عن شركة إنتاج».
2- المسلسل مرفوض
لم تشعر إسعاد يونس بالصدمة حينما قال لها المنتج حسين القلا أن رقابة شركة الإنتاج التى يملكها رفضت سيناريو المسلسل «بُص إحنا روحنا أنا وسهير للمنتج حسين القلا.. وقتها كان أهم منتج سينمائى فى مصر.. وكانت الشركة الخاصة به بها لجنة قراءة يرأسها سمير نصرى، قدمنا سيناريو المسلسل لحسين.. بعدها أخبرنى أن سمير نصرى رفض المسلسل.. سألته عن سبب الرفض وأنا فى منتهى الهدوء.. رغم أنى لم أكن أعتقد أبدا أن مصيره سيكون الرفض.. فقابلنى بسمير نصرى فى حضوره وسأله عن سبب رفض السيناريو فقال له لأنه أشبه بتوم وجيرى.. قط وفأر.. قلت له كلامك مظبوط.. وشبه «لوريل وهاردى» كمان.. وهو ده المقصود.. وكانت المفاجأة بعد أن استمعا لما قلته وافق القلا على إنتاج المسلسل، رغم أنه كان ينتج وقتها مسلسلا حاز على إشادة الرقابة وهو مسلسل «عصفور النار» للكاتب أسامة أنور عكاشة والمخرج محمد فاضل، وكان كل الاهتمام الإنتاجى بالشركة ينصب على هذا المسلسل».
بعد موافقة الشركة على إنتاج السيناريو، انتقلت المهمة إلى البحث عن مخرج يستطيع أن يقدم الكوميديا الراقية التى كتبتها إسعاد يونس وتلعب بطولتها بمشاركة سهير البابلى «توافقنا على المخرج الكبير أحمد بدر الدين لأنه وقتها كان مكسر الدنيا.. كان قد قدم قبلها مسلسل رحلة المليون لمحمد صبحى 1984، ومسلسل الكابتن جودة لسمير غانم 1986.. وقرأ المخرج سيناريو المسلسل وكان وقتها متربعا على عرش المسلسلات الكوميدية.. ووافق على إخراجه.. وعقدنا أكثر من جلسة عمل.. وكان مودنا ماشى مع بعض.. واتفقنا خلالها أن هناك عددا من المشاهد بها مساحة للارتجال وهو ما حدث بالفعل فى مشاهد كثيرة بالمسلسل كانت وليدة اللحظة.. لأننى أنا وسهير ممثلات مسرح.. واتفقنا عند عمل الكاستينج على الاستعانة بممثلين ليسوا من نجوم الكوميديا حتى يخرج الضحك من رحم المشاهد.. وقلنا ياريت صلاح قابيل يوافق.. وأرسلنا له الحلقات ووافق بالفعل لأنه وجد أن السيناريو جيد وأن الضحك يخرج من كوميديا الموقف».
3- شروط العقد
وضعت الفنانة سهير البابلى شرطا فى عقدها مع المنتج حسين القلا، يقضى بأن تحتل صدارة التيتر على أن يكون بعد اسم الشركة المنتجة اسم سهير البابلى فى بكيزة وزغلول، بينما اشترط الفنان الكبير صلاح قابيل أن يوضع اسمه كبطولة بعد اسم المسلسل مباشرة.. لكن أين يقع اسم مؤلفة المسلسل وبطلته «أنا حسين القلا بلغنى باللى طلبته سهير.. وبلغنى بشروط صلاح قابيل.. قلت خلاص أنا من حقى إن اسمى يتحط كمؤلفة بعد اسم المسلسل مباشرة.. يعنى سهير البابلى فى بكيزة وزغلول، قصة وسيناريو وحوار إسعاد يونس.. وطلبت إن اسمى يتحط كمؤلفة لا كممثلة.. وعلى هذا الأساس تم عمل التيتر.. وفى نهايته كتب اسم الشخصية «زغلول» وليس إسعاد يونس».
4- شوائب
قالت لى الفنانة الكبيرة إسعاد يونس أن المخرج أحمد بدر الدين كانت «قرفته حلوة».. وانتهى من تصوير المسلسل بالكامل فى 24 يوم تصوير كانت الغالبية العظمى منها بفيللا فى ميدان المساحة بحى الدقى، لكن عندما سألتها عن الغيرة التى قد تحدث بين نجمتين تقتسمان بطولة عمل فنى لم تخف إسعاد يونس ما حدث وقتها رغم العلاقة الطيبة والحب المتبادل بينها وبين الفنانة الكبيرة سهير البابلى.. وقالت وهى تضحك ما حدث بالتفصيل.
«لما دخلنا نصور.. حسيت إن سهير كانت متحاملة عليا شوية.. وأنا طول عمرى الحاجات دى مبتفرقش معايا وقدرت أتحملها.. وكانت تعاملنى على أننى زغلول.. وأصبحت فى اللوكيشن خدامة بكيزة ولست بطلة وصاحبة النص.. ولأن خروج العمل بالشكل الأمثل هو رغبتى الوحيدة كنت بضخم الموضوع أنها فعلا الهانم علشان تعيش الكاراكتر أكتر وهو ما حدث بالفعل.. لكن مش معنى كده أن أيام التصوير كانت عصيبة أو فيها مشاكل.. على العكس.. كانت أيامًا جميلة جدا.. وعدت بسرعة جدا.. وكانت مساحة الارتجال عالية وخرجت فى أفضل صورة».
5- وليدة اللحظة
المساحة التى جاءت فى بعض المشاهد.. وتركتها إسعاد يونس كمؤلفة، بالاتفاق مع أحمد بدر الدين كمخرج، للارتجال، أخرجت كوميديا راقية جدا.. كونها كانت ناتجة عن مواقف.. منها على سبيل المثال، حسبما قالت لى صاحبة النص وبطلة المسلسل، الفنانة إسعاد يونس، مشهد الفيللا بعد عودة بكيزة من المستشفى وقد أجرت العملية الجراحية، وباتت فى حاجة إلى طبيب ليفك لها السلك، فاتصلت زغلول بالمحامى «طلعت» الذى لعب دوره الفنان حسن مصطفى وطالبته بإحضار طبيب وكان يجلس أمامه الدكتور «عمر» صلاح قابيل الذى ذهب إلى بكيزة وزغلول لفك السلك.. وصعدت زغلول لإخبارها بوصول طبيب وسيم جدا.. كانت حركات توضيب نفسها والحوار الذى دار بينهما وليد اللحظة.
كما كان مشهد فك السلك والعلقة التى حصل عليها الدكتور عمر من بكيزة أثناء محاولته فك السلك أيضا وليدة اللحظة.. لكن كان أكثر المشاهد ضحكا وكاد أن يتحول إلى كارثة هو مشهد الكشرى الذى حاولت بكيزة وزغلول بيعه للعمال الذين يعملون فى بناء العمارة المجاورة.
6- مشهد الكشرى
شخصيا اعتقدت أن المخرج استعان بمجموعة من الكومبارس ليظهروا وكأنهم عمال بناء فى العمارة التى كانت تحت التشطيب بجوار الفيللا التى تم تصوير أحداث المسلسل فيها.. لكن الفنانة الكبيرة إسعاد يونس قالت لى وهى تضحك أنهم كانوا عمالا حقيقيين.. ولم تكن سهير البابلى تعلم أنهم عمال حقيقيون.. «أنا لقيت أحمد بدر الدين واقف بيتكلم معاهم.. قلت أكيد فى مصيبة هتحصل.. أحمد بيدبر لنا حاجة.. روحت وقفت معاهم لقيته بيتكلم معاهم عن شهامتهم كأبناء الجنوب ورجولتهم وأن العمة هى تاج رؤوسكم ومن يقول لك أقلع العمة.. قم بضربه على الفور.. كان أحمد عارف أن بكيزة أو سهير هتقول لهم كده.. المهم أنا عرفت باللى حصل.. وسهير متعرفش.. فقررت أنى أغرف الكشرى وأدى ضهرى للكاميرا.. خوفت لطبق يطير يلبس فى وشى وأنا بصور.. وفعلا سهير اتعاملت معاهم كبكيزة وقالت لهم يقلعوا العمة وهما بياكلوا فقاموا كانوا فعلا هيضربوها راحت رامية حلة الكشرى فى وش الكاميرا اللى كانت هتروح بسبب الصلصة والعدس اللى لزقوا فيها».
كان من المنطقى أن تجد بكيزة وزغلول بعض العفاريت أو الحشرات أو الزواحف فى الفيللا الكبيرة.. وعلى ذلك اتفقت المؤلفة والفنانة الكبيرة إسعاد يونس مع المخرج أحمد بدر الدين على وضع ثعبان حى تحت لحاف بكيزة أو سهير البابلى.. ولم تكن تعرف سهير أيضا بما سيحدث لها.. «أنا وقفت مع الراجل اللى كان جايب التعبان.. وخلع سنانه وشال السم بالكامل.. ووضعناه تحت اللحاف.. وجاءت سهير وقالت ما فى المشهد وحينما رفعت اللحاف وجدت الثعبان يتحرك فصرخت صرخة كبيرة وصور المخرج رد فعلها الذى كان طبيعيا جدا.. لكن ما كاد يفسد المشهد أن حسن مصطفى كان موجودا وواقفا على باب الغرفة التى نصور بها.. وعندما وجد الثعبان جرى بكل قوته ووقع الممثلين والكاميرا ومخدناش بقية المشهد!!»
7- عادل إمام وسمير غانم
كتبت إسعاد يونس فى المشهد الأخير من المسلسل أن شقيقها «عفت العشماوى» يأتى.. وهو مشهد وحيد للشخصية وسيتطلب أن يقدمه أحد ضيوف الشرف.. فكرت إسعاد فى الاستعانة بالفنان الكبير الزعيم عادل إمام.. وذهبت إليه بالفعل لكن الزعيم رفض الظهور كضيف شرف لانشغاله أولا ولأنه لا يفضل فكرة الظهور كضيف شرف.. «أنا مزعلتش منه وقتها خالص لأن كل واحد صاحب قراره واتفقنا إن الفنان سمير غانم ييجى ويعمل المشهد.. ورحب سمير وصور المشهد فعلا.. المهم إن لما المسلسل اتعرض ووصل للحلقة التالتة لقيت المنتصر بالله داخل علينا فرحان جدا وبيقول مبروك المسلسل نجح.. قلت له إزاى يا منتصر.. قال لأن الشوارع فاضية.. وقتها اتصل بيا عادل وكان بيكلمنى فى وجود زوجته هالة.. كنا أصدقاء أنا وهالة وعادل وزوجى.. وقال لى هنجيلكم النهارده.. وبالفعل جاء.. وكان شاف الحلقات التلاتة اللى اتعرضت.. وقال لى أنا مكنتش عارف إن الموضوع لطيف كده.. أنا عايز أصور مشهد الفينال.. قلت له ياريت.. بس خلاص صورناه بسمير غانم».
8- الجزء الثانى
بعد النجاح الكبير الذى حققه المسلسل كتبت إسعاد يونس سناريو فيلم «ليلة القبض على بكيزة وزغلول» وحقق نجاحا على المستوى السينمائى.. لكن لماذا لم تقدم إسعاد يونس جزءا ثانيا من المسلسل «سهير بعد ما عملنا الفيلم رفضت أننا نعمل جزء تانى.. لأنها كانت عايزة تعمل أعمال يمكن أكثر جدية أو خافت أنها تتحبس فى شخصية بكيزة ومتعرفش تخرج منها.. لكن بعد اعتزالها وارتدائها الحجاب عملت جزء تانى فعلا اسمه «زغلول يلمظ شقوب» وكان من إنتاج وائل عبدالله وإخراج مدحت السباعى وشارك فى بطولته معى كل من حسن حسنى، جميل راتب، حسن كامى، محمد رضا، جورج سيدهم، علاء ولى الدين، إبراهيم نصر، ليلى شعير، محسنة توفيق، لطفى لبيب.. لكن للأسف بعد تصوير المسلسل بالكامل وجدوه غير صالح هندسيا.. الصوت كان سيئا للغاية طوال أحداث المسلسل.. لكننى الآن أفكر جديا فى كتابته وتقديمه مرة أخرى».
يبقى أن أذكر لكم أن الفنانة إسعاد يونس حصلت على 60 ألف جنيه نظير التأليف والبطولة فى ملحمتها الدرامية «بكيزة وزغلول».